الصفحة الإسلامية

موسوعة الامام العسكري عليه السلام والقرآن الكريم (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب موسوعة الإمام العسكري عليه السلام للناشر مؤسسة ولي العصر عجل الله فرجه للدراسات الإسلامية: المقدمة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله الذي خلقنا فأحسن خلقنا، وقدر لنا فأحكم تقديره، ودبر لنا فألطف تدبيره، وله الشكر على ما هدانا للتي هي أقوم باتباع كتابه واقتفاء أوليائه، الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الظالين، والذين جعلهم الله عدل كتابه، لا يفترقون عنه قدر شعرة، عصمهم لذلك من الأخطاء والضلالات، وطهرهم من الرجس تطهيرا، وقدر نور هدايته الذي يهتدي به من في السماوات ومن في الأرض في بيوتهم، و أذن أن ترفع تلك البيوت ويذكر فيها اسمه "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصر" (النور 37)، قد من الله على عباده بتلك النعمة نعمة لا تعدلها أية نعمة أخرى، وقد أشار بذلك فقال عز اسمه: "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة" (آل عمرام 164). وذكر من شؤون فضلهم أن لهم الولاية على الناس، فقال: "إنما وليكم الله ورسوله، والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" (المائدة 55)، وأكد ذلك حينا بعد آخر فقال: "اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" (التوبة 119)، وذكر "واركعوا مع الراكعين" (البقرة 43)، وفرض أن "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" (النساء 58)، وعاتب على من خالف ذلك، فقال: "ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله" (التوبة 119)، وأخيرا لم يأذن لهم أن يتخلفوا عنه إلا بإذنه، فقال: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه" (النور 61)، ومع الاستيذان بعد، فخير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يأذن لمن يشاء ويحبس عمن يشاء، وأكد تلك الهداية، ومنع أن يختاروا غيرها مقابلة لها، فقال جل أسمه: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" (الأحزاب 35). وهؤلاء الأخيار الأبرار بمنزلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كل أمر إلا أنه لا يوحى إليهم، بل ينشرون في الناس ما عندهم من ودائع الرسول، يحكمون بحكمه ويحفظون شريعته وأحكامه، فهم عيبة علمه، وموضع سره، وتنبه لذلك فرقة من المسلمين واستقاموا في ذلك يرأسهم في الزمان الأول سلمان وأبو ذر ومقداد وعمار ومن حذا حذوهم، ويتبعهم في كل زمان، وفي عهد كل إمام من الأبرار يتبعهم جم من الأخيار، وأولئك الأئمة الأبرار قد أعدهم الله للأجيال القادمة.

 

وعن الامتداء لللأئمة عليهم السلام: وقد من الله على هؤلاء الأئمة الكرام بإمداد غيبي وعظمهم حتى في أنفس المعاندين كما رأيت، فلم يدع من الناس عالما ولا جاهلا ولا دنيا ولا فاضلا ولا مؤمنا صالحا ولا فاجرا طالحا ولا جبارا عنيدا ولا شيطانا مريدا إلا أقر بفضلهم، لأنه سبحانه عرفهم جلالة أمرهم، وعظم خطرهم، وكبر شأنهم وتمام نورهم، وصدق مقاعدهم. ألم تر كيف لين قلب فرعون وامرأته لموسى عليه السلام لما أبصرت به امرأة فرعون، قالت: "قرت عين لي ولك" (القصص 8)، وما ذلك إلا لما ألقى عليه محبة منه جل جلاله، وكذلك الأمر في الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام لما خرج من سجن المعتمد رأوا أن كتب بخطه الشريف: "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواهم والله متم نوره ولو كره الكافرون" (التوبة 32). قال المفيد رحمه الله: ضيقوا على الإمام العسكري عليه السلام في السجن وعهدوا إلى أشد أعدائه أن يعامل معه بأشد ما يكون وأفظعه، فلما رأي الرجل الإمام عليه السلام وصاحبه أياما رآه يمدح الإمام ويفضله على غيره أكثر من سواه، ولا يذهب عليك أن ذلك كله في حداثة سنة الشريف، وي ريعان شبابه، وكان الإمام وكذلك أبوه الشريف عليهما السلام من قبل تحت منظار الخليفة لا يهتدى الشيعة إليه سبيلا إلا فيما يروح إلى دار الخلافة في كل أسبوع مرتين: يوم الاثنين ويوم الخميس، ولقد ألقى عليهم الضيق إلى حد وقع عليه السلام إلى بعض معتمد به حينما خرج إلى دار الخلافة لا يسلم على أحد، ولا يشير إليه بيده ولا يومي، وهل الإمام في تلك المحنة القارصة ألقى بيديه، وجلس في زاوية بيته يتجرع الغصص، ويدع الناس وأنفسهم، كلا وحاشا، بل رابط مع الثقات من شيعته، وجعل يعرفهم لعرض الناس كي يراجعوهم ويأخذوا عنهم، ما ألقى إليهم من معالم دينهم ويسلمون إليهم الحقوق الواجبة عليهم حتى يصل إليه عليه السلام، ينعش به مساكين الشيعة، فانتشر له كلماته حتى في البلاد النائية مثل نيشابور وبيهق والكش وسمرقند، وكان يطالع ما كتبوا عنه وعن آبائه عليهم السلام في عمل اليوم والليلة، ويقرأ فيه ورقا ورقا، ثم يؤيد محتواه، وحصل من ذلك وأشباهه ثورة علمية، وقام رجال لذلك وظفروا بحصيلة علمية لا يستهان بها.

 

جاء في کتاب موسوعة الإمام العسكري عليه السلام للناشر مؤسسة ولي العصر عجل الله فرجه للدراسات الإسلامية: قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن عليه السلام، وجلس أبو محمّد عليه السلام مكان والده وكنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفّي فقالت: يا مولاتي ناوليني خفّك؟ فقلت: بل أنت سيّدتي ومولاتي، واللّه لا أدفع إليك خفّي لتخلعيه ولا لتخدميني، بل أنا أخدمك على بصري. فسمع أبو محمّد عليه السلام ذلك، فقال: جزاك اللّه يا عمّة خيراً فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس، فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لأنصرف. فقال عليه السلام: لا، يا عمّتا بيتّي الليلة عندنا، فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللّه عزّ وجلّ، الذي يحيي اللّه عزّ وجلّ به الأرض بعد موتها. فقلت: ممّن يا سيّدي ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحبل. فقال: من نرجس، لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهراً لبطن، فلم أر بها أثر حمل، فعدت إليه عليه السلام فأخبرته بما فعلت، فتبسّم، ثمّ قال لي: إذا كان وقت الفجر، يظهر لك بها الحبل، مثلها مثل أُمّ موسى عليه السلام، لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالي في طلب موسى عليه السلام، وهذا نظير موسى عليه السلام. قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال، وسألتها عن حالها؟ فقالت: يا مولاتي ما أرى بي شيئاً من هذا. قالت حكيمة: فلم أزل أراقبها إلى وقت طلوع الفجر، وهي نائمة بين يديّ لا تقلب جنباً إلى جنب حتّى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر، وثبت فزعة فضمّمتها إلى صدري وسمّيت عليها. فصاح إلي أبو محمّد عليه السلام وقال: اقرئي عليها: "إِنَّآ أَنزَلْنَهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ" (القدر 1) فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر بي الأمر الذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ، وسلّم عليّ. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمّد عليه السلام: لا تعجبي من أمر اللّه عزّ وجلّ إنّ اللّه تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجّة في أرضه كباراً، فلم يستتمّ الكلام حتّى غيبت عنّي نرجس، فلم أرها، كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمّد عليه السلام وأنا صارخة. فقال لي: ارجعي يا عمّة ! فإنّك ستجديها في مكانها. قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري. وإذا أنا بالصبيّ عليه السلام ساجداً لوجهه، جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابتيه، وهو يقول: (أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، وأنّ جدّي محمّداً رسول اللّه، وأنّ أبي أمير المؤمنين)، ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه، ثمّ قال: (اللّهمّ أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطا). فصاح بي أبو محمّد عليه السلام فقال: يا عمّة ! تناوليه وهاتيه. فتناولته وأتيت به نحوه، فلمّا مثلّت بين يدي أبيه وهو على يدي سلّم على أبيه، فتناوله الحسن عليه السلام منّي والطير ترفرف على رأسه وناوله لسانه، فشرب منه، ثمّ قال: امضي به إلى أُمّه لترضعه وردّيه. قالت: فتناولته أُمّه، فأرضعته، فرددته إلى أبي محمّد عليه السلام والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها، فقال له: احمله واحفظه وردّه إلينا في كلّ أربعين يوماً، فتناوله الطير وطار به في جوّ السماء وأتبعه سائر الطير. فسمعت أبا محمّد عليه السلام يقول: أستودعك اللّه الذي أودعته أُمّ موسى، موسى، فبكت نرجس، فقال لها: اسكتي فإنّ الرضاع محرّم عليه إلاّ من ثديك، وسيعاد إليك كما ردّ موسى إلى أُمّه، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ: "فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمّهِ كَي تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ" (القصص 13). قالت حكيمة: فقلت: وما هذا الطير؟ قال: هذا روح القدس الموكّل بالأئمّة عليهم السلام، يوفّقهم ويسدّدهم ويربّيهم بالعلم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك