اتفق الموالون ان مولاتنا ام المؤمنين خديجة الكبرى تتمتع بمواهب من الله, فهي المرأة الوحيدة التي تحدث جنينها في بطنها ,وهي المرأة الوحيدة التي بلغها رسول الله(ص) ان جبرائيل اخبره ان الله يسلم عليها . وهي ضمن الاربعة اللاتي قال عنهن رسول الله(ص) كمل من الرجال كثير ومن النساء اربع وخديجة احداهن ,واكتسَبَت خديجةٌ (ع) بفضل إيمانها العميق بالرسالة المحمدية ، وتفانيها في سبيل الإسلام وحرصها العجيب على حياة صاحب الرسالة وسلامته ،ومشاركتها الفعّالة ووقوفها وراء نجاح الرسالة درجات عظيمة . وكان لاموالها دور فاعل " ما قام الاسلام الا من خلاله " .
وهي الوحيدة التي شاطرت النبي(ص) في اكثر ما تحمله امراة من محن واذى بصبر واستقامة وحب وتفاني . وببصيرة تحملت الجوع والاقصاء بسبب موقفها من صاحب العقيدة , عن أبي زرعة عن ابي هريرة يقول قال رسول اللّه(ص)أتاني جبرئيل (ع) فقال يا رسول اللّه هذه خديجة قد أتتك ومعها آنية فيها ادام أو طعام أو شراب فاذا هي أتتك فاقرأ (عليها السلام) من ربّها ومنّي وبَشِّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخَبَ فيه ولا نصَبِ . ولذا غار منها امهات المؤمنين بعد وفاتها بسنين عديدة .
كانت خديجة صدّيقة هذه الاُمة ، وأوّلها إيمانا بالله ، وتصديقا بكتابه ، ومواساة لرسوله جاهدت بكل ما تملك . واهدت للدنيا فخر النساء وسيدة النساء وحبيبة النبي واله ،خديجة اهدتنا فاطمة الزهراء الحوراء الانسية ام الحسن والحسين عليهما السلام , وهي صاحبة الفضل على كل مسلم حين قام الاسلام بمالها وموقفها وتضحياتها. فسلام الله عليك مولاتي على هذا الدور العظيم.
اما ام البنين (ع) فانها اخذت دورا لا يختلف من ناحية الموقف والعطاء , فاذا كانت خديجة زوجة سيد الانبياء, فان ام البنين زوجة سيد الاولياء , وهو نفس الرسول بحكم المباهلة , وان كانت خديجة من ذوات البيوت الرفيعة الشريفة عند العرب والعجم, فان ام البنين من بيت وصفهم الامام علي(ع) " الفحول من العرب" ومن الطبيعي ان يكون هناك اختلاف ببعض العناوين , ولكن الموقف واحد لنفس الاتجاه , فكلاهما نصرا الاسلام ورسالة محمد (ص) .
مولاتنا خديجة وهبت مالها كله للنبي, وام البنين وهبت ابناءها الاربعة لأبناء النبي وفاطمة عليهما السلام ,واذا تحملت خديجة تعنت قريش واقصاءهم لبني هاشم واثبتت صمودا منقطع النظير .. فان ام البنين وقفت ضد نفس الجهة حين استحوذت على الزعامة الاسلامية , واثبتت انها مخلصة الى حد الغير معقول حين يخبرها بشر بن حذلم عن استشهاد ابناءها , وهي لا تهتم لقتلهم تريد وتتمنى ان تسمع ان الحسين(ع) حي يرزق..
المتشابهات كثيرة جدا , واختمها بالكرامة المشتركة مع الاختلاف بالدور, حين ابلغ رسول الله(ص) خديجة (ع) "ان الله يسلم عليها وجبرائيل، يسلم عليها .. وان الله بنى لها قصرا في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب" , فان ام البنين (ع)وهبت لله ما تملك وما تحب كله في سبيل الله ,ابناءها الاربعة وحياتها وموقفها وعقيدتها, فأعطاها الله كرامة قضاء حوائج الناس في الدنيا ,وشفاعة الاخرة وما ادخر لها فانه عنده , وجعل اولادها نموذجا للشرف والسمو والاخلاق العليا . سيدتي خديجة.. مولاتي ام البنين . هذه بضاعتي , ارجو قبولها .
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
https://telegram.me/buratha