محمد مكي آل عيسى||
يبدو سؤال وجيه حينما يدور بذهننا , لماذا يلعن الله وملائكته أقواماً من الناس ؟ ؟
لماذا لعن الرسول الكريم ص من تخلّف عن جيش أسامة ؟؟ لماذا لعن قائداً وسائقاً وراكباً ؟؟
ونحن في الموسم العاشورائي ونكثر من قراءة زيارة عاشوراء نرى أن اللعن فيها مراراً وتكراراً على قتلة الحسين ع ومن رضي بفعلهم.
اللّعنُ بغيضٌ لا تحبّه النفوس الطيبة وتتحاشاه فلماذا هذا اللعن ؟
نعم بالتأكيد أن من يقع عليهم اللعن مستحقّون لأقسى العقوبات لكن سؤالي لا يتعلق باستحقاقهم وانما يتعلق بمن يصدر منه اللعن , وبعبارة أوضح . . الله سبحانه حكيم لا يفعل الّا الجميل من الفعل , والملائكة مؤتمرون بأمر الله وبأمره يعملون فما هي الحكمة التي تستدعي أن يطرد الله أقواماً من الناس من رحمته ورحمته وسعت كل شي ؟
ورسول الله رحمة للعالمين فما المصلحة من لعنه لفلانٍ وفلان ؟ وما المنفعة المترتبة على ذلك ؟
ولماذا الحث على لعن أعداء الله واعداء أهل البيت من قبل الأئمة ع , ما الفائدة المترتبة على ذلك ؟؟ لماذا لا نتركهم وشأنهم ؟؟ لنكتفي بأن يعذبهم الله تعالى دون هذا الطرد المرعب المخيف من رحمته
هذا اللعن يحتاجه المؤمنون . . نعم يحتاجه المؤمنون , فالمؤمن لا يُسَرُّ ولا يُسعَدُ بمجاورة الكافر المشرك الظالم . . ففي مجاورة هؤلاء العتاة تعذيب للمؤمنين . . فلو افترضنا أن مؤمناً دخل النار بسبب بعض ذنوبه ليتطهر منها ثم يخرج فإن في قربه من الظالمين عذاب فوق عذاب فيدعو الله أن يبعدهم أقصى ما يكون عنه .
ورد في القرآن الكريم أن وقود النار الناس والحجارة بمعنى أن بعض الناس هم الوقود الذي يسجّر النار ويزيد في جحمتها فيُعَذّب به غيره مَن هو أقلُ ظلماً , لذا ورد في الدعاء (ومع الشياطين فلا تجعلنا) و( اليك من مجاورة اللئام مفرّي) , لأن مِنَ الظالمين مَنْ إذا دخلوا نار جهنم استغاث منهم أهل النار , والطرد من رحمة الله هي إبعاد هؤلاء الظالمين الملعونين الى أبعد ما يمكن كي ينجو من عذابهم الآخرون ويستريحوا من أذاهم.
وهنا لا تنفع طيبة النفوس في بغضها وتحاشيها لِللّعنِ فالأمر يحتاج الحكمة لا الطيبة
ولا أريد أن أطيل لكن الأمر معاكس بالضبط لصلاتنا وسلامنا وترضينا على أولياء الله وعباده الصالحين بل وهو نفس السبب لصلاة الله عليهم والملائكة.
فإن في صلاتنا رفعة لمنزلتهم وقربهم من الله وبما أننا نطمح لشفاعتهم ولجوارهم في الجنة وهم من أهم أسباب النعيم في الجنة فإن في رفعتهم وزيادة علو منزلتهم زيادة في سعادتنا ونعيمنا فعندما نصلي ونسلّم عليهم فإن ذلك ينعكس علينا.
ولنأخذ مثلاً على ذلك , هَبْ أنك تعمل مع شخصية كبيرة لها ثقلها فبالتأكيد أنت تطمح لان يعلو شأن هذا الشخصية أكثر فأكثر لأن ذلك ينعكس عليك ولا ترغب بأن تأفل ويتحجم دورها فذلك ينعكس عليك أيضاً. . . أمّا إذا إبتليت والعياذ بالله بتهمة وسُجِنتَ ومعك في نفس الغرفة واحداً من عتاة الظلم والإجرام والدناءة والخبث . . ستدعو ليل نهار بإعدامه وبالأقل طرده عن المكان الذي أنت فيه بشتى السبل وربما ستتوسط لذلك لان تواجده بقربك سبب لآلامك وأذاك.
وهنا فمن يتعمّد الترضي على عدوٍّ لله إنما يدعو على نفسه بالعذاب من حيث لا يشعر ومن يعادي أولياء الله ويبغضهم إنما يحرم نفسه سعادة الآخرة من حيث لا يشعر.
فنحن حقيقة نحتاج أن نلعن أعداء الله الظالمين كي يبتعد أذاهم عنّا ونحتاج أن نترضى ونصلي ونسلم على أولياء الله لأن في ذلك زيادة في راحتنا وسعادتنا.