أنهت الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري المعارض مباحثات استمرت أياما مع أعضاء المكاتب السياسية لأكثر من 15 فصيلا عسكريا حول خطة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
ومن بين الفصائل "أحرار الشام" و "جيش الإسلام" و "فيلق الشام" و "جيش المجاهدين" و "جبهة الأصالة والتنمية" والفرقة 101، و"الجبهة الشامية" وكتائب "نور الدين الزنكي" وغيرها.
واعترض المجتمعون على خطة السلام الدولية التي اقترحها دي ميستورا، دون أن يعلنوا موقفا رسميا، مكتفين ببيان يؤكد تمسكهم "بمبدأ الحل السياسي وبيان جنيف، وقرارات مجلس الأمن القاضية بتشكيل "هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات" دون أي وجود للرئيس السوري بشار الأسد، سواء في المرحلة الانتقالية أو سوريا المستقبل".
وعلى الرغم من السقف السياسي العالي الذي أعلنه الائتلاف والفصائل المسلحة من خطة دي ميستورا، لا يبدو أن الائتلاف قادر على رفض الخطة بعدما حظيت بإجماع دولي عبر تبنيها في مجلس الأمن الدولي.
ويجد الائتلاف نفسه في موقف لا يحسد عليه، فإن رفض الخطة سيبدو كمن يغرد خارج السرب الدولي ويدخل في مشكلة مع الدول الداعمة له، مجموعة "أصدقاء سوريا" وعلى رأسها الولايات المتحدة التي لن تسمح له بالاعتراض على الخطة وعدم المشاركة في اللجان الأربع، لاسيما أن الخطة الدولية تراعي المسارين العسكري والسياسي معا.
من جهة ثانية، قد يؤدي قبول الائتلاف الخطة والمشاركة في تنفيذها إلى مشكلة داخل مكوناته، وقد ظهرت ملامح ذلك من خلال اعتراضات أعضاء في الائتلاف على تأخر خالد خوجة في إرسال الرد إلى الأمم المتحدة.
وتتنازع الائتلاف رؤيتان: رؤية تقبل بالخطة والمشاركة فيها وتطويرها بما يتلاءم مع موقفه خوفا من خروجه خارج اللعبة السياسية، أما الرؤية الثانية، فتدعو إلى رفض الخطة بالكامل وعدم المشاركة فيها وهي أولا رؤية الإخوان المسلمين الذين أعلنوا صراحة قبل عشرة أيام رفضهم الخطة في صيغتها الحالية.
يمثل التيار الأول، أولئك المرتبطين بعلاقات قوية مع العواصم الغربية، في حين يمثل التيار الثاني أولئك المرتبطين بأنقرة والدوحة.
ويبدو أن التيار الأول هو الذي ستكون له الغلبة، وهو ما بدا واضحا في البيان الذي صدر عن اجتماع الائتلاف مع الفصائل العسكرية، "توافقت المعارضة السياسية والعسكرية على ضرورة التواصل المستمر ورسم استراتيجية مشتركة للمرحلة المقبلة نابعة من مطالب الشعب في الحرية والكرامة"، دون أي موقف رسمي لعدم المشاركة في الخطة.
لكن الجديد الذي أقدم عليه الائتلاف هذه المرة بخلاف ما جرى مطلع 2014 مع "جنيف 2"، أنه سيشارك في الخطة الدولية وهو محصن بدعم أكثر من خمسة عشر فصيلا عسكريا معارضا يعتبرون الأكثر أهمية في الساحة الميدانية، في محاولة لفرض شروطه أو بعضها في المفاوضات المقبلة.
غير أن موقع الائتلاف ومكانته اليوم تختلف عما كان عليه قبل عامين، فبعدما كان يحظى بتأييد قوي من قبل الدول الغربية باعتباره الممثل الرئيسي للمعارضة السورية، أضحى اليوم في تراجع في ظل مطالب المجتمع الدولي بتوسيع قاعدة المعارضة وإدخال قوى أخرى في عملية التفاوض، وعدم حصر المعارضة بالائتلاف وحده.
وأمام هذه المتغيرات، يأمل الائتلاف أن تؤدي التطورات الميدانية المعقدة في سوريا والتناقضات الإقليمية الحادة بين القوى الفاعلة في الأزمة السورية إلى تفريغ خطة دي ميستورا من معناها، وبالتالي سقوطها كما سقطت المبادرات السابقة.
https://telegram.me/buratha