الدكتور فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله عز وجل "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿البقرة 141﴾ تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ، لهم أعمالهم ولكم أعمالكم، ولا تُسْألون عن أعمالهم، وهم لا يُسْألون عن أعمالكم. وفي الآية قطع للتعلق بالمخلوقين، وعدم الاغترار بالانتساب إليهم، وأن العبرة بالإيمان بالله وعبادته وحده، واتباع رسله، وأن من كفر برسول منهم فقد كفر بسائر الرسل. وجاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿البقرة 141﴾ وقيل في وجه تكراره إنه عنى بالأول إبراهيم ومن ذكر معه من الأنبياء عليهم السلام وبالثاني أسلاف اليهود وقيل إنه إذا اختلفت الأوقات والمواطن لم يكن التكرير معيبا ووجه اتصال الآية بما قبلها أنه يقول إذا سلم لكم ما ادعيتم من أن الأنبياء كانوا على دين اليهودية أو النصرانية فليس لكم فيه حجة لأنه لا يمتنع اختلاف الشرائع بالمصالح فلله سبحانه أن ينسخ من الشرائع ما شاء ويقر منها ما شاء على حسب ما تقتضيه الحكمة وقيل إن ذلك ورد مورد الوعظ لهم والزجر حتى لا يتكلموا على فضل الآباء والأجداد فإن ذلك لا ينفعهم إذا خالفوا أمر الله.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿البقرة 141﴾ هذه الآية تقدم ذكرها بالحرف الواحد برقم 134. وردت هناك لبيان ان اخلاص إبراهيم صلى الله عليه واله وسلم وعظمته لا تجدي اليهود والنصارى شيئا، وجاءت هذه الآية هنا لبيان ان أعمال اليهود والنصارى تباين عقيدة إبراهيم وعمله. إذن دعواهم بأنهم على ملة إبراهيم كذب وافتراء، وتكلمنا عند تفسير الآية 48 عن التكرار في القرآن. وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز وجل "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿البقرة 141﴾ الاُمّة الحية ينبغي أن تعتمد على أعمالها لا على ذكريات تاريخها، والإِنسان يجب أن يستند إلى فضائله، لا أن يجترّ مفاخر الآباء والأجداد.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿البقرة 141﴾ قوله تعالى: "تلك أمة قد خلت"، أي أن الغور في الأشخاص وأنهم ممن كانوا لا ينفع حالكم، ولا يضركم السكوت عن المحاجة والمجادلة فيهم، والواجب عليكم الاشتغال بما تسألون غدا عنه، وتكرار الآية مرتين لكونهم يفرطون في هذه المحاجة التي لا تنفع لحالهم شيئا، وخصوصا مع علمهم بأن إبراهيم كان قبل اليهودية والنصرانية، وإلا فالبحث عن حال الأنبياء، والرسل بما ينفع البحث فيه كمزايا رسالاتهم وفضائل نفوسهم الشريفة مما ندب إليه القرآن حيث يقص قصصهم ويأمر بالتدبر فيها.
جاء في الموسوعة الحرة عن أمة (إسلام): الأمة هي كلمة عربية تعني المجتمع. وهي تتميز عن الشعب في أن الأمة ذات أصل مشترك أو جغرافيا مشتركة، ويمكن القول أنه مجتمع فوق وطني له تاريخ مشترك. الأمة الإسلامية وتسمى كذلك بـ أمة محمد وأمة سيد ولد آدم وأمة الإسلام وأمة التوحيد وأمة الإيمان وأمة المسلمين تعني (المجتمع الإسلامي)، وتُستخدم عادة لتعني المجتمع الجماعي للمسلمين. في القرآن تشير الأمة عادة إلى مجموعة واحدة تشترك في المعتقدات الدينية المشتركة، في سياق الوحدة الإسلامية والسياسة تُستخدم كلمة أمة لتعني مفهوم يشبه الكومنولث الغربي، فأمة الإسلام تعني أن المسلمين وحدة واحدة. الاستخدام والأصل الإسلامي: يُعرف محمد رشيد رضا الأمة بأنها تلك الجماعة الذين تربطهم رابطة اجتماع يعتبرون بها واحدًا، وتسوغ أن يطلق عليهم اسم واحد، أو هي: الجماعة المؤلفة من أفرادٍ لهم رابطة تضمهم، ووحدة يكونون بها كالأعضاء في بنية الشخص؛ سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، ويختلف هذا الرابط باختلاف مفهوم الأمة، فأمة الإسلام تربطها عقيدة الإسلام. يصف القرآن المسلمين بأنهم أمة واحدة يجب أن تجتمع على أمر واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له فيقول: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" (الأنبياء 92). وأنه خير أمة من الأمم لما يمتازوا به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، يقول تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" (آل عمران 110). ذكرت كلمة الأمة بمعنى أشمل من الأمة الإسلامية في صحيفة المدينة المنورة الذي عقده النبي محمد سنة 622 مع اليهود في المدينة المنورة، فبعد أن ذكرت الوثيقة أن المؤمنين أمة واحدة ذكرت أن يهود المدينة الداخلين في هذا العهد (أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته).
https://telegram.me/buratha