عندما كان يسمع مطشر عليوي عن قصور صدام حسين على امتداد نهر دجلة الذي يمر في مدينة تكريت (معقل عشيرة الرئيس الأسبق) لم يكن يتخيل ما رآه بعد أن أصبح محافظا لتلك المدينة وسكن في أحد تلك القصور، من عمران وفخامة قل مثيلها في قصور العالم الشهيرة، حسب قوله.وقال عليوي إن هناك 167 قصرا في محافظة صلاح الدين تعود لصدام وعائلته وبعض أقربائه، ويؤكد أن أعضاء الحكومة المحلية وبعض القادة الأمنيين المهمين في المحافظة والدوائر الرسمية يستخدمون بعض تلك القصور مقرات بعد أن تعرضت للنهب والسلب إثر دخول القوات الأجنبية إلى البلاد عام 2003. ويشير عليوي إلى أن توليه منصب محافظ صلاح الدين جعله يطلع على أغلب تلك القصور من الداخل وقد فوجئ بالعمران والاتساع الذي استغلته تلك القصور من الأراضي التي تقرب مساحة بعضها من 40 ألف متر مربع ومنها أيضا قصور وبساتين محيطة بقصور صغيرة أخرى.
بدوره يقول جوهر الفحل مدير الاستثمار في محافظة صلاح الدين إن دائرته قدمت عروضا للشركات في محاولة من مجلس المحافظة لاستغلال هذه القصور في السياحة باعتبار أن كثيرا من الناس في كل دول العالم ما زالوا يتطلعون إلى معرفة أسرار ذلك الشخص الذي حكم العراق سنوات طويلة وكيف كان يعيش وأين. وأشار الفحل إلى أن الشركات لم تقدم عروضها بعد لكنه يأمل في أن تتنافس كبريات الشركات على استغلال هذه القصور كمعالم سياحية وربما فنادق أيضا.وذكر عليوي من تلك القصور «قصر ذو الفقار» (صدام كان يطلق على كل قصر اسم أحد القادة العرب أو الأسماء العربية الشهيرة أو المعارك، وإن أحد قصوره أيضا أطلق عليه اسم زوجته ساجدة خير الله باسم «السجود»). هذا القصر، حسب عليوي، تبلغ مساحته نحو 10 دونمات ويضم بساتين كثيرة وفيه مزارع لتربية الغزلان التي كانت لحومها من الوجبات الرئيسة في مطابخ صدام. ويشير عليوي إلى أن جميع أهالي تكريت «كانوا يعرفون تماما أن جميع المطابخ في تلك القصور كانت تعد الوجبات بشكل كامل وفاخر في انتظار أن يكون فيها صدام حسين في أية لحظة مع أحد ضيوفه، وإذا لم يحضر فإن الطعام يذهب إلى المزابل بعد أن يتلف تماما، بينما كان هناك المئات من الجياع في العراق». ويؤكد عليوي أن عمليات السلب والنهب التي طالت تلك القصور شملت كل الأثاث والمحتويات وأنه كان هناك سجاد فاخر جدا لم يستطع السارقون حمله إلا بعد أن استعانوا بالجرارات الكبيرة لضخامته، مضيفا أن كثيرا من العراقيين يمرون بجانب تلك القصور بعد أن كانوا يخشون الالتفات إلى الوراء لرؤيتها من بعيد. ويرى أن تحويل تلك القصور إلى أماكن سياحية سيسهم بشكل كبير في زيادة أعداد السائحين إلى العراق وأن الحكومة المحلية ستقوم بإخلاء تلك الدور من شاغليها بعد أن تتم الموافقة على عروض الشركات. وتوسع صدام في البناء في تكريت وشيد ستة قصور في قرية العوجة وحدها، حيث مسقط رأسه، وجعل مجمع قصور تكريت أكبر مجمع لقصوره. وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن بيانات الجيش الأميركي تشير إلى أن إجمالي عدد المباني في المنطقة التي تفتخر ببحيراتها الاصطناعية وبساتين النخيل، يبلغ 136 مبنى وتغطي مساحة تزيد على ألف فدان. واستخدمتها القوات الأميركية كقاعدة إلى أن سلمتها للسلطات العراقية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005. والآن، فإن كثيرا من هذه المباني الرملية اللون والمزودة غالبا بقباب وأبراج وداخل المباني مغطى بالرخام، يضمحل خلف نهر دجلة. ولا تزال تبدو على بعضها الأضرار الجسيمة التي لحقت بها جراء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 والذي أطاح بصدام حسين.
ولن تكون قصور تكريت أول قصور لصدام يجري تحويلها إلى منتجع. فقد تحول نزل للضيافة في قصر «بابل» الضخم على بعد 100 كيلومتر جنوبي بغداد إلى مقصد لحديثي الزواج. ويوجد في وسط وجنوب العراق 160 قصرا من بينها 60 قصرا في بغداد وحدها. ولم يتم بعد حصر القصور الموجودة في كردستان. وفي شارع مزدحم في مدينة تكريت رحب عبد الله محمود، من سكان المدينة، بالاستثمار الأجنبي. وقال: «في رأيي، محافظة صلاح الدين جاهزة للاستثمار.. وضعها الأمني جيد قياسا بباقي المحافظات. نحن متفائلون بالقادم من الأيام».
الشرق الاوسط
https://telegram.me/buratha