للأشرفية تاريخ من العداء للسوريين، وكما تقول الحكمة التي يؤكدها علماء النفس “القط يحب خنّاقه”، كذلك هم السوريون تراهم اكثر اعجابا بالمناطق التي يتسم اهلها بموقف عدائي (عنصريا) لهم .
الأشرفية وبلا افتراء هي المكان الذي تلقى اكثر نسبة من الصواريخ السورية خلال الحرب الاهلية، لذا فليس من العجب ان يكره اهاليها وخاصة المخضرمين منهم كل ما يمت للشعب السوري بصلة، حتى في زمن التلاقي السياسي بين بعض المسيحيين في الاشرفية من انصار قوى الرابع عشر من اذار، وبين معارضي النظام السوري الذين يلجأ المئات من ناشطيهم وقياداتهم المقيمة في لبنان الى الاشرفية والى مناطق مسيحية اخرى.
مقاهي المنطقة تعج بالسوريين المكلفين من جهات عربية وغربية بلعب دور ما في الملف السوري، بعضهم ينشط اعلاميا وكثيرون منهم من النشطاء امنيا ولوجستيا وماليا.
اكثر المرفهين منهم هم المحسوبون على السفارة السعودية في بيروت. هؤلاء يعيشون في شقق مستأجرة وفي مباني انيقة ويتنقلون بسيارات فارهة مستأجرة ولديهم امكانيات مالية لافتة. يقيمون في الاشرفية ولكنهم يوميا يتنقلون بين الحدود اللبنانية الشرقية مع سورية او الشمالية. هناك يقبع العسكريون والمهربون المكلفون بالدعم الميداني. اما هنا في الاشرفية فرجال اعمال هم يزعمون انهم رجال ثورة.
في الاشرفية التقينا مجموعة من المعارضين السوريين الذين لعبوا في السابق ادوار هامة في تأمين الاتصال مع قيادات ميدانية وبينها وبين جهات الدعم السعودي التي كانت تبحث عن القيادات الحقيقية التي يمكن الاعتماد عليها في العمل الامني والعسكري في كل منطقة من مناطق سورية.
“في الاستراتيجية السعودية هي الداعم الاكبر للثورة” يقول نظير (من معضمية الشام وفي الاصل من الجولان المحتل). شرط اللقاء ان لا تصوير ولا اسماء ، فقط يروون لنا السيرة الذاتية للتدخل السعودي (الايجابي بنظرهم في سورية).
يتابع نظير “انا تاجر اقمشة بالجملة وفي بداية الثورة شاركت بعفوية في التظاهرات، لوحقت فهربت فاعتقلت المخابرات الاسدية امي وشقيقاتي فسلمت نفسي وبعد اشهر اطلقوا سراحي بعفو. فخرجت اكثر تصميما على قتال النظام سلميا وبالسلاح ، فما رأيته من اجرامهم دفعني الى ممارسة العنف ضدهم فسعيت بمالي الخاص لتهريب اسلحة اشتريتها من البقاع اللبناني عبر وسطاء وادخل لي السلاح الى المعضمية من لبنان المهرب الذي كان يدخل بضائعي بلا جمارك.
المهربون بنوا علاقات مع رجال السلطة كبارهم وصغارهم منذ عقود وهم يعرفون كيف يتدبرون امر تهريب اي شيء الى سورية فقط اذا وجد المال”
يتابع نظير: ” اكتشفني الامن مجددا فهربت لأني كنت حينها قد انتقمت من جنود الاسد كما يجب ان ينتقم كل من وقع تحت ايديهم وافتعلوا به ما افتعلوا بي “
يروي نظير عن التعذيب والضرب على الظهر بالسياط والكلام البذيء وشتم الرب والدين والقرآن …
سألته: هل قلعوا لك اظافرك ؟ قال ” لا ولكنهم ضربوني واهانوني بطريقة تجعل من قلع الاظافر امرا هينا”.
نزل نظير الى بيروت بالتهريب، ووصل الى منطقة البقاع وتعرف من خلال اصدقائه على من ارشد اليه السعوديين.
يتابع: ” بعد فترة قصيرة تعرفت على ضابط يدعى ابو عبد العزيز مقيم في بيروت بصفة ديبلوماسي، هو المسؤول السعودي الاول عن تسليح الثورة. ولو عرف السوريون ما الذي فعله هذا العقيد في الجيش السعودي للثورة السورية لأقاموا له تمثالا من الذهب”
ما الذي فعله ابو عبد العزيز ؟
يجيب: اذا اعتبرنا ان كل مئة رصاصة دخلت الى الكتائب الثورية في مناطق دمشق وحمص وحماة ودرعا ، دخلت من لبنان فإن ابو عبد العزيز هو الشخص الذي تولى تمويل وتهريب 75 رصاصة منها، أي انه مسؤول عن تسليح الثورة بنسبة تفوق الخمس وسبعين بالمئة من الحدود اللبنانية فقط (علما بأن الاردن يملك حدودا قريبة ايضا مع ريفي حمص ودمشق وحماة).
ماذا عن قطر: يقول الناشط السوري أن قطر لديها اسهام كبير ولكن السعودية هي الداعم الاكثر قدرة والاوسع امكانية، على الاقل من لبنان لان الناشطين اللبنانيين المتعاونين مع الثورة السورية جلهم من انصار تيار المستقبل المرتبط بالسعودية.
احمد القابوني(اسم وهمي) يقول بأنه مقيم في السعودية في الاصل ومن مواليد الرياض وعائلته اصولها من سورية ولكنهم خرجوا منها منذ الثمانينات ولم يعد اعمامه وابيه الى دمشق بتاتا ولم يدخلوا الاراضي السورية الا مؤخرا عبر المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة وحلفائها الجهاديين العرب والاجانب.
القابوني يؤكد بأن الدعم السعودي للثورة هو ما دفعه للاقامة في لبنان منذ شهر حزيران 2011، فهو سوري ولديه علاقات قوية جدا عائلية وعبر الانترنت مع ناشطين في سورية وبالتالي مجيئه الى لبنان تم بالتعاون مع احدى الجمعيات الخيرية التي اقامت في بيروت غرفة عمليات لدعم النازحين السوريين .
نسأله: لم يكن هناك نزوج وقتها…فيؤكد بأن الهاربين من الاضطهاد هم نازحون، نظير منهم ..خرج هو وعائلته من المعضمية وكنت ممن تعاون معهم لتأمين المنزل والحاجيات التي تساعدهم على اقامة كريمة في بيروت.
يتابع احمد: لدي لائحة بمئات المجموعات الثورية التي حملت السلاح منذ خريف العام 2011 وكل اسلحتهم وحاجياتهم حتى الغذائية والطبية واجهزة الاتصالات وصولا الى رواتبهم، كلها مؤمنة من خلال السفارة السعودية ومن خلال مندوبي المملكة في لبنان سواء علماء دين او نواب لبنانيين يتعاونون مع امراء المملكة في تأمين مستلزمات الشعب السوري الثائر.
سألنا المختص من بين المجموعة بالتمويل وهو سمى نفسه عبد الرحمن ناصر فقال: منذ بداية الثورة تعاونا ماليا مع مستلزماتها اعتمادا على تبرعات تجار سوريين داخل وخارج سورية، ولكن حين يصبح لديه ربع مليون مقاتل بدلا عن التنسيقيات والجمعيات الخيرية فأي رجل اعمال سيتحمل عبء المصاريف التي تبلغ مئات ملايين الدولارات شهريا. نحن نتحدث عن جيش يقاوم جيش الاسد، فلولا المال السعودي والجهد السعودي والكرم السعودي لما حصل مسلح ثوري على بندقيته ولكان كل عشرين مقاتل يقاتلون ببارودة صيد أو بمقلاع واحد. السعودية قدمت لنا التمويل للتنسيقيات اولا ثم للجيش الحر ولكل من رغب في الدفاع عن عرضه وشرفه في مواجهة الجيش الطائفي الذي ارسله الاسد ليغتصب نسائنا وبناتنا.
الشخصيات الثلاث تتفاوت اعمالها وليس كل منهم من المنتمين الى الفكر الوهابي بل لاحظنا ان اي منهم ليس عضوا في تيار تكفيري، هم شخصيات عادية لها رأي طائفي بالنظام السوري ، ولها رغبة في استبدال النظام بآخر لم يعد واضحا الان ما اذا كان ما حلموا به سيحصل ولكن الحقيقي هو ان مئة واربعون الفا من السوريين قتلوا، لان قتالا اندلع بين جيشين، واحد مسلح لانه جيش البلاد الرسمي والاخر سلحته السعودية وقطر وعلى ما قال الناشطون فخمسة وسبعون بالمئة من القتلى في سورية قتلوا برصاص وذخائر مصدر تمويلها سعودي
24/5/13927
https://telegram.me/buratha
