حسن المياح ||
( من يبتغ غير الإسلام دينآ، فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين )
إن فكرة تكوين حزب في العمل الحركي الإسلامي، جاءت فكرته من خلال تحشيد إناس دعاة واعين حركيين، تربوا على عقيدة التوحيد في الإسلام، ومفاهيم القرآن، وأنهم على خلق إسلامي قويم، في هيئة تنظيم، وظيفته توضيب وتهذيب العمل الرسالي، وتكثيف الجهود، وبناء قاعدة مؤمنة واعية حركية مخلصة صادقة جادة، همها تغيير واقع حال المجتمع، وتدريبه وتربيته، على المنهج الإلهي العقيدي، ومحاولة تطبيعه وتكييفة بتعامل أخوي على تطبيق شريعة الإسلام، وتنفيذ أحكامه، في واقع حياتهم الفردية والإجتماعية، ليتسى الإمتداد والتوسع في تكوين لبنة مجتمعية فاعلة قادرة مؤثرة وذات موج تغييري في المجتمع، من أجل تطبيق النظام الإسلامي الشامل على خط الإستقامة، ونشر العدل، بروح أخوية إجتماعية، مؤمنة، متعاونة، متعاضدة، وزرع روع الثقة والإنسجام بين أفراد المجتمع، الذين هم مادة المجتمع الإسلامي المنظور، وقيادة الحياة وفق المنهج الرسالي، والنظام الإجتماعي الإسلامي، وإحياء الإرادة الجامدة المشلولة، وتعزيز روح العمل الرسالي الحركي الجاد في خط الإسلام، وتكوين مجتمع شامل كامل يقوم على أساس الإسلام، في قيادة الحياة والإنسان، في عالم وجوده الفردي والإجتماعي.
هذه خلاصة مكثفة للعمل الحزبي في الإسلام. وهذا العمل ليس غريبآ على الإسلام، ولا مصطنعآ، ولا مستوردآ من الخارج؛ وإنما هو من صميم العمل الرسالي الإسلامي، والتخطيط القرآني الذي يواكب العمل الدعوتي الرسالي النبوي، وتشخيص نقاط القوة، ونقاط الضعف في العمل، ليتسنى تصحيح مسار التجربة العملية الحركية، وما يصادفه العاملون الرساليون من مصاعب ومشاكل ومتاعب في التطبيق المستند على قاعدة التوحيد، وخط إستقامته.
وخير مثال على ذلك وقعة وغزوة أحد، والدروس المستخلصة منها، في تقويم العمل الحركي الرسالي في ساحة الجهاد، والإخفاقات التي وقع فيها المسلمون المؤمنون الذين تجاوزوا التمسك والإلتزام الحرفي بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله، وما أصابهم من إرتخاء وتماهل وعصيان بسبب الغرور والإنتفاش بروح النصر في واقعة بدر التي سبقتها، والخروج على وعن اوامر القيادة، والتوجيهات والإحتياطات التي وضعها رسول الله بوصفه الرسول المطاع والمسدد من الله، والقائد العام لإدارة سير المعركة ضد مشركي قريش.
فالقرآن الحكيم من خلال آياته الكريمة المباركة، واكب كل هذه التطورات، مؤشرآ على مواقع الخلل، ومواطن الضعف التي إرتكبها المسلمون المجاهدون، من أجل تصحيح كل ما هو خاطيء، ومؤدي الى الفشل والخسران، وإطاعة القيادة، وتنفيذ الأوامر حسب الخطة المرسومة، وهذا ينطبق في العمل الجهادي وخوض المعارك، وفي واقع الحياة الإجتماعية اليومية.
وبهذه الشاكلة، وعلى هذا النمط التنظيمي والقيادي، إستطاع رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون دولة عدل قائمة على أساس الإسلام، وينشيء مجتمعآ مسلمآ مؤمنآ على عقيدة التوحيد وخط إستقامته، وسيادة روح الإخاء، والمحبة، والتسامح، والتعاون، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإستطاعت هذه الدولة الفتية -- وعلى الرغم من قلة عددها وعدتها وأسلحتها -- أن تسقط الإمبراطوريات، وتفتح الآفاق للناس بالولوج الى عقيدة الإسلام، وحضيرة الإيمان، وتكون ذات شوكة وقوة ومنعة، وإستطاعت أن تحول حياة الناس وتخرجهم من جاهلية رعناء ظالمة مظلمة كافرة، وتدخلهم في رحاب الإسلام، وتنور عقولهم بعقيدة التوحيد ومفاهيم القرآن، وتفتح قلوبهم على الإيمان بخالق واحد أحد مالك غني محيي قوي جبار، وتنزع منهم كل أسمال الجاهلية وقذاراتها ونجاساتها وأوهاقها وكفرها، وتجعلهم في واقع طيب مسلم مؤمن طهور في الشكل والمضمون.
هذه هي رسالة الإسلام العظيمة، وما تدعو اليه من عمل سياسي رسالي حزبي، يقوم على أساس الإسلام، بكل ما فيه من خصائص ومقومات.
وتعلية على ذلك، أن السياسة في الإسلام، هي خصيصة من خصائصه، وميزة من مميزات تكوينه الهيكلي في جوانب وميادين الحياة من إجتماعية وفكرية وسياسية وإقتصادية وإدارية، وما الى ذلك من الج انب والميادين.
فلا تغرنكم الأبواق الإستعمارية المستكبرة، والأجندات الخارجية الحاقدة، وتوهمكم وتقول لكم أن الدين ( الإسلام) شيء، والسياسة شيء آخر، وعليه يجب عزل الدين عن السياسة.
هذه أجندة صليبية يهودية صهيونية، هدفها القضاء على الإسلام من خلال قلع عقيدة التوحيد من قلوب وعقول الناس، وإفساد خلقهم، من أجل تحقير الإنسان، ونبذه لعقيدته، وخروجه من منظومته الأخلاقية، ليسهل إستحمار الناس، وإستمطائهم للشعب المختار، اليهود الأنجاس المراذيل، وأن اليهودية هي دين الله المختار، والذي يجب على الناس إعتقاده والإيمان به، وتنفيذ كل اوامره، وما يدعو اليه أساطير وسخافات، وكفر وإلحاد.
والإسلام سياسته تنبع من داخله، ومن رحم عقيدة التوحيد، وبطن القرآن وأحكامه التشريعية. فالجسد واحد لا يقسم ولا يجزيء ولا يعزل أي جزء منه، لان في التقسيم او التجزئة أو العزل، تهديم للكيان كله، وتشويه لصورته وحقيقته ووجوده الفعلي الواقعي. ولا يعطي هذا الكيان ( دين الإسلام ) ثماره كاملة، إلا إذا تضافرت كل أجزائه كاملة في الفيض والعطاء.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha