المقدمة
ترددت كثيرا في الخوض بموضوع الاختلاف الفكري والتشريعي بين{ السنة والشيعة }. رغم وجود كتاب واساتذة جامعيون سبقوني وكتبوا في موضوع الخلافات العقائدية والتشريعية في المنظومة الاسلامية . غير ان الذي دفعني للتصدي لهذه المهمة هو زخم الهجوم والتكفير والتسقيط الذي يشنه اصحاب الاجندات{التي لا أبراَها من العمالة لجهات تعتاش على الفرقة بين المسلمين} وموارد عيشها ينصب على ما يقدمونه من برامج ونشرات تشق وحدة الصف وتلغي الأخر تماما . وحين يتحدثون عن الوحدة الاسلامية . فان منطقهم يختلف كثيرا عن منطق القران الكريم:{إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93الانبياء) .
ما المقصود من الوحدة الإسلامية؟ هل المقصود اختيار مذهب واحد وتذويب سائر المذاهب. أو المقصود بالوحدة هي المشتركات فيما بين المذاهب، ووضع جميع الفوارق جانباً، ومن ثم يتم اختراع مذهب جديد بهذا الشكل لا يكون مطابقاً لأي مذهب من المذاهب الموجودة؟ أو أن الوحدة الإسلامية لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال {بوحدة المذاهب}، نقول : يتمتع كافة المسلمين برؤية ثقافية مشتركة وينتمون الى حضارة ذات تاريخ طويل. جميع هذه الأمور كفيلة بخلق شعب واحد وقدرة هائلة تجعل أعظم القوى العالمية مجبرةً على الانحناء والخضوع أمامها.
لعل القارئ اللبيب قد سمع شعارات وحدوية من احزاب سياسية بمختلف اتجاهاتها , لا زال بعضها يغرد في الساحة الاسلامية , هذه الشعارات لا بد ان نتجول في مفاهيمها لمعرفة الخطورة من الوحدة السياسية .. هناك من يفرق بين الْوحدَة (بِفَتْح الْوَاو) والوحدة (بخفضها) فَيَقُولُونَ: الْوحدَة الْعَرَبيَّة يعنون {انصهار الدول الْعَرَبيَّة فِي دولة وَاحِدَة}، ويؤمنون أَن الْوحدَة (بِالْفَتْح) تَعْنِي الِانْفِرَاد، بَيْنَمَا الْوحدَة (بالخفض الجر) تَعْنِي الارتباط والانصهار وَجمع الْأَجْزَاء. وَمن الأولى مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: شَرّ أمتِي الوحداني المعجب بِدِينِهِ الْمرَائِي بِعَمَلِهِ. يَعْنِي الْمُنْفَرد بِنَفسِهِ المفارق للْجَمَاعَة، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الْوحدَة والانفراد. عَلى هَذَا تكون الْوحدَة من الِانْفِرَاد،الى الِاتِّحَاد(درة الغواص في أوهام الخواص المؤلف: القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، أبو محمد الحريري البصري (516هـ) المحقق: عرفات مطرجي الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية ـ بيروت الطبعة: الأولى، 1418/1998هـ، ص 291).
خلاصة كلامي من هذا الطرح ان الدكاكين والفضائيات الاعلامية من الفريقين ستحرك ما تتمكن فيه من هجوم بكل الاتهامات لشخصي وارائي التي سأبينها في طرح المفهوم المذهبي والنظرة للفرق الاسلامية . ولا اعتقد ان هذه الدكاكين الاعلامية تتأثر بقول القران الكريم . او تتأثر لحديث نبوي او لاحد المعصومين او الصحابة او العلماء . لان ما يطرحه هذا الكتاب فيه خطورة على بضاعتهم التي يروجونها بتكفير المسلمين . حتى وصل الحال بتبني اراء بعيدة عما تركه رسول الله{ص} يوم حجة الوداع (كتاب الله وعترتي كما عند الشيعة وبعض السنة) (كتاب الله وسنتي عند بعض السنة) وهذا سيجعل لنا مدخل في تبني كل طرف ومورد دليله .والله الموفق.
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
https://telegram.me/buratha