محمد كسرواني
ما هي أسباب التقارب الغربي من طهران؟لم تعد إيران لاعباً يستهان به دولياً. منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم تبدل المشهد كثيراً. ملامح التغيير تتجلى بشكل واضح في مسار الموقف الاميركي والبريطاني. تساؤلات عدة تطرح في هذا السياق أبرزها ما الذي قلب موازين القوى العالمية؟ ولماذا "تزحزح" العالم اليوم عن مقعده قليلاً ليُجلس الجمهورية الإسلامية في "صالونات التفاوض العالمي"؟ وهل دخلت العلاقات الايرانية ــ الاميركية مرحلة التحوّلات المفصلية؟
يعد تغيّر طبيعة المشاكل الإقليمية والدولية اول الأسباب التي جعلت من طهران طرفاً فاعلاً في المنطقة. برأي المحلل السياسي والخبير بالشأن الايراني محسن صالح، فإن إيران نجحت في اكتساب مقعد مهم في التفاوض البناء للحلول نتيجة تداخل الأوراق الإقليمية الجديدة، معتبراً في حديث لموقع "العهد" الإخباري، أن الموقف الايراني حافظ دائماً خلال المفاوضات على شفافيته، خاصة وأنه تمكن من الحصول على ثقة الغرب بعد إقناعه بمنطقه البناء.
ويضيف صالح: هناك سبب آخر جعل من إيران النووية قوةً في المفاوضات العالمية. فالجمهورية الاسلامية اليوم المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعالمين العربي والإسلامي، انتزعت من العالم مشروعية عملها السلمي في الملف النووي، عبر إفادات تقارير المنظمات العالمية ولا سيما "وكالة الطاقة الذرية"، فيما يؤكد الخبير الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية مصيب النعيمي أن طهران استطاعت بعد محادثاتها مع الغرب إثبات حسن نيتها، لا سيما وأنها بذلت في حواراتها مع الدول الست كل الجهود الطيبة لإثبات مشروعية حقها في حيازة الطاقة النووية السلمية.
سبب ثالث يضاف لوصول إيران الى "مقعد التفاوض العالمي"، يعتبر النعيمي، في حديث لموقع "العهد الاخباري"، ان حسن تدبير الجمهورية الإسلامية لمواجهة العقبات الغربية زاد من قوتها، شارحاً كيف أن بلاده استطاعت تحويل العقوبات الغربية عموماً والأميركية خصوصاً لنقاط تحفيزية في مثابرة عملها في الشأن العلمي والتقني لتطوير الصناعات والطاقات المحلية. ويشدد على أن الغرب أدرك فشل مساعيه عندما لمس التقدم العلمي الايراني.
الصمود الايراني تجاه الغربويرى النعيمي وصالح أن صمود ايران غيّر النظرة العالمية تجاهها، حيث جعل منها قوةً عظمى لا بدّ من التفاوض والحوار معها بغية رسم سياسية "العالم الجديد". واعتبر الطرفان أن التطورات الأخيرة قلبت المعادلة، فالغرب يحتاج الى الايرانيين الذين كان يتمنى أن "يتسكعوا" على أبوابه.
على أن سياسة ايران الانفتاحية الحوارية من الاسباب المساهمة في استقطاب الغرب للحوار معها. يرى النعيمي أن طهران سعت دائماً لفتح ابواب الحوار مع الجميع، خصوصاً خلال ولاية الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. إلا ان الغرب كان يصرّ عندها في العمل على سياسة "لي الذراع". وعندما وصل الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني الى سدة الرئاسة وجدد تأكيده على سياسة إيران الخارجية في الحوار، سارع الغرب لانتهاز الفرصة بذريعة حصول التغيير تحت مسمى "وصول الإصلاحيين".
تحدث النعيمي كيف أن الدول الست وعلى رأسها أميركا حوّلت المفاوضات النووية الى "صالونات للحوار" حول القضايا الإقليمية. ويشير في حديثه لـ"العهد" الى اللقاءات الإيرانية - الأميركية الأخيرة (قبل أيام) والتي خرجت بموقف مشترك حول رفض الإرهاب "الداعشي" في العراق، والى اللقاءات الإيرانية - البريطانية التي بانت أولى ثمارها ما جاء على لسان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من أن الظروف باتت مؤاتية لإعادة فتح سفارة بلاده في طهران بعد عامين ونصف من إغلاقها.
أما خامس الأسباب فهو - بحسب صالح-، أن العقوبات الاقتصادية على طهران تأذت منها في الدرجة الأولى الشركات العالمية وليس فقط الجمهورية الاسلامية نفسها، ويلفت إلى أنه منذ بدء المفاوضات بين إيران والدول الست، سارعت العشرات من الشركات الى إعادة مدّ جسور التعاون وفتح قنوات اقتصادية جديدة.
صالح الذي يذكّر بتصريحات الشيخ روحاني الأخيرة حول أعداد هذه الشركات، يؤكد أن لهذه (الشركات) تأثيراً مهّماً على الاقتصاد الأوروبي والعالمي، خاصة وأنها خسرت الكثير بسبب سياسة بلدانها. ويرى أن "حوار الاقتصاد" يشكل عامل ضغط على الدول الست لدفعها نحو المسارعة في لملمة أخطائها، والبحث في مثل هذه المواضيع، حتى على هامش كل المفاوضات النووية الثنائية.
................
العهد
..............
21/5/140621
https://telegram.me/buratha