خضير العواد
الاجتهاد والتقليد يستند على قاعدة متينة لا يمكن تحريكها أو الطعن بها وهذا ما تسالم عليه أهل العقل وما انعقدت عليه القلوب ومن ثم الغرائز ، فقد اتفقت العقول على الذي يمرض يجب أن يعالج نفسه أما يصبح هو الطبيب لنفسه أو أن يذهب للطبيب لكي يحصل على العلاج وبما أن الأول يستحيل على تعلم الطب من قبل أغلب الناس لهذا السبب اتفقت العقول على تقليد الطبيب في العلاج وهكذا بقية نواحي الحياة ومنها فروع الدين ، لهذا فالتقليد لا يحتاج الى دليل نقلي لأن تسالم أهل العقول للذهاب لأهل الخبرة .
ولكن بالرغم من ذلك فأن الآيات القرآنية قد أظهرت الرجوع للعلماء في السؤال يؤدي الى الفلاح والنجاح ، حيث يقول الله سبحانه وتعالى ( فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون) ( 1 ) بل حث القرآن على تعلم مسائل الدين وتعليم الناس لعلهم يحذرون من حبائل الشيطان ومكائده حيث يقول الله سبحانه وتعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نَفَرَ من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلم يحذرون) ( 2) وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تدفع بالرجوع الى أهل العلم في معرفة مسائل الدين والدنيا ، بالإضافة الى مئات الأدلة التي أظهرتها سنة المعصوم عليه السلام من زمن الرسول (صلى الله عليه واله) الى زمن الغيبة الصغرى للإمام الحجة بن الحسن روحي وأرواح العالمين لمقدمه الوفاء وقد ذكرنا بعض منها في الأجزاء السابقة من البحث .
علماً ان أول بذور الاجتهاد والتقليد المتعارف عليه نشأت في زمن الغيبة الصغرى أي الوكلاء الخاصين للإمام الحجة عج كانوا يسمعون ويرون والإمام عج لم يصدر منه أي نهي عن ذلك وسكوته دليل الإقرار وهذه البذرة انطلقت من أبن أبي عقيل العماني وقد ظهرت أرائه الاجتهادية في كتابه ( المتمسك بحبل آل الرسول) ( 3) ومن بعده محمد بن احمد بن الجنيد الكاتب الاسكافي وظهرت أرائه الاجتهادية في كتابيّه ( تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة) و( الأحمدي للفقه المحمدي) ويطلق على العماني وبن الجنيد بالاقدميين (4) ، ويعتبر الاسكافي من مشايخ الشيخ المفيد الذي أنطلق الاجتهاد الانطلاقة الحقيقية على يديه وهذه ترتيب تاريخي لانطلاق الاجتهاد والتقليد من زمن الغيبة الصغرى :
1-ابن ابي عقيل العماني الذي عاصر السمّري أخر السفراء المتوفى (369 هجري)
2-ابن الجنيد الاسكافي من أساتذة الشيخ المفيد توفي 381 هجري ويعرف هو وابن ابي عقيل بالقديمين لأنهما كانا في أول زمن الغيبة الكبرى
3- الشيخ المفيد ولد سنة 336 هجري وتوفي 413 هجري
4- السيد الشريف المرتضى ولد 355 هجري وتوفي 436 هجري
5- الشيخ الطوسي ولد 385 هجري وتوفي 460 هجري ومن بعدهم استمرت المرجعية الدينية اي الاجتهاد والتقليد الى يومنا هذا (5 ) ، وهذه الانطلاقة للاجتهاد والتقليد كانت تحت أنظار الإمام الحجة عج وقد سددها وأيدها في كثير من المواقف وهناك الآلاف من القصص التي تظهر هذا الأمر.
(1) سورة النحل آية 43(2) سورة التوبة آية 122(3) حياة ابن أبي عقيل العماني – إعداد مركز المعجم الفقهي ص32(4) كتاب تاريخ التشريع الإسلامي عبد الهادي الفضلي عهد ابتداء الغيبة الكبرى(5) مدخل الى علم الفقه – الشيخ علي خازم ص16
https://telegram.me/buratha