كَيْفَ يَدْنو إلى حَشَايَ الدَّآءُ ــــــــــــ وبقلبي الصِدِّيقةُ الزَّهراءُ
مَنْ أَبوها وَبَعْلُها وَبَـــنُوها ـــــــــــــــ صَفْوةٌ مَا لِمْثلِهم قُرَنَاءُ
وَكَيانٌ بَنَاهُ أحمدُ خُلــــــُقاً ــــــــــــــــــــ وَرَعَتْهُ خَديجةُ الغَرَّاءُ
أَفَأجْرُ الرسولِ هذا وهــذا ـــــــــــــــ لمزيدٍ من العَطاءِ الجزاء
أيُّها المُوسِعُ البتولةَ هَضْمَاً ــــــــــ وَيْك ما هكذا يكونُ الوفاءُ
أتروحُ الزّهراءُ تَطْلِبُ قوتاً ـــــــــ والَّذي اسْتَرْفَدوا بها أغنياءُ
نَهْنِهي يا ابنةَ النبيّ عن الوَجْدِ ــــــ ـ فلا بَرِحَت بكِ البُرَحاءُ
وأَريحي عَيناً وإنْ أَذْبَلتها ــــــــــــ دمعةٌ عند جِفْنِها خَرْسَاءُ
وَانْطَوي فوقَ أضْلُعٍ كَسَروها ـــ فهي من بعدِ كَسْرِهم أَنّضَاءُ
**بمناسبة استشهاد مولاتنا الزهراء {ع} اتحدث في هذا المجلس عن القصة الكاملة لاغتيالها حسب الحوادث التاريخية الصحيحة والشخصيات الذين شاركوا في الاغتيال . يتبين ان موضوع الخلاف سياسي والاغتيال ليس{ خلاف من اجل فدك} وان الزهراء ضحت بنفسها من اجل النخيل والتمر. ولم يتطرق احد الى الموضوع الذي يستحق ان تفدي الزهراء نفسها من اجله وهو [ ولاية اهل البيت]{ع}.ولو ارادت الزهراء فدك ونخيل وموارده فان الحكومة الانقلابية على استعداد ان يعطوها فدك وما تريد من ارض زراعية لضمان سكوتها.
في هذا المجلس نستقرئ التاريخ الدموي الذي ادى لاستشهاد الزهراء {ع} هنا نتسائل: هل وقع الهجوم على دار الامام علي مرة ..واحدة أو أكثر من مرة؟ وكم المدة استمرت المباحثات بين الامام والحكومة الانقلابية..؟ ــــ صدر كتاب بعنوان الهجوم على بيت فاطمة ص103ــ للكاتب عبد الزهراء مهدي.. قال: ان هناك أكثر من هجوم صنفها كالتالي: الهجوم الأول لما فرغ أمير المؤمنين (ع) من دفن رسول الله (ص) أقام في منزله كما عهد إليه رسول الله (ص)فكانت الشرارة التي اغضبت الخلافة الجديدة . حيث اجتمع جماعة من بني هاشم وعدد من المهاجرين والأنصار كالعباس، والزبير، والمقداد، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص بلغ عددهم خمسين صحابيا . كلهم غضبوا من بيعة أبي بكر، واظهروا الخلاف له وجاءوا يبايعون عليا اميرا للمؤمنين (ع).
هذا الاجتماع أشار اليه معاوية في كتابه للإمام (ع) بقوله: وما يوم المسلمين منك لقد حسدت أبا بكر..! والتويت عليه، واردت إفساد أمره، وقعدت في بيتك عنه، واغويت عصابة من الناس فتأخروا عن بيعته... هذه الحادثة التي ذكرها معاوية اوردها كونها دليل ان الصحابة الكبار من الخط الاول لم يبايعوا ابا بكر بل جاءوا الى بيت الامام يستطلعون الامر. وهم يعرفون المنصب من الله ومن الرسول{ص}.
في ذلك اليوم اقبل عمر وجماعة ممن بايع معهم ابو بكر فدخلوا بيت الامام{ع} فوجدوهم مجتمعين، فقالوا لهم: بايعوا أبا بكر! فقد بايعه الناس! فوثب منهم الزبير إلى سيفه، [فقال عمر: عليكم بالكلب فاكفونا شره] فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره، وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر، فلما حضروا قالوا: بايعوا أبا بكر! فقد بايعه الناس، وأيم الله لئن أبيتم لنحاكمنكم بالسيف.. فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل بعد رجل فجعل يبايع، حتى لم يبق ممن حضر إلا علي{ع}فقال له عمر: بايع أبا بكر، فقال علي (ع): " {أنا أحق بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله (ص) وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟! ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله (ص) فأعطوكم المقادة، وسلموا لكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله (ص) حيا وميتا أنا وصيه ووزيره، ومستودع سره وعلمه، وأنا الصديق الأكبر، أول من آمن به وصدقه، وأحسنكم بلاء في جهاد المشركين، وأعرفكم بالكتاب والسنة، وأفقهكم في الدين، وأعلمكم بعواقب الأمور، وأثبتكم جنانا، فعلام تنازعونا هذا الأمر..؟!) أنصفونا - إن كنتم تخافون الله - واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم، وإلا بوؤا بالظلم وأنتم تعلمون..(فقال عمر: أما لك بأهل بيتك أسوة..؟! فقال علي (ع): " سلوهم عن ذلك.. "، فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم، فقالوا: ما بيعتنا بحجة على علي (ع).. ومعاذ الله أن نقول أنا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد، والمحل من رسول الله (ص)...فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها.[ المعروف ان البيعة كرها غير شرعية] فقال علي (ع): " احلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا، والله لا أقبل قولك، ولا أحفل بمقامك.. ولا أبايع "، فقال أبو بكر: مهلا يا أبا الحسن! ما نشدد عليك ولا نكرهك.
فقام أبو عبيدة إلى علي فقال: يا ابن عم! لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك ولكنك حدث السن - وكان لعلي (ع) يومئذ ثلاث وثلاثون سنة - وأبو بكر شيخ كبير، وقد مضى الأمر بما فيه، فسلم له، فإن ابقاك الله يسلموا هذا الأمر إليك، ولا يختلف عليك اثنان يا علي (لا تبعث الفتنة قبل أوان الفتنة، قد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك).لحد هذه اللحظة فاطمة الزهراء روحي فداها تسمع ولم تسترك في الحوار.
فقال أمير المؤمنين (ع): " يا معاشر المهاجرين والأنصار! الله الله (لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري) لا تخرجوا سلطان محمد من داره واهل بيته إلى بيوتكم وتدفعوا أهله عن حقهم ومقامهم في الناس، يا معاشر الجمع! (إن الله قضى وحكم ونبيه أعلم وأنتم تعلمون) إنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، نحن منا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العارف بأمر الرعية؟ والله إنه فينا لا فيكم، فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا، وتفسدوا قديمكم بشر حديثكم.
فقال بشير بن سعد الأنصاري .من اكثر الكارهين للأمام علي واهل بيته وهو الذي(الذي وطأ الأمر لأبي بكر) فقال جماعة الأنصار: يا أبا الحسن! لو كان هذا الكلام سمعناه منك قبل الانضمام لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان (فقال علي{ع}: " يا هؤلاء أكنت أدع رسول الله (ص) مسجى لا أواريه وأخرج أنازع في سلطانه ؟!!). ثم قال : ان بيعتي كانت قبل بيعة أبي بكر، بيعتي شهدها رسول الله(ص) وأمر الله بها، أوليس قد بايعني ابو بكر وعمر فما بالهما يدعيان ما ليس لهما وليسا بأهله ". (" والله ما خفت أحدا يتجرأ ان ينازعنا أهل البيت.ولا علمت أن رسول الله (ص) ترك يوم غدير خم لأحد حجة، ولا لقائل مقالا، فأنشد الله رجلا سمع النبي (ص) يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ".. أن يشهد بما سمع ".قال زيد بن أرقم: فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك، وكنت ممن سمع القول من رسول الله(ص) فكتمت الشهادة يومئذ فذهب بصري.وكثر الكلام في ذلك وخشي عمر أن يصغى الناس إلى قول علي (ع) ففسخ المجلس فانصرفوا بأجمعهم .
***فجلس أمير المؤمنين (ع) في بيته، واشتغل بجمع القرآن - كما أوصاه النبي (ص) من يومه ذلك وهو اليوم الثالث من وفاة النبي) وحدث بعد هذا اللقاء تخلف الناس عن بيعة ابي بكر. لان الامام {ع} طرح مشروع الولاية في استدلالاته وهذا أكثر الناس في تخلفهم عن بيعة أبي بكر، واشتد ذلك على ابي بكر وعمر حتى النساء صرن يحرضن الرجال على التمسك بالولاية وكانوا يفدون الى فاطمة الزهراء{ع} يذكر الرواة ان امراة اسمها أم مسطح بن أثاثة جاءت الى قبر النبي{ص}وخاطبته قائلة:
كانت أمور وأنباء وهنبثة ***** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فاشهدهم ولا تغب
ومن الصحابة الذين تشددوا على بيعة الامام {ع} الزبير والمقداد بن الاسود يأتون بجماعة من الناس إلى الامام(ع) فيتشاورون في أمورهم، والنساء يختلفن الى فاطمة الزهراء {ع} فجاء عمر وكلم فاطمة الزهراء وحلف لها قال: إن اجتمع هؤلاء النفر عندكم آمر بإحراق البيت عليكم .. وفي رواية: أن يهدم البيت عليهم. فوقفت فاطمة (ع) على بابها فقالت: " [لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم]، تركتم رسول الله (ص) جنازة بين أيدينا "وقطعتم أمركم فيما بينكم فلم تروا لنا حقنا، كأنكم لم تعلموا ما قال ابي يوم غدير خم، {{والله لقد عقد له الولاء ليقطع بذلك منها الرجاء}}[هنا العلة كانت فاطمة تتحدث بالولايةٍ] وهي سبب قتلها، ثم قالت والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة ".
هنا اغلقت كل المباحثات القوم يريدون الخلافة باي صورة. وال البيت ملتزمون بنص الولاية في القران وحديث النبي{ص} فجاء عمر الى ابي بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ؟ فإن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر ..!في رواية سلمان: أرسل إلى علي فليبايع، فإنا لسنا في شئ حتى يبايع.. ولو بايع أمناه. ثم قال لابي بكر ليس في يديك شئ منه ما لم يبايعك علي، فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك، فإنما هؤلاء رعاع.. فبعث إليه قنفذا فقال له: اذهب فقل لعلي: أجب خليفة رسول الله (ص)، فذهب قنفذ فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك:"ما خلف رسول الله (ص) أحدا غيري، ما اسرع ما كذبتم على رسول الله (ص) ".وفي رواية ابن عباس: قال علي (ع): " ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (ص)وارتددتم، والله ما استخلف الرسول غيري، ارجع - يا قنفذ – فجاء قنفذ لابي بكر واخبره بقول علي{ع} فقال أبو بكر: صدق علي..! ما استخلفني رسول الله{ص}.
في رواية أخرى: لما جاء قنفذ قال لفاطمة (ع): أنا قنفذ رسول أبي بكر خليفة رسول الله (ص)، قولي لعلي: يدعوك خليفة رسول الله..! وكانت الزهراء تحاجج القوم بكتاب الله وحديث رسوله , فاخبر قنفذ ابا بكر بما قالت الزهراء[ع] فبكي أبو بكر .عندها غضب عمر ووثب قائما وقال : ان ألا تضم هذا المتخلف عنك بالبيعة {{ هنا تحولت المباحثات لاستعمال القوة المفرطة ضد علي وال بيته{ع} فنادى ابو بكر على قنفذ وحمله اول تهديد لال البيت{ع} . فأقبل قنفذ دخل على علي (ع) فأبلغه الرسالة، فقال: " كذب والله! انطلق إليه فقل له: لقد تسميت باسم ليس لك، فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك." فرجع قنفذ فأخبرهما. وفي رواية عنه(ع): " سبحان الله! ما والله طال العهد فينسى، والله إنه ليعلم إن هذا الاسم لا يصلح إلا لي، ولقد أمره رسول الله (ص) - وهو سابع سبعة - فسلموا علي بإمرة المؤمنين، فاستفهم هو وصاحبه من بين السبعة، فقالا: أمر من الله ورسوله، وقال لهم رسول الله " نعم حقا من الله ورسوله إنه أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله عز وجل يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار ".فوثب عمر غضبان فقال: والله إني لعارف بسخفه..! وضعف رأيه..! وإنه لا يستقيم لنا أمر حتى نقتله.. فخلني آتيك برأسه، فقال أبو بكر: اجلس! فأبى، فأقسم عليه فجلس، ثم قال: يا قنفذ! انطلق فقل له: أجب أبا بكر.. فأقبل قنفذ فقال: يا علي! أجب أبا بكر، فقال علي (ع): " إني لفي شغل عنه، وما كنت بالذي أترك وصية خليلي وأخي وأنطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور ".وفي رواية قال أبو بكر: ارجع إليه فقل: أجب! فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وإنما أنت رجل من المسلمين لك ما لهم وعليك ما عليهم، وذهب إليه قنفذ فما لبث أن رجع، فقال: قال لك: " إن رسول الله (ص) قال لي وأوصاني إذا واريته في حفرته:{{ أن لا أخرج من بيتي حتى اجمع كتاب الله فإنه في جرائد النخل وفي أكتاف الإبل}} هذه وصية النبي للامام. ".
أقول: يستفاد من ظاهر بعض الروايات وقوع الهجوم الأخير في تلك الفترة،عقب هذه المراسلات، كما يظهر من كلام المسعودي،وروى أن هجومهم كان بعد عرض القرآن عليهم : وذلك حين بعث إليه علي(ع): " [إني مشغول وقد آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى اكتب القرآن وأجمعه].. " سكتوا عنه أياما، فجمعه في ثوب واحد وختمه، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله (ص) فنادى علي (ع) بأعلى صوته: " أيها الناس! إني لم أزل منذ قبض رسول الله (ص) مشغولا بغسله، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب فلم ينزل الله على رسول آية منه إلا وقد جمعتها، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله(ص) وعلمني تأويلها ". ثم قال علي{ع}" لئلا تقولوا غدا إنا كنا عن هذا غافلين، لا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي ولم أذكركم حقي ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته .فقال له عمر: ما أغنانا بما معنا من القرآن عما تدعونا إليه! ثم دخل علي (ع) بيته فسكتوا عنه يومهم ذلك .فلما كان الليل حمل علي (ع)، فاطمة (ع) على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين(ع)، فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله (ص) إلا أتاه في منزله، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرة ولايته، فما استجاب منهم غير أربعة، فإنا حلقنا رؤوسنا، وبذلنا له نصرتنا، فلما أن رأى خذلان الناس وتركهم نصرته لزم بيته.
الهجوم الثاني :أخبر أبو بكر باجتماع بعض المتخلفين عند أمير المؤمنين (ع) فبعث إليهم عمر بن الخطاب في جمع كثير، فجاء فناداهم فأبوا أن يخرجوا، فدعا عمر بالحطب، فقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها.. فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة! فقال: وإن؟! !. بعدها جرى للهجوم الأخير:..قال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع.. ؟! وإن لم تفعل لأقعلن. وخرج مغضبا وجعل ينادي القبائل والعشائر: خاصة بنو اسلم أجيبوا خليفة رسول الله (ص)! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان..! فاجتمعوا عند مسجد رسول الله فدخل على أبي بكر وقال: قد جمعت لك الخيل والرجال .. فقال له أبو بكر: من نرسل إليه؟ قال عمر: نرسل إليه قنفذا فهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء، وهو أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعوانا، وقال له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلا فاجمع الأحطاب على بابهم، وأعلمهم إنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم نارا.فانطلق قنفذ واستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر - وهما جالسان في المسجد والناس حولهما - فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا! فإن أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة (ع): " أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن.. " فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إن فاطمة قالت: كذا وكذا.. فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن. فوثب عمر غضبان.. فنادى خالد بن الوليد وقنفذا فأمرهما أن يحملا حطبا ونارا فقال أبو بكر لعمر: ائتني به بأعنف العنف.. ! وأخرجهم وإن أبوا فقاتلهم، فخرج في جماعة كثيرة من الصحابة من المهاجرين والأنصار والطلقاء والمنافقين وسفلة الأعراب وبقايا الأحزاب. وفي رواية: كانوا ثلاثمائة. وقيل: غير ذلك، منهم: عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وقنفذ و عبد الرحمن بن عوف وأسيد بن خضير وسلمة بن سلامة بن وقش وسملة بن أسلم. والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وثابت بن قيس بن شماس ومحمد بن مسلمة,وسالم مولى أبي حذيفة,وأسلم العدوي,وعياش بن ربيعة,وهرمز الفارسي,وعثمان بن عفان,وزياد بن لبيد وعبد الله بن أبي ربيعة,وعبد الله بن زمعة,وسعد بن مالك,وحماد وذكروا ان معهم ابو بكر بن قحافة.وزيد بن ثابت.فقال لهم عمر: هلموا في جمع الحطب فأتوا بالحطب، والنار، وجاء عمر ومعه قبس من نار، وهو يقول: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت.. فقيل له: إن في البيت فاطمة، أفتحرقها؟! قال: سنلتقي أنا وفاطمة ! ! فساروا إلى منزل علي (ع) وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه..
فسمع اهل البيت صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرج النار يتفرجون حتى وافوا منزل علي (ع). وكانت فاطمة(ع) واقفه خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها بعد وفاة رسول الله(ص)، فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشك أن لا يدخل احد عليها إلا بإذنها، فقرعوا الباب قرعا شديدا ورفعوا أصواتهم وخاطبوا من في البيت بخطابات شتى، ودعوهم إلى بيعة أبي بكر، وصاح عمر: يا بن أبي طالب! افتح الباب ..! والله لئن لم تفتحوا لنحرقنه بالنار ..! والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم .اخرج .!زإلا أضرمت النار !
فخرجت فاطمة (ع) وقفت وراء الباب، فقالت: " أيها الضالون المكذبون! ماذا تقولون؟ وأي شئ تريدون؟ " فقال عمر: يا فاطمة! " قال: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟ فقالت: " طغيانك يا شقي أخرجني وألزمك الحجة..وكل ضال غوي ". فقال: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء!! وقولي لعلي يخرج. فقالت: " لا حبا ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر؟! ". فقال: إن لم يخرج جئت بالحطب وأضرمته نارا على أهله أو يقاد علي إلى البيعة ..! فقالت فاطمة (عليها السلام): " يا عمر! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ "وصار يهدد أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع وإلا والله أضرمت عليهم نارا .. فقالت " أفتحرق علي ولدي؟! " فقال: إي والله أو ليخرجن وليبايعن.
فقالت: " ويحك يا عمر! ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟! تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتطفئ نور الله والله متم نوره؟! " فقال: كفي يا فاطمة! فليس محمد حاضرا! ولا الملائكة آتية اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك، وارتداد أمته علينا،وامر عمر بالحطب فوضع حول البيت واشعله بيه بالنار فاحرقها فاحترق الباب ودخل الدخان داخل الدار ، فركل الباب برجله وعصرها بين الباب والحائط عصرة شديدة حتى كادت تخرج روحها من شدة العصرة، ونبت المسمار في صدرها ونبع الدم من صدرها ، فسقطت لوجهها - والنار تسعر -، " يا أبتاه! يا رسول الله! هكذا يصنع بحبيبتك وابنتك.. آه يا فضة سنديني! وإليك فخذيني فقد والله قتل ما في أحشائي " فدخل عمر وصفق على خدها صفقة من ظاهر الخمار، فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض .فخرج أمير المؤمنين (ع) من داخل الدار محمر العين حاسرا، حتى ألقى ملاءته عليها وضمها إلى صدره وصاح بفضة: " يا فضة! مولاتك! ثم وثب علي (ع) فأخذ بتلابيب عمر وهزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله، فذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أوصاه به من الصبر والطاعة، فقال: " والذي أكرم محمدا (ص) بالنبوة يا ابن صهاك! لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلي رسول الله (ص) لعلمت أنك لا تدخل بيتي ".
فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوف أن يخرج علي (عليه السلام) بسيفه، لما قد عرف من بأسه وشدته، فقال أبو بكر لقنفذ: ارجع، فإن خرج وإلا فاقتحم عليه بيته، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم النار..! فانطلق قنفذ فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار علي (عليه السلام) إلى سيفه فسبقوه إليه وكاثروه - وهم كثيرون -، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه.
فأمر عمر قنفذا أن يضربها بسوطه، فضربها بالسوط على ظهرها وجنبيها
مــن تنزلها أبلحدها ـــــــــــــــ أبهيده بالله أوياها/
ﭽنها ما ﮔالتلك إمي ـــــــ أمرضرضيـن إعضاهـا
خايفه أتمرد دليلك ــــــ يا الجنت سلواها /
/وما حـﭽتلك عـالهظمهـا يا علي وآذاها//
جان بس النوح همها /// والونين ادواها // امي يا حيدر تراهيى امرمرة بدنياها // خلي اسولفلك عليها اشافت من اعداها // عينها بسطرة يمينه النذل طفاها // وكسر ضلوع المحنة ابابها ورضاها // ونبت بسمار بضلعها واجره ادماها // وطاح محسن برفسته من احشاها..
يبـويــه أمــي أمنـدينـه اليـوم راحــات//لَـدﮒ أعلـه الـوجـه والـراس راحــات//علينـه الـدنيـه صارت ليــش راحــات // طحنتنـه وخـذت منَّـه الـزجيــه ...... الشيخ عبد الحافظ البغدادي
6/12/2024
https://telegram.me/buratha