محمد كاظم خضير ||
الخالدون العظماء هم من يخلِّدهم التاريخ في أنصع صفحاته، هم من يجمع الأعداء قبل الأصدقاء على عظمتهم، هم من لا يجد الكتَّاب والمؤرخون أي حرج في الحديث عنهم وتسليط الضوء على سيرتهم العطرة وتاريخهم المشرِّف، هم من يسكنون قلوب كل الناس على اختلاف فئاتهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم، يثنون عليهم ، ويعطرون المجالس بالحديث عنهم، ويذكرونهم دائما بالخير، هم من يحجزون لصورهم مساحات داخل منازل البسطاء الذين يتسابقون على شرائها من باب الوفاء لهم أولاً، ومن باب الفخر والاعتزاز بهم وبتاريخهم ومواقفهم التي تشرئب لها الأعناق، وتتباهى بها الأجيال المتعاقبة.
واليوم وفي رحاب شهر رمضان المبارك نقف عند واحد من هؤلاء العظماء، نقف عند شخصية اسلاميه قولاً وعملاً، شخصية إيمانية سلوكاً وممارسة، شخصية ثقافية ترجمها في الميدان ، شخصية قيادية قدوة ومنهجاً، شخصية استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نقف اليوم مع الإمام علي بن ابي طالب ( عليه السلام) - في الذكرى السنوية لاستشهاده، ذكرى الحزن والوجع الامه الذي لن ينسى ، نقف أمام خليفه المسلمين امتلك من الحنكة والفطنة والدهاء والحكمة والعقل والبصيرة والرؤية الثاقبة والشجاعة والإقدام والإيمان والثقة بالله والتوكل والاعتماد عليه ما جعله يدخل قلوب كل المؤمنين بصورة عفوية دون استئذان.
أحب امته الاسلامية وأخلص له خلال فترة حكمه في الكوفه ، عمل بجد وإخلاص من أجل العبور والإبحار بسفينة الامه الاسلاميه إلى شاطئ الأمان في خضم الفتن والزوابع والأعاصير والأمواج التي تعترض مسارها ، نجح في تحصين الجبهة الداخلية، وتمكن بخبرة جراح دقيق التخصص في نزع فتيل الفتن التي عصفت بالاسلام بعد استشهاد النبي محمد( صلى الله عليه وال وسلم) التوتر وتشخيص الداء ووصف الدواء المناسب، كان قريباً من أبناء الامه الاسلاميه ، سار على الطريق الذي رسمه ابن عمه رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على المسار الإيماني القرآني الكفيل بالأخذ بيد الامه الاسلاميه نحو بناء دولة إسلامية المنشودة، لم ينتصر لجماعة أو قبيلة، ولم يعلن انحيازه وتعصبه لهذا الطرف أو ذاك، .
خطب على منابر المساجد، وشارك في معارك الامه الاسلاميه في الصفوف الأمامية، ، وقف شوكة ميزان وقت الخلافات والتباينات بين القوى الاسلامية ، وظل بحنكته القيادية يرمم في الجسد الامه الاسلاميه الذي أثخنته جراح الفتن ، لامس بخطاباته أوجاع الامه الاسلاميه ووصف من خلالها العلاج الناجع، أدهش العلماء بغزارة علمه، وأحرج الفصحاء بطلاقة لسانه، وأرعب الأعداء بشجاعته وبسالته وإقدامه وتطلعاته ، عندما يقرأ الواحد منا لخطاباته في نهج البلاغه يجد نفسه أمام شخصية قيادية فريدة من نوعها، جمع بين القيادة والفكر والثقافة والعسكرية والسياسة ،، ولكن أيادي الغدر والخيانة لم تسعفه ولم تمهله لتنفيذ ذلك فسارعت إلى اغتياله هناك في مسجد الكوفه ، ليسقط شهيدا في واحدة من النكبات الكبرى التي تعرضت لها الأمة الإسلامية ولتستمر النكبه الئ يوما هذا.
خافوا منه، ، خافوا من تطلعاته، خافوا من الثقافة القرآنية التي يسير على هديها، والهدي المحمدي الذي يجسده في أقواله وأفعاله، خافوا من قوة إرادته وعزيمته، خافوا من قوة بأسه ورباطة جأشه، ، خافوا من عقليته المستنيرة، وفكره الراقي، خافوا من شخصيته القيادية الجامعة لكافة صفات القائد الملهم وخليفة الفذ القادر على تطويع المستحيل، لذا قرروا الخلاص منه بالتآمر مع حثالة الذين تجردوا من كل القيم والأخلاق والمبادئ، وساروا خلف إغراءات معاوية بن أبي سفيان وأسياده، فخانوا من منحهم الأمان، وباعوا من كان حريصا عليهم، خيانة ما بعدها خيانة، وشقاء ما بعده شقاء، فرطوا في الأمام علي ابن أبي طالب. ع، طمعاً في دراهم ابن سيفان، فباعهم ابن سفيان بعد تنفيذ الجريمة بثمن بخس.
بالمختصر المفيد، في ذكرى استشهاده يوم حزن الامه الاسلاميه ، ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام ، يتجدَّد الحزن على رحيل هذا القائد المخلص الغيور، والثائر الحر الأبي، الذي حمل روحه دفاعا عن الإسلام والسيادة والكرامة، فسلام الله عليك سيدي ، سلام الله عليك في الخالدين العظماء، تبكيك قلوبنا وترثيك دموعنا، ، ، النصر والعزة والتمكين لابنائك من الحشد المقدس ، والخزي والعار للقتلة والخونة المنافقين الذين يقتلوا أحفاد من حاربك.
https://telegram.me/buratha