الصفحة الإسلامية

أهمية السؤال في القرآن الكريم (ح 8 ) (يسألونك عن الأنفال)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قوله تبارك وتعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأنفال 1﴾ يَسَأْلُونَكَ: يَسْـَٔلُ فعل، ونَ ضمير، كَ ضمير، عَنِ حرف جر، الْأَنفَالِ: الْ اداة تعريف، أَنفَالِ اسم. الأنفال: الغنائم جمع نَفَل، و هو أُخذ من مال الكفار من غير حرب. و النافلة: الغنيمة. الأنفال: غنائم بدر. يسألك أصحابك أيها النبي عن الغنائم يوم "بدر" كيف تقسمها بينهم؟ قل لهم: إنَّ أمرها إلى الله ورسوله، فالرسول يتولى قسمتها بأمر ربه، فاتقوا عقاب الله ولا تُقَدموا على معصيته، واتركوا المنازعة والمخاصمة بسبب هذه الأموال، وأصلحوا الحال بينكم، والتزموا طاعة الله ورسوله إن كنتم مؤمنين؛ فإن الإيمان يدعو إلى طاعة الله ورسوله.

 

وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تبارك وتعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأنفال 1﴾ قال تعالى: "يَسْأَلُونَكَ" أي: يسألك يا محمد جماعة من أصحابك "عَنِ الْأَنْفَالِ": اختلف المفسرون في الأنفال ههنا، فقيل: هي الغنائم التي غنمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يوم بدر، وهو المروي عن عكرمة، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وقيل: هي أنفال السرايا، عن الحسن بن صالح بن حي. وقيل: هي ما شذ عن المشركين إلى المسلمين من عبد أو جارية من غير قتال، أو ما أشبه ذلك، عن عطا، وقيل: هو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، خاصة، يعمل به ما شاء. وقيل: هو ما سقط من المتاع بعد قسمته الغنائم، من الغرس، والزرع، والرمح، عن ابن عباس في رواية أخرى، وروي عنه أيضا أنه سلب الرجل وفرسه، ينفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم به من شاء. وقيل: هي الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس، عن مجاهد في رواية أخرى. وصحت الرواية عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام، أنهما قالا: إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال، وكل أرض إنجلى أهلها عنها بغير قتال، ويسميها الفقهاء فيئا، وميراث من لا وارث له، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب، والآجام، وبطون الأودية، والأرضون الموات، وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه. وقالا: هي لله وللرسول، وبعده لمن قام مقامه، فيصرفه حيث شاء من مصالح نفسه، ليس لأحد فيه شئ. وقالا: إن غنائم بدر كانت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، خاصة، فسألوه أن يعطيهم. وقد صح أن قراءة أهل البيت عليهم السلام: "يسألونك الأنفال" فقال الله تعالى "قل" يا محمد "الأنفال لله والرسول" وكذلك ابن مسعود، وغيره، إنما قرأوا كذلك على هذا التأويل. فعلى هذا، فقد اختلفوا في كيفية سؤالهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال هؤلاء: إن أصحابه سألوه أن يقسم غنيمة بدر بينهم، فأعلمهم الله سبحانه أن ذلك لله ولرسوله دونهم، وليس لهم في ذلك شئ. وروي ذلك أيضا عن ابن عباس، وابن جريج، والضحاك، وعكرمة، والحسن، واختاره الطبري، وقالوا: إن عن صلة، ومعناه يسألونك الأنفال أن تعطيهم، ويؤيد هذ القول قوله "فاتقوا الله" إلى آخر الآية. ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم هي منسوخة بآية الغنيمة، وهي قوله: "واعلموا أنما غنمتم من شئ" وقال بعضهم ليست بمنسوخة، وهو الصحيح، لأن النسخ يحتاج إلى دليل، ولا تنافي بين هذه الآية، وآية الخمس. وقال آخرون: إنهم سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن حكم الأنفال، وعلمها، فقالوا: لمن الأنفال؟ وتقديره يسألونك عن الأنفال لمن هي، ولهذا جاء الجواب بقوله: "قل الأنفال لله والرسول". وقال آخرون: إنهم سألوه عن حال الغنائم وقسمتها، وأنها حلال أم حرام، كما كانت حراما على من قبلهم، فبين لهم أنها حلال. واختلفوا أيضا في سبب سؤالهم: فقال ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال يوم بدر: من جاء بكذا، فله كذا، ومن جاء بأسير، فله كذا، فتسارع الشبان وبقي الشيوخ تحت الرايات، فلما انقضى الحرب، طلب الشبان ما كان قد نفلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم به، فقال الشيوخ: كنا ردءا لكم، ولو وقعت عليكم الهزيمة لرجعتم إلينا، وجرى بين أبي اليسر بن عمرو الأنصاري، أخي بني سلمة، وبين سعد بن معاذ، كلام، فنزع الله تعالى الغنائم منهم، وجعلها لرسوله، يفعل بها ما يشاء، فقسمها بينهم بالسوية.

 

جاء في معاني القرآن الكريم: سأل السؤال: استدعاء معرفة، أو ما يؤدي إلى المعرفة، واستدعاء مال، أو ما يؤدي إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان، واليد خليفة له بالكتابة، أو الإشارة، واستدعاء المال جوابه على اليد، واللسان خليفة لها إما بوعد، أو برد. إن قيل: كيف يصح أن يقال السؤال. نفل النفل قيل: هو الغنيمة بعينها لكن اختلفت العبارة عنه لاختلاف الاعتبار، فإنه إذا اعتبر بكونه مظفورا به يقال له: غنيمة، وإذا اعتبر بكونه منحة من الله ابتداء من غير وجوب يقال له: نفل، ومنهم من فرق بينهما من حيث العموم والخصوص، فقال: الغنيمة ما حصل مستغنما بتعب كان أو غير تعب، وباستحقاق كان أو غير استحقاق، وقبل الظفر كان أو بعده. والنفل: ما يحصل للإنسان قبل القسمة من جملة الغنيمة، وقيل: هو ما يحصل للمسلمين بغير قتال، وهو الفيء.

 

جاء في التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي: قوله تبارك وتعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأنفال 1﴾ والأنفال جمع نفل بفتح النون والفاء كسبب وأسباب وهو في أصل اللغة من النفل بفتح فسكون أى: الزيادة، ولذا قيل للتطوع نافلة، لأنه زيادة عن الأصل وهو الفرض وقيل لولد الولد نافلة، لأنه زيادة على الولد. قال تعالى: "وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً" (الأنبياء 72). قال الآلوسى: ثم صار النفل حقيقة في العطية، لأنها لكونها تبرعا غير لازم كان زيادة، ويسمى به الغنيمة أيضا وما يشترطه الإمام للغازى زيادة على سهمه لرأى يراه سواء أكان لشخص معين أو لغير معين، وجعلوا من ذلك ما يزيده الإمام لمن صدر منه أثر محمود في الحرب كبراز وحسن إقدام، وغيرهما. وإطلاقه على الغنيمة، باعتبار أنها زيادة على ما شرع الجهاد له وهو إعلاء كلمة الله، أو باعتبار أنها زيادة خص الله بها هذه الأمة، أو باعتبار أنها منحة من الله تعالى من غير وجوب. ثم قال: ومن الناس من فرق بين الغنيمة والنفل بالعموم والخصوص. فقيل: الغنيمة ما حصل مستغنما سواء أكان بتعب أو بغير تعب، قبل الظفر أو بعده، والنفل ما كان قبل الظفر، أو ما كان بغير قتال وهو (الفيء). والمراد بالأنفال هنا الغنائم كما روى عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، وطائفة من الصحابة وغيرهم. هذا، وجمهور العلماء على أن المقصود من سؤال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأنفال أى الغنائم إنما هو حكمها وعن المستحق لها، فيكون المعنى: يسألك بعض أصحابك يا محمد عن غنائم بدر كيف تقسم؟ ومن المستحق لها؟ قل لهم: الأنفال لله يحكم فيها بحكمه سبحانه وللرسول صلى الله عليه وسلم فهو الذي يقسمها على حسب حكم الله وأمره فيها. وفي هذه الإجابة على سؤالهم تربية حكيمة لهم وهم في أول لقاء لهم مع أعدائهم حتى يجعلوا جهادهم من أجل إعلاء كلمة الله. أما الغنائم والأسلاب وأعراض الدنيا التي تأتيهم من وراء جهادهم فعليهم ألا يجعلوها ضمن غايتهم السامية من جهادهم، وأن يفوضوا الأمر فيها لله ورسوله عن إذعان وتسليم.

 

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تبارك وتعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأنفال 1﴾ سياق الآيات في السورة يعطي أنها مدنية نزلت بعد وقعة بدر، وهي تقص بعض أخبار بدر، وتذكر مسائل متفرقة تتعلق بالجهاد والغنائم والانفال ونحوها، وأمورا أخرى تتعلق بالهجرة، وبها تختتم السورة. قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ" إلى آخر الآية. الأنفال جمع نفل بالفتح وهو الزيادة على الشئ، ولذا يطلق النفل والنافلة على التطوع لزيادته على الفريضة، وتطلق الأنفال على ما يسمى فيئا أيضا وهي الأشياء من الأموال التي لا مالك لها من الناس كرؤوس الجبال، وبطون الأودية، والديار الخربة، والقرى التي باد أهلها، وتركة من لا وارث له، وغير ذلك كأنها زيادة على ما ملكه الناس فلم يملكها أحد وهي لله ولرسوله، وتطلق على غنائم الحرب كأنها زيادة على ما قصد منها فإن المقصود بالحرب والغزوة الظفر على الأعداء واستئصالهم فإذا غلبوا وظفر بهم فقد حصل المقصود، والأموال التي غنمه المقاتلون والقوم الذين أسروهم زيادة على أصل الغرض. و (ذات) في الأصل مؤنث (ذا) بمعنى الصاحب من الألفاظ اللازمة الإضافة غير أنه كثر استعماله في نفس الشئ بمعنى ما به الشئ هو هو فيقال: ذات الانسان اي ما به الانسان إنسان وذات زيد أي النفس الانسانية الخاصة التي سميت بزيد، وكان الأصل فيها النفس ذات أعمال كذا ثم أفردت بالذكر فقيل ذات الأعمال أو ما يؤدي مؤداه ثم قيل ذات، وكذلك الامر في ذات البين فلكون الخصومة لا تتحقق إلا بين طرفين نسب إليها البين فقيل ذات البين اي الحالة والرابطة السيئة التي هي صاحبة البين فالمراد بقوله: أصلحوا ذات بينكم أي أصلحوا الحالة الفاسدة والرابطة السيئة التي بينكم. وقال الراغب في المفردات: (ذو) على وجهين: أحدهما يتوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع، ويضاف إلى الظاهر دون المضمر، ويثنى ويجمع، ويقال في التثنية: ذواتا وفي الجمع ذوات ولا يستعمل شئ منها إلا مضافا. قال: وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوه عبارة عن عين الشئ جوهرا كان أو عرضا واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر وبالألف واللام، وأجروها مجرى النفس والخاصة فقالوا: ذاته ونفسه وخاصته وليس ذلك من كلام العرب، والثاني في لفظ ذو لغة لطيئ يستعملونه استعمال (الذي) ويجعل في الرفع والنصب والجر والجمع والتأنيث على لفظ واحد نحو: وبئري ذو حفرت وذو طويت أي التي حفرت والتي طويت انتهى. والذي ذكره من عدم إضافته إلى الضمير منقول عن الفراء ولازمه كون استعماله مضافا إلى الضمير من كلام المولدين والحق أنه قليل لا متروك وقد وقع في كلام علي عليه السلام في بعض خطبه كما في نهج البلاغة.

 

قوله تبارك وتعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الأنفال 1﴾ وقد اختلف المفسرون في معنى الآية وموقعها اختلافا شديدا من جهات: من جهة معنى قوله: "يسألونك عن الأنفال" وقد نسب إلى أهل البيت عليهم السلام وبعض آخر كعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن مصرف أنهم قرأوا: (يسألونك الأنفال) فقيل عن زائدة في القراءة المشهورة، وقيل: بل مقدرة في القراءة الشاذة وقيل: إن المراد بالانفال غنائم الحرب وقيل: غنائم غزوة بدر خاصة بجعل اللام في الأنفال للعهد وقيل: الفئ الذي لله والرسول والامام، وقيل: إن الآية منسوخة بآية الخمس وقيل: بل محكمة وقد طالت المشاجرة بينهم كما يعلم بالرجوع إلى مطولات التفاسير كتفسيري الرازي والآلوسي وغيرهما. والذي ينبغي أن يقال بالاستمداد من السياق: أن الآية بسياقها تدل على أنه كان بين هؤلاء المشار إليهم بقوله: (يسألونك) تخاصم خاصم به بعضهم بعضا بأخذ كل جانبا من القول لا يرضى به خصمه، والتفريع الذي في قوله: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ" يدل على أن الخصومة كانت في أمر الأنفال، ولازم ذلك أن يكون السؤال الواقع منهم المحكي في صدر الآية إنما وقع لقطع الخصومة، كأنهم تخاصموا في أمر الأنفال ثم راجعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسألونه عن حكمها لتنقطع بما يجيبه الخصومة وترتفع عما بينهم. وهذا كما ترى يؤيد أولا القراءة المشهورة: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ" فإن السؤال إذا تعدى بمن كان بمعنى استعلام الحكم والخبر، وأما إذا استعمل متعديا بنفسه كان بمعنى الاستعطاف ولا يناسب المقام إلا المعنى الأول. وثانيا: أن الأنفال بحسب المفهوم وإن كان يعم الغنيمة والفئ جميعا إلا ان مورد الآية هي الأنفال بمعنى غنائم الحرب لا غنائم غزوة بدر خاصة إذ لا وجه للتخصيص فإنهم إذ تخاصموا في غنائم بدر لم يتخاصموا فيها لأنها غنائم بدر خاصة بل لأنها غنائم مأخوذة من أعداء الدين في جهاد ديني، وهو ظاهر. واختصاص الآية بحسب موردها بغنيمة الحرب لا يوجب تخصيص الحكم الوارد فيها بالمورد، فان المورد لا يخصص، فإطلاق حكم الآية بالنسبة إلى كل ما يسمى بالنفل في محله، وهي تدل على أن الأنفال جميعا لله ولرسوله لا يشارك الله ورسوله فيها أحد من المؤمنين سواء في ذلك الغنيمة والفئ. ثم الظاهر من قوله: "قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ" وما يعظهم الله به بعد هذه الجملة ويحرضهم على الايمان هو ان الله سبحانه فصل الخصومة بتشريع ملكها لنفسه ولرسوله، ونزعها من أيديهم وهو يستدعي ان يكون تخاصمهم من جهة دعوى طائفة الأخرى ذلك، ففصل الله سبحانه خصومتهم فيها بسلب ملكهم منها وإثبات ملك نفسه ورسوله، وموعظتهم ان يكفوا عن المخاصمة والمشاجرة، وأما قول من يقول: ان الغزاة يملكون ما اخذوه من الغنيمة بالاجماع فأحرى به ان يورد في الفقه دون التفسير. وبالجملة فنزاعهم في الأنفال يكشف عن سابق عهد لهم بأن الغنيمة لهم أو ما في معناه غير أنه كان حكما مجملا اختلف فيه المتخاصمان وكل يجر النار إلى قرصته، والآيات الكريمة تؤيد ذلك. توضيحه: ان ارتباط الآيات في السورة والتصريح بقصة وقعة بدر فيها يكشف ان السورة بأجمعها نزلت حول وقعة بدر وبعيدها حتى أن ابن عباس على ما نقل عنه كان يسميها سورة بدر، والتي تتعرض لأمر الغنيمة من آياتها خمس آيات في مواضع ثلاثة من السورة هي بحسب ترتيب السورة، قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ" الآية، وقوله تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الأنفال 41)، وقوله تعالى: "مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)" (الأنفال 67-69). وسياق الآية الثانية يفيد انها نزلت بعد الآية الأولى والآيات الأخيرة جميعا لمكان قوله فيها: "إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ" فهي نازلة بعد الوقعة بزمان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك