كشف أعضاء في اللجنة المالية النيابية عملهم على سن قانون بشأن مشروع سلم الرواتب الجديد لموظفي الدولة، يكفل الحياة الكريمة للموظفين، مؤكدين أن المشروع سيتضمن زيادة في "الراتب الاسمي"، اضافة الى مخصصات "غلاء معيشة" تماثل مقدار التضخم الاقتصادي، فضلا عن المخصصات الأخرى.
وفيما أعربوا عن أملهم بإقرار القانون ضمن موازنة العام المقبل، لفتوا الى مراعاتهم "نوعية الوظيفة".
في الوقت ذاته تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين بهذا الشأن، ففيما أكد بعضهم ضرورة زيادة المرتبات بنسبة تتماشى مع نسبة التضخم البالغة 8 بالمائة، كونها تدعم القدرة الشرائية للمواطن، اذا ما رافقها رسم سياسة تجارية ناجحة تضبط العرض والطلب، لفت اخرون الى أن ذلك من شأنه أن يسهم في زيادة معدلات الاسعار والتضخم، في ظل توقف في الانتاج الوطني وعدم وجود رؤية اقتصادية وطنية.
ففي مقابلة مع "العالم"، أكد عضو اللجنة المالية النيابية الدكتور احمد المساري، في حديثه مع "العالم"، أمس الاثنين، أن "هناك لجنة مشكلة من داخل اللجنة المالية في مجلس النواب مكلفة بوضع سلم جديد لرواتب موظفي الدولة، وهناك لجنة مماثلة في الامانة العامة لمجلس الوزراء لنفس الغرض، واجتمعنا امس (اول امس) معها للتنسيق بين اللجنتين حتى يصار الى انضاج مشروع قانون بهذا الشأن"، نافيا "وجود عقبات امام عمل اللجنة، باستثناء التفكير في الحيلولة دون حدوث ارتفاع في نسبة التضخم وأن جميع الكتل السياسية متفقة على احداث الزيادة للموظفين، خصوصا من اصحاب الدرجات الدنيا، حيث سنحتاج الى 6 اشهر أخرى على الاقل لطرح القانون على التصويت، لتشمله موازنة العام 2013".
واستبعد المساري "الحديث عن الارقام في الوقت الحاضر، فالموضوع في بدايته"، الا أنه استدرك "ولكن ستكون المرتبات مجزية للحياة المعيشية، فاصحاب الدرجة العاشرة مثلا يتسلمون حاليا 154 الف دينار راتبا اسميا، والمطروح ان يكون 200 الف دينار، يضاف اليها مخصصات غلاء معيشة بحدود 200 الف دينار، عدا باقي المخصصات".
بدورها، ذكرت عضو اللجنة المالية النيابية نجيبة نجيب، في حديثها مع "العالم"، أن "اللجنة ماضية بالنظر في سلم المرتبات الجديد لموظفي الدولة والمتقاعدين ولدينا أيضا مساع بالتعاون مع هيئة التقاعد الوطنية للاسراع في اقرار قانون التقاعد الجديد"، موضحة أن "من جملة المقترحات زيادة مرتبات الدرجات الدنيا وتضمين معيار غلاء المعيشة ضمن القانون، الا أننا لم نقرر الى الان مقدار الزيادة، وهو قيد الدراسة مع الحكومة وبعض الجهات الدولية، لنستطيع التوصل الى نتائج ايجابية تخدم الفرد العراقي".
وعبرت نجيب عن "احترام اللجنة لآراء جميع الخبراء، المؤيدين والمعارضين لقانون التعديل لنكفل حياة كريمة لكل مواطن، فالمرتبات الحالية لاتحقق ذلك مع ارتفاع نسبة التضخم"، ذاهبة الى أن "الجانب السلبي للزيادة يتمثل بالهجرة من القطاع الخاص الى القطاع الحكومي لذلك يجب ان ترافق هذه الزيادة معالجة حقيقية لاوضاع القطاع الخاص وعليه اقترحنا راتبا تقاعديا للعاملين في القطاع الخاص لنشجع التوجه نحو هذا القطاع".
الى ذلك، أكد عضو اللجنة المالية النيابية عبد الحسين الياسري أن "اللجنة اجتمعت امس (الأول) بحضور خبراء في القضايا المحاسبية، و خلصت الى الاتفاق على محورين لمشروع القانون، الاول هل ان الحد الادنى للمرتبات يكفي لمستوى المعيشة ام لا والمحور الثاني هل ان الرواتب لنفس الموظف الذي يمتلك ذات المؤهلات متساوية في جميع الوزارات".
واشار الى ان "اللجنة أشرت وجود عدد كبير من الموظفين وخاصة في شركات الدولة العامة، من الممكن احالتهم على التقاعد واتفقنا على تشريع قانون جديد لرواتب المتقاعدين لاستيعاب هذه الاعداد من الفائضين وغيرهم من اصحاب الخدمة الطويلة، اضافة الى الاطلاع على ما وصلت اليه اللجنة الحكومية"، مبينا أن "الاتفاق المبدئي على تقسيم الزيادة الى رواتب، وغلاء معيشة، ومخصصات، فالرواتب ستكون موحدة، وغلاء المعيشة متعلق بحجم التضخم ومستوى المعيشة، والمخصصات تتعلق بنوع الوظيفة".
من جهته، ذكر الخبير الاقتصادي علي الفكيكي أن "زيادة مرتبات الموظفين امر جيد وضروري خصوصا لمن تكون مرتباتهم دون 500 الف دينار، فهؤلاء يجدون معاناة في العيش من الموظفين والمتعاقدين منهم، وحتى الذين يتسلمون مبلغ مليون دينار ولكن هذا هو الحد الذي يجب تجاوزه صعودا".
وأضاف الفكيكي "اذا ما اقرت هذه الزيادة سنضمن دعما للقدرة الشرائية للمواطنين، والكثير من الخبراء يظنون خطأ ان الزيادة في المرتبات تحدث تضخما، وهذا امر غير صحيح، فالسياسة التجارية للدولة هي من تحدد نسب التضخم، كونها سياسات تتيح مرونة عالية للعرض من أجل أن يستجيب للطلب بسهولة، وهذا ما تحدده السياسة التجارية الناجحة التي ينبغي توفرها في البلد، ومعها لن نشهد ظاهرة ارتفاع الاسعار، وان حصل فسيكون مؤقتا، بدليل ان دولا كثيرة تشهد ارتفاع المرتبات، فيما السلع تباع باسعار تنافسية"، لافتا الى "ضرورة زيادة الرواتب بنسبة تتماشى مع نسبة التضخم البالغة 8% حاليا أو أكثر من أجل الاستجابة للطلب الجديد، والمحافظة على استقرار الوضع المعاشي، وتطويره".
بدوره، رأى الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، أن "أي زيادة في النفقات التشغيلية المتعلقة بالمرتبات، ورغم تحقيقها رفاهية الموظف، الا انها لن تؤدي الى حل المشاكل الاقتصادية"، مشيرا الى انه "لابد أن يسبق ذلك تنظيم العمل والاعتماد على المعايير التي يحددها مجلس الخدمة العام الذي لم يبصر النور لحد الان، اضافة الى وضع هيكل تنظيمي واضح للدولة وتحديد مهام وواجبات وحقوق كل درجة وظيفية والوصف الوظيفي والشخص الملائم في الوظيفة وبعدها من الممكن ان نتحدث عن زيادة".
وذهب الصوري الى أن "الاقتصاد الوطني لن يكون منظما ما لم يكن هناك انتاج حقيقي داخل العراق، ومثل هذه الاخبار ستسهم في زيادة معدلات الاسعار والتضخم".
وأشار الخبير الاقتصادي الى أن "الموازنة تم إقرارها ولا زيادة في الرواتب حاليا، وعدد الموظفين كبير جدا، وبغض النظر عن كل شيء، فإن حل مشكلة البطالة عبر التوظيف في الحكومة عملية خاطئة، وهي لن تؤدي الا الى تضخيم الجهاز الحكومي"، لافتا الى أن "اعادة النظر في المرتبات يجب ان تكون جذرية، تبدأ من اصغر موظف وتنتهي بالدرجات الخاصة، ولذلك فإن اشغال البرلمان بهذه المسائل لن يأتي بنتيجة ايجابية فيما يتعلق بالوضع المعاشي والاقتصادي، وعليه ان يهتم بتطبيق الخطة التنموية المكلف بإدارتها منذ عام 2010 وحتى 2014 مهما كان فيها من نواقص، اضافة الى مراقبة تنفيذ قرارات الحكومة المتعلقة بهذا المجال".
وتابع "حل مشكلة البطالة لن يأتي عبر تضخيم جهاز الدولة الاداري، بل عن طريق تفعيل القطاع الانتاجي الحقيقي في الصناعة والزراعة والسياحة والسكن وجميع المجالات الاقتصادية الاخرى، وتشجيع القطاع الخاص وحل مشاكل القطاع العام، ومن دون هذه الامور لن يكون هناك أي تطور اقتصادي"، منوها "منذ العام 2005 وحتى الان يعاني المشهد الاقتصادي من مفاجآت جراء القرارات غير المدروسة، للحصول على صوت الناخب".
https://telegram.me/buratha