وصف المسؤولون الاتراك زيارة وزير الخارجية ابراهيم الجعفري لتركيا بانها بداية صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين واعرب وزير الخارجية التركيّ مولود أوغلو في مؤتمر صحفي مع الجعفري الذي وصل امس الى تركيا عن الشكر للحكومة العراقية الجديدة والشاملة.
وكان الجعفري قد وصل امس الاربعاء إلى العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية تستغرق لثلاثة أيام والتقى فور وصوله بوزير خارجية تركيا.
وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية انه "عقد عقب اللقاء مؤتمر صحفي مشترك لوزيري خارجية العراق وتركيا بين فيها الجعفري ان الزيارة لتركيا تأتي في سياق تعزيز العلاقات الاستراتيجيّة الثابتة والراسخة بين العراق وتركيا على الصُعُد كافة، والمُستجدّات التي دخلت في الإطار الاستراتيجيِّ للعلاقة بيننا وبينهم خصوصاً أنَّ العالم كلـَّه والعراق بخاصةٍ يدخل في خطر داهم واستراتيجيّ، وهو خطر داعش على الأرض؛ ، مشيرا الى ان موقفنا من داعش موقف استراتيجيّ؛ لذا ننظر إلى كلِّ الدول التي وقفت إلى جانبنا، وتقف معنا، وتصطفُّ دوليّاً لمُواجَهة هذا الخطر المُشترَك على أنـَّها الأهمُّ بالنسبة إلينا.
واضاف انه"تربطنا مع الجمهوريّة التركيّة علاقات مُتعدِّدة، وكثيرة، الثابت منها هو الجغرافية، والتاريخ، والمصادر الحيويّة، والمُتغيِّر منها هو الجانب الاقتصاديُّ؛ لأنَّ تركيا الآن ترتقي على السُلـَّم الاقتصاديِّ، وتجد في العراق سوقاً تـُوجِّه من خلالها شركاتها، أمّا بضاعتها فتجد تلقـِّياً جيِّداً، وتنفتح السوق اليوم في العراق على التجارة والمنتوج التركيِّ، ويحظى باهتمام واحترام، موضحا ان الوضع الدولي اصطف في مُؤتمَرات مُتعدِّدة ضدَّ هذه الظاهرة الجنونيّة في جدّة، وباريس، وأخيراً في نيويورك.
وتابع ان الشعب العراقيُّ يُثمِّن هذا الاصطفاف، ويُثمِّن هذا الدعم، وهو اليوم يتحمَّل مسؤوليّة إدارة العمليّة العسكريّة في مُواجَهة داعش، وقد استعدَّ العالم من خلال منبر نيويورك لأن يدعم العراق بالأسلحة والتجهيزات غير أنَّ العمليّة على الأرض العراقيّة مقصورة على أبناء القوات العراقيّة فقط، وهم الذين يُديرون العمليّة العسكريّة بسواعد عراقيّة، وبدم عراقيٍّ؛ لذا فالعملية وطنيّة محضة.
واستدرك الجعفري بقوله أوجِّه كلَّ آيات الإعجاب والتقدير لأبناء قواتنا المُسلـَّحة الذين سطـَّروا أروع آيات الصمود في المُواجَهة، والاستبسال، والدفاع عن العراق في كلِّ مَوطِن من المَواطِن، وأروع شيء في الصفِّ العسكريِّ العراقيِّ أنـَّه لا يُميِّز الاختلافات الطبيعيّة الموجودة لا بين سُنيّ، ولا بين شيعيٍّ، ولا بين عربيٍّ، أو كرديٍّ، أو تركمانيّ، منوها ان كلُّ العراقيِّين يُدافِعون عن كلِّ العراق بكلِّ هويّاتهم، ودياناتهم، ومذاهبهم، كما أنَّ الإرهاب الداعشيَّ الذي دهمنا من الخارج لا يُفرِّق بين العراقيِّين، وأنَّ المُدَّعيات التي تقولها داعش محض افتراء، وكذب حين يتحدَّثون عن هذه الطائفة، أو تلك الطائفة.
وزاد انه تعلمون جيِّداً أن المحافظات المنكوبة الثلاث الأساسيّة هي الموصل، وصلاح الدين، والأنبار سُنيّة ومنكوبة بالكامل، ولو تقرأون هويات الشهداء ستجدونهم من السُنـَّة والشيعة، وهم يُدافِعون عن هذه المحافظات.
وقال ان العالم اصطفَّ في نيويورك -ولو كان مُتأخـِّراً- حتى يُوجِّه رسالة بأنـَّه لابدَّ من الوقوف إلى جانب العراق، وعدم تركه وحده، وينبغي أن يكون هذا الموقف قبل هذا الوقت؛ لأنَّ مُواطِني داعش من مُختلِف دول العالم: من قارّة أميركا، وآسيا، وأفريقيا، وأوربا، وكندا، كلُّ القارّات دفعت ليس بإرادة الحكومات إنما جاء مُواطِنو داعش من المحطات؛ ليُمارِسوا أبشع أنواع الجرائم، مبينا انه كان على الوضع الدولي أن يصطفَّ كحكومات ديمقراطيّة مُنتخـَبة، ويضع المُعادِل الأمنيَّ لهذا الخطر الإرهابيِّ الداهم؛ فجاؤوا على منبر نيويورك، واصطفوا، ولأوَّل مرة تجتمع كلمتهم ضدَّ داعش، وإدانته، وفصلوا بين كلمة الدولة الإسلاميّة، وبين حقيقة الإسلام، وأنَّ الإسلام براء من هؤلاء.
ورحب وزير الخارجية العراقي الموقف الدوليِّ، معربا عن امله بالدعم الذي يأتي إلى العراق -وإن كان العراق غنيّاً- بسبب الظروف الاستثنائيّة التي يمرُّ بها الآن خصوصاً الدعم الأمنيَّ، والدعم العسكريَّ، وكذا الإنسانيّ؛ لأنَّ المأساة نشرت ظلـَّها في المجال الإنسانيِّ على مليون وثمانمئة ألف مُواطِن نزحوا من الموصل، وما حول الموصل، وذهبوا إلى مناطق مُتعدِّدة من العراق. ، موضحا ان" حصّة دهوك كانت الحجم الأكبر خصوصاً أنَّ الشتاء قد دهمنا اليوم، ومثلما تسبَّب داعش في إيجاد مآسٍ إنسانيّة لمحافظة الموصل وما حولها كذلك المناطق التي نزحوا إليها، إذ إنـَّهم سكنوا في المدارس، وهذا سبَّب اختلالاً في دوام الطلاب، ووسَّع من دائرة المُتضرِّرين.
وناشد الجعفري المُجتمَع الدوليَّ للوقوف إلى جانب العراق، ويمدَّ يد المُساعَدة؛ لإسعاف، ودعم النازحين الذين تضرَّروا من هذه المأساة، والصفحة الثالثة أنَّ هذه المنظمة تخريبيَّة، وقد عملت على تخريب الأبنية، والبيوت، والآثار، والمعابد، موضحا انه"نجد أنفسنا -بالضرورة- أمام عمليّة إعادة بناء المناطق المُتضرِّرة، كما حصل في الموصل وفي بعض المناطق الأخرى؛ لذا استعدَّ المُجتمَع الدوليُّ لأن يقف إلى جانب العراق.
وبشان العلاقات مع تركيا بين وزير الخارجية العراقي نحن مُصِرّون على أن تبقى العلاقة استراتيجيّة وثابتة كثبات الجغرافية، وليس لنا إلا أن نـُكيِّف مُجتمَعاتنا، ونـُكيِّف مصالحنا لاحترام هذه الحقيقة، وننسجم مع أنفسنا كحقيقة جوار جغرافيٍّ، ثم إنَّ الذي يربطنا بتركيا أكثر من رابطة الجغرافية، فتجربتها السياسيّة محط احترامنا، وتقديرنا، منوها انه" اعتز بعلاقاتي مع المسؤولين في تركيا ومنهم رئيس الجمهوريّة أردوغان، ورئيس الوزراء أوغلو، وسابقاً رئيس الجمهوريّة السابق غول.
وحث الجعفري على التعاون للارتقاء بالعلاقات العراقيّة - التركيّة إلى مستوى المصالح المُتبادَلة، والاستراتيجيّات الثابتة التي لا تتزعزع، وتصمد أمام كلِّ المُحاوَلات؛ لأنَّ ما يربطنا أكثر بكثير ممّا نختلف عليه؛ لذا أملنا أن تستمرَّ تركيا في دعم العراق أمنيّاً، وتـُواصِل استثمارها في العراق، والعراقيّون يحترمون المنتوج التركيَّ، ونحن على ثقة بأنَّ وقوف العراق وتركيا جنباً إلى جنب سيُعزِّز من مكانة الدولتين في المنطقة، والعالم.
وبين انه بالنسبة إلى العلاقات العراقيّة - التركيّة الأصل فيها هو إنـَّها علاقات مُستقِرّة، ومُتعدِّدة الجوانب سواء كانت في الاستثمار الاقتصاديِّ، أم الجانب الأمنيِّ، أم الأمور الأخرى التي تهمُّ البلدين، أي لا يُستثنى أفق من آفاق الاستثمار إلا وتعاونـَّا عليه، مضيفا ان الجديد الذي طرأ في الأمر هو التحدِّي الأمنيّ، وتستطع تركيا أن تـُقدِّم خدمة سواء كان من الناحية الأمنيّة، أم من ناحية الإعمار والبناء.
واستطرد الجعفري اننا فتحنا آفاقاً مُتعدِّدة لمُواجَهة هذه المُشكِلة على المديات الثلاث[الآنيّة، والمُتوسِّطة، والبعيدة]، ولا أجد ما يُعيق هذا الشيء، وإذا كان قد حصل بعض التلكُّؤ في السنوات السابقة فدعونا نبدأ صفحة جديدة، ونطوي ما مضى، وندع التاريخ للتاريخ، وننفتح، ونصنع حاضراً، ونعبر من خلال الحاضر إلى المُستقبَل، ونجعل المصالح مُشترَكة بيننا وبين الدولة الجارة والصديقة.
وبشان شراء النفط من الجانب الكردي اشار وزير الخارجية العراقي الى ان الثروة النفطيّة ثروة مركزيّة في العراق، وحسب الدستور العراقيّ أنـَّها من شأن الحكومة الاتحاديّة، والتوزيع العادل يقوم على أساس التناسُب بين حصة النفط وسُكّان أيِّ منطقة من المناطق. حصلت ظروف استثنائيّة أدَّت إلى نوع من الاختلال في التعامُل، ونحن الآن بصدد أن نـُعالِج هذه المُشكِلة، والمرجع في ذلك هو الدستور، منوها ان الثروة التي يتمُّ التعامُل بها خلال السنوات الماضية كانت نسبة 17% من حِصّة إقليم كردستان، والبقيّة للمركز، لكن حصل اختلال، وحصلت مُشكِلات، ومُلابَسات كانت عصيّة على الحلِّ -للأسف الشديد- في الفترة الأخيرة، وكان لها تداعيات على مسألة الرواتب وأمور أخرى في كردستان. إلى حدِّ يوم الثلاثاء كان مجموعة كبيرة من الوزراء وكذا رئيس الوزراء حيدر العباديّ بهذا الصدد للبحث عن حلول عمليّة لهذه المُشكِلة، وتجاوزها، والبدء بصفحة جديدة مع كردستان.
وحول سؤال وزير الخارجية التركي مراد اوغلو للانضمام الى التحالف الدولي ضد داعش بين بان تركيا على مدى أعوام عانت الكثير من الهجمات الإرهابيّة، فمنذ أكثر من ثلاثين عاماً ونحن نـُناضِل ضدَّ مُنظـَّمة pkk الإرهابيّة، والآن في إطار مسيرة الحلِّ نبذل جهوداً صادقة لإنهاء هذه المُشكِلة، ونتخذ التدابير الأمنيّة بحقِّ كلِّ العناصر التي تدعم الإرهاب؛ لإزالتها.
واوضح اوغلو انه" فيما يتعلق بالتحالف الدولي في الأخصّ العمليّات ضدَّ داعش فلا تـُوجَد -للأسف الشديد- استراتيجيّة شاملة في هذا الصدد، ونحن نـُساهِم لتحقيق هذه الاستراتيجيّة الشاملة، ونعرف المنطقة جيِّداً، ونـُدرِك أسباب هذه المُشكِلات الإرهابيّة جيِّداً، ونقوم بتقييمها بشكل واقعيّ، مشيرا الى ان" نظرتنا إلى الإرهاب واضحة بهذا الصدد، وتبادلنا مع الدول المُتحالِفة معنا في الوقت الراهن ، منوها ان داعش وُلِدت من القاعدة في العراق، وبعد ذلك انتقلت إلى سورية، وقويَت هناك، ثم عادت لتـُهاجـِم العراق ، مضيفا إذا قلنا: إنـَّنا سنتمكـَّن من مُكافحة الإرهاب من دون تشخيص الأسباب الرئيسة فإنـَّنا نخدع أنفسنا؛ لذا يجب اتباع سياسة شاملة ذات أبعاد عسكريّة، وأبعاد إنسانيّة، وأبعاد سياسيّة.
واكد وزير الخارجية التركي ان تركيا تقوم بما يقع على عاتقها، وإلى اليوم قدَّمت الدعم للعراق في هذا الصدد، وبعد الآن أيضاً ستقف إلى جانب العراق في مُكافـَحة الإرهاب، أمّا ما يخصُّ الصفحة الجديدة التي بدأت في علاقاتنا فإننا نتلقى تطوُّراً سياسيّاً بكلِّ امتنان، وفي الأمن هناك خطوات مُتخـَذة من قِبَل الحكومة العراقيّة على صعيد المحافظات، ولأجل تعزيز الجيش هناك طلب من وزيرَي الدفاع والداخليّة يتعلق بتدريب الجيش والشرطة، ونحن نـُقدِّم دعمنا في هذ الصدد، ولكن من ناحية أخرى يجب قطع الصلة بين المُنظـَّمات الإرهابيّة؛ لهذا السبب يجب اتخاذ خطوات ملموسة تحتضن الشعب العراقيَّ كافة، مستدركا بقوله انه يجب أن نتحرَّك باستراتيجيّة شاملة ضدَّ مُنظـَّمات داعش، ويتعيَّن علينا أن نقوم بتطهير المنطقة من المُنظـَّمات الإرهابيّة كافة، ويجب أن نقوم بحماية وحدة أراضي الدولتين العراقيّة والسوريّة، ونحن سنـُواصِل دعمنا بكلِّ حزم في هذا الصدد.
وبين وزير الخارجية العراقي ان" الدعم التركيّ من الناحية الإنسانيّة والخدميّة أصبح قيد التنفيذ، وهناك عدد من النازحين شُمِلوا بالمُساعَدات، والدعم التركيِّ سواء كان هؤلاء داخل العراق، أم الذين هُجِّروا إلى تركيا، وهذا قد اتخذ بُعداً إنسانيّاً وخدميّاً، وهو مُهـِمٌّ جدّاً؛ لكثرة عدد هؤلاء، ولدخول فصل الشتاء البارد، فالمُساعَدات تلعب دوراً كبيراً في إنقاذ هذه الشريحة المُتضرِّرة ففيهم كبار، وصغار، ومرضى. هذا من الناحية الإنسانيّة، أمَّا من ناحية الأمن فنحن نتحمَّل مسؤوليّة صناعة الموقف الاستراتيجيِّ الأمنيّ.
وقال الجعفري ان هذه أوّل زيارة لنا إلى تركيا، وبكلِّ تأكيد سنتحدَّث في هذا المجال، وسنـُوكِل إلى الوزراء المُختصّين وزير الدفاع ووزير الداخليّة لأن يُقدِّموا ما لديهم من مُقترَحات عمليّة لدعم العمل الأمنيِّ بالأسلحة، والخُطط، والمعلومات، وكلِّ ما يتعلق بالجانب اللوجستيِّ الأمنيّ.
وجدد الجعفري تأكيده ان العراق يرفض مرة اخرى أن يكون هناك جنود أجانب يأتون إلى العراق، وهو مَن سيتولـَّى هذه العمليّة الصعبة بنفسه؛ للحفاظ على استقلاليّة، ووطنيّة الأداء الأمنيِّ، مستدركا بقوله انَ العراق مُنفتِح للتقبِّل من الأشقاء، ومن الأصدقاء كلِّ مُساعَدات تجعل الكفة العراقيّة من الناحية الأمنيّة هي الكفة العليا خصوصاً في حربنا ضدَّ داعش، وكما تعلمون أنَّ عناصر الإرهاب عمل مُركـَّب يدخل فية ثقافة الإرهاب، وفقه الإرهاب، والأموال التي تدخل للإرهاب، والدول التي تـُدرِّب الإرهاب، والدول التي تسمح لنفسها أن تـُدرِّب الإرهابيِّين، والدول المجاورة التي تسمح بمرور الإرهابيِّين إلى العراق كلـُّها تدخل في المُركـَّب الإرهابيّ؛ لذا فمُركـَّب الأمن الذي نـُريد أن نـُحقـِّقه يجب أن يُعادِل بعناصره المُركَّب الإرهابيَّ بكلِّ عناصره.
وتساءل وزير الخارجية العراقي بقوله كيف نستطيع أن نـُجفـِّف منابع الإرهاب، والمال الإرهابيَّ، والخطاب الإرهابيَّ، والفقه الإرهابيَّ، والتدريب الإرهابيَّ، والتسليح الإرهابيَّ؟ لذلك لابد أن نشهد تطوُّراً في الخطوات الأمنيّة، كلُّ هذا نأمل أن يكون فيه حديث سواء هنا في تركيا، أم في زيارات السادة المسؤولين.
وفي الختام قال الجعفري سنـُوجِّه دعوة إلى رئيس الوزراء التركي لزيارة بغداد، وسنـُجري حوارات تغطي المصالح المُشترَكة، والأخطار المُشترَكة مادامت دخلت في دائرة الاستراتيجيّات.
https://telegram.me/buratha