د. محمد العبادي ||
قبل سنين مضت كتبت عن قصة واقعية حصلت لأحد السادة الأجلاء في مسجد جمكران التاريخي ونقلتها على صفحتي في الفيس بوك كما هي من دون رتوش ، وسجل أكثر الأصدقاء مرورهم الكريم أوكلماتهم الطيبة ، فيما اعترض أحد الأصدقاء وأعتبر المسجد عبارة عن خرافة ونصحنا مشكوراً وبعبارة مباشرة بترك الخرافة ! وكانت بضاعته من العلم فيما يقول مسموعات قد سمعها من النّاس !!! في مقابل ماتسالم وأتفق عليه أهل العلم والإيمان من شرف المكان وإحترامه !
لقد كانت تلك النصيحة غير صحيحة وليست في محلها ، لأنّ صديقنا لم يستند في إدعائه الى دليل علمي ، وكنت قد وضعت حاشية على تعليقه ، لكنه فتح علينا باباً ذا عذاب شديد من الغواشي في محاولة لتوجيه وترميم قوله ، حيث فتح نوافذ وموضوعات أخرى و( أتسع الخرق على الراقع ) !!! .
لقد كان ذلك التعليق عبارة عن إعتراض رفع فيه البطاقة الحمراء في وجه كل مَن يعظم ذلك المسجد ــ الذي هو قبل كل شيء بيت من بيوت الله !!! ــ ، و( صد عن السبيل ) للمتعبدين الذين دفعهم الإيمان الفطري للحج الى تلك البقعة المباركة .
وكما يقولون ( نحن أبناء الدليل أينما مال نميل ) ورأيت حينذاك من الأفضل أن أقدم مصادرنا التاريخية في حقيقة مسجد جمكران ، وهل أن قواعده قد رفعت بناءً على حلم ؟! أم أن قصته فعلية حصلت في اليقظة وعلى واقع وحقيقة حسية ؟ وأعيد ماكتبته سابقاً لتعميم الفائدة .
مصادرنا وأدلتنا التاريخية في بناء مسجد جمكران :
بشكل مختصر يناسب المقام فإنّ قصة بناء مسجد جمكران حصلت في القرن الرابع الهجري وتحديداً في سنة373هـ ، ويقال أنّه تم بنائه سنة 393هـ ، لكن القول الأول هو الأرجح ، لأنّ الشيخ الصدوق المتوفى سنة 381هـ هو أول من تعرّض لذكر القصة ولايصح أن يتحدث عن قصة حدثت بعد وفاته . وقد أمر الإمام صاحب الزمان ببناء مسجد جمكران في حال اليقظة والواقع وليس في( الحلم )!، وقد أمر الإمام العالم الجليل الحسن بن مثلة الجمكراني ببنائه حيث أمره بنص العبارة (وقل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعزّروه ....الخ ) ..القصة طويلة وصحيحة وذكرتها كتب ومصادر الشيعة المعتبرة ، وفيما يلي ذكر لأسماء بعض تلك المصادر لمن أراد الإطلاع على الحقيقة :
أولاً : كتاب ( مؤنس الحزين في معرفة الحق واليقين ) : لإبي جعفر محمد بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق المتوفى سنة 381هـ . وقد ذكر هذه القصة ونقلها مباشرة من الشيخ الحسن بن مثلة الجمكراني من دون واسطة .
ثانياً : كتاب ( تاريخ قم ) الذي تم تأليفه سنة 378هـ : للشيخ الحسن بن محمد بن الحسن القمي وهو من أعلام القرن الرابع الهجري ، وتم ترجمة الكتاب المذكور الى الفارسية في سنة 865هـ من قبل حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك القمي ، وذكره آقا بزرگ الطهراني في كتابه الذريعة : ج3ص276.
ثالثاً : كتاب (جنة الماوى ) : للميرزا النوري المتوفى سنة 1320هـ ، وأيضاً ذكر قصة بناء المسجد في كتابه النجم الثاقب ، وفي كتابه المستدرك .
رابعاً : كتاب ( بحار الأنوار ) للعلامة المجلسي المتوفى سنة 1111هـ ، وينقل القصة عن تاريخ قم .
خامساً : كتاب ( الأنوار النعمانية ) : للسيد نعمة الله الجزائري المتوفى سنة 1112هـ .
سادساً : كتاب ( خلاصة البلدان ) : السيد محمد بن محمد بن هاشم الرضوي القمي المتوفى سنة 1179هـ ، وقد ذكر قصة تأسيس مسجد جمكران .
وهناك مصادر أخرى تعرضت لذكر بناء المسجد وتأسيسه لكننا نكتفي بهذا المقدار ، وجميع هذه المصادر وغيرها تشير الى أن بناء المسجد المذكور كان بأمر الإمام صاحب الزمان عليه السلام في حال اليقظة والواقع وليس في حلم :(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )
https://telegram.me/buratha