الدكتور فاضل حسن شريف
عن کتاب مستند تحرير الوسيلة اللسيد مصطفى الخميني: قال الله تعالى "إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم" (البقرة 173). عن أبي يحيى الواسطي رفعه، قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بالقصابين، فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة، نهاهم عن بيع: الدم والغدد، وآذان الفؤاد، والطحال، والنخاع، والخصي، والقضيب، فقال له بعض القصابين: يا أمير المؤمنين. إما الطحال والكبد إلا سواء، فقال: كذبت يالكع إيتني بتورين من ماء، انبئك بخلاف ما بينهما، فاتي بكبد وطحال وتورين من ماء فقال: شقوا الكبد من وسطه، والطحال من وسطه، ثم أمر فمر سافي الماء جميعا، فابيضت الكبد، ولم ينقص منها شئ، ولم يبيض الطحال، وخرج ما فيه كله، وصار دما كله، (وبقي جلد وعروق)، فقال له: هذا خلاف ما بينهما، هذا لحم، وهذا دم. الكافي 6: 253 / 2، وسائل الشيعة 24: 171، كتاب الاطعمة والاشربة، أبواب الاطعمة المحرمة، الباب 31، الحديث 2.
جاء في کتاب الصوم للسيد مصطفى الخميني: صيام الكفارة لاجل انطباق عنوان الصيام المطلق عليه مورد الاوامر الاستحبابية المطلقة، فيقصد أمرها تعبدا، وأمر الكفارة توصلا، نظير ما إذا نذر صلاة الليل، فإنه يقصد وفاء بالنذر إمتثال أمر صلاة الليل الاستحبابي، كما تقرر في محله. ومقتضى ما اشير إليه أخيرا، أن الحكم في قضاء رمضان وغيره أيضا من هذا القبيل، ويكون الواجب عنوانا واحدا، ونفس الصوم ليس مورد الامر، بل قضاء الصوم مورد الامر، كما عرفت في الكفارة، فليتدبر. وهذا هو مقتضى الجمع بين مفاد الكتاب والسنة، وإن كان ظاهر الكتاب "أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة 184) أن العدة واجبة، لا العنوان البسيط. لا يلزم من هذه التفصيلات لزوم تعيين النية، بل يلزم ذلك إذا اريد ترتب الاثر عليه، وذلك نظير ما إذا كان الانسان مديونا بدين يقابله الرهن، ودين بلا رهانة، ثم أعطى من دينه مقدارا أقل من مجموع الدينين، فإنه يقع عن دينه بلا رهن، وفي لزوم الفك يحتاج إلى القصد الخاص، فما في العروة من إطلاق كفاية قصد قضاء رمضان، في محله. إن قلت: مع ضيق الوقت لا يصح الزمان لصوم آخر، وهو رمضان الاول والسنة الماضية مثلا، فلابد من تعيين رمضان الحالي والنية الحالية حتى يقع عنه. قلت: بناء على هذا لا حاجة إلى قصد غير الصوم، لانه يقع عما عليه، ولا دليل على لزوم قصد القضاء رأسا. وبعبارة اخرى: ظاهر الكتاب "من كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر" (البقرة 184) أن من أتى به في الايام الاخر صح، ولا يعتبر إلا قصد صوم رمضان. نعم، إذا اشترك الزمان للفعلين، فتحققه بدون لون وتميز في ذلك الزمان، لا يحصل سقوط الامر بالنسبة إلى أحدهما، لعدم التعين الواقعي للمأتي به حتى يورث سقوط أحد الامرين، ومعه يكون من الترجيح بلا مرجح، فعند ذلك لا يكفي تكراره كما لا يخفى، فعليه يتعين لحاظ ذلك وإن لم يكن دخيلا في الملاك والمصلحة، بل المحذور العقلي في مقام الجعل أورث ذلك على الامر، والمحذور العقلي في مقام الامتثال أوجب على العبد لحاظه، فافهم واغتنم. ثم إن الظاهر من الكتاب "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة 185)، أن الواجب هو الصوم من شهر رمضان على الظرفية، لا القيدية، فإذا كان الصوم الاخر فيه يقع من رمضان، فلا يحتاج إلى القصد في مقام الامتثال، كما لا يخفى.
عن کتاب ثلاث رسائل العوائد والفوائد للسيد مصطفى الخميني: يجب على الصائم الامساك عن امور: الاول والثاني: الاكل والشرب، قوله مد ظله: يجب. وجوبا شرطيا، وليس ارتكاب المفطرات من المحرمات التكليفية، ولا تركها من الواجبات النفسية، بناء على إمكان كون الترك واجبا كما في تروك الاحرام كما هو التحقيق، وتفصيله في الاصول. وبالجملة: ما هو الواجب النفسي ليس إلا الصوم، وتركه موجب لاستحقاق العقوبة على ترك الواجب، فما يستظهر عنهم أحيانا في غير محله. قوله مد ظله: الاكل والشرب. في الجملة بلا شائبة إشكال، وعليه الاجماع المدعى، المقرون بدعوى القطع والضرورة . والذي هو الاصل: أن حديث ترك الطعام والشراب ليس من شرائط الصوم، بل هما من مقومات ماهية الصوم، وكان تركهما، بل وترك الجماع حسب ما يظهر من الكتاب، مما ارتكزت عليه أذهان المتشرعة، وأرباب الشرائع السالفة، فإن قوله تعالى: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة 185) كان ما يفهمه صدر الاسلام أبناء المنطقة، فيعلم منه أن أصل ترك الاكل والشرب كان معهودا، بل ومن قوله تعالى: "احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" (البقرة 187) أيضا يعلم أن تركه كان معهودا في ذلك. وقد اشتهر أن زمان الصوم كان إلى زوال الشمس، ولاجله ورد "ثم أتموا الصيام إلى الليل" (البقرة 187). هذا، فالاولى أن يكون ترك الطعام والشراب، والامساك عنهما مورد العنوان أولا، ثم إلحاق مطلق الاكل إليه إذا اقتضاه الدليل، وذلك لان معتبر ابن مسلم يتضمن عنوان الطعام والشراب كما يأتي ، وليس في الاخبار الصحيحة ما يدل على أن عنوان الاكل مورد الحكم. وتوهم أن قوله تعالى: "كلوا واشربوا" (البقرة 187) إلى آخره يشهد على أن ترك الاكل لازم إلى الليل، غير جائز، لعدم كونه في هذا المقام، لما عرفت أن ترك الاكل في الجملة من مقومات الصوم، والاية بصدد دفع ما كان صوما في الجاهلية إلى الزوال، ويكون توطئة لقوله تعالى: "ثم أتموا الصيام إلى الليل" (البقرة 187). نعم، في طائفة من الاخبار عنوان الاكل والشراب، وهي وإن لم تكن نقية الاسناد، ولكنها لاجل الاجماعات منجبرة. اللهم إلا أن يقال: لا يكون الاجماع والشهرة عملية حتى تكون جابرة، ولا يكفي لقوة استفادتهم ذلك من الكتاب والسنة.
وعن کتاب الصوم للسيد مصطفى الخميني: الفصل الثاني قصد التعيين في سائر أنواع الصيام التعيين في صوم الكفارة كصوم الكفارة، والقضاء، والنذر، وغيرها، فهل يعتبر قصد التعيين والعنوان الخاص، أم لا؟ قضية ما عرفت منا من اختلاف المسألة ثبوتا وملاكا، واختلاف مقام الجعل والامتثال، هو أن المسألة في مرحلة الاثبات تابعة لمقدار اقتضاء الدليل، فعليه فمقتضى بعض الادلة في الكفارة، أن ما هو الواجب هو عنوان الكفارة والصوم واجب بالعرض، وحيث إن هذا العنوان من العناوين القصدية، فلا يتحقق إلا بالقصد، سواء كان زمان الكفارة موسعا، أو مضيقا، ممكنا فيه الصوم الاخر، أو غير ممكن، لان المطلوب ليس ذات الامساك لله تعالى، حسبما يستظهر من دليله. وقضية بعض منها وإن كان أن الواجب هو نفس الصوم، فلا يعتبر قصد الكفارة، إلا أن الصوم المطلق لا يعقل أن يكون واجبا كما عرفت، فلابد من الاشارة إلى الجهة المعينة بالايماء القلبي، من غير لزوم قصد العنوان الزائد على أصل الصوم. التعيين في صوم القضاء وأما صوم القضاء، فقضية جملة من المآثير أن الواجب هو عنوان القضاء فلابد من التعيين ولو كان إجماليا، لعدم الحاجة إلى اخطار عنوانه بالبال، بل يكفي الايماء إلى ما هو المعلوم في نظره بدلا عما فات منه في الشهر. ولكن مقتضى الكتاب "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة 185) وبعض الروايات، أن الواجب عدة من أيام اخر، فلو مرض في الشهر فليس مأمورا بالاداء، ولكن المجعول في حقه عدة من أيام اخر، فإذا صام في الايام الاخر فيسقط الامر. نعم، إذا كان الصوم في الايام الاخر متعينا بلون آخر، فيقع ذاك الصوم، ولا يصح من رمضان. ولو ضاق الوقت بحيث قلنا بعدم صحة غير صوم القضاء، فلا يضر حسب القواعد نية الخلاف، لانها حينئذ كالحجر جنب الانسان، فإن الواجب عليه عدة من أيام اخر، وهو قد امتثل، ولا يكون معنونا بعنوان آخر، فليتدبر. وهذا الذي ذكرناه يجري في صوم شهرين متتابعين، لو فرضنا فيه ضيق الوقت، وانحصار الزمان مثله، وعدم تحملهما للصوم الاخر، كما لو كان في تأخيره وهن للتكليف، فإذا تعين ذلك فلا يبطل بنية الخلاف، لاطلاق الدليل، واقتضائه أن ما هو الواجب نفس الطبيعة.
https://telegram.me/buratha