23/3/1975 ذكرى رحيل الشيخ الوالد الحجة الشيخ علي الصغير امام جامع براثا واستاذ كلية اصول الدين وكلية الاداب قدست اسراره، بعد معاناة مع المرض انتهت بالسم على ما يبدو في مستشفى مدينة الطب
42 عاما مرت على رحيلك ايها الاب الصديق والعلم العيلم والعالم العامل والمربي الفاضل ففي صبيحة هذا اليوم 23 اذار عام ١٩٧٥ عرجت روحك الطاهرة الى علياء الخلد من مدينة الطب ببغداد والقيت فيها عصا الترحال في مفاوز الدنيا ووعثائها متحملا كل شيء من اجل عقيدتك ورسالتك دون ان يمض بك الكلل ولا الملل بل كنت السباق لكل مكرمة والمطلوب لكل ملمة تزرع خيرك في كل ارض تصل اليها دون ان تنتظر كلمة مدح او ثناء وتؤدي رسالتك دون ان تبالي بالمخاطر والصعاب وها هو حصادك الذي زرعته في قلوب من عرفوك ومن لم يعرفوا ينثر اريجا رغم الفضاءات الخانقة فيتذكرك الجمع كما لو انهم لا زالوا يرونك امامهم في محافل النجف الاشرف وحلقاتها وفي مضائف الجنوب ودلالها وفي العطيفية الثانية وبيوتها وفي صفوف كلية اصول الدين وباحاتها وفي سوق تجار بغداد وشورجتها وفي مدينة الثورة انذاك والشعلة والحرية وازقتها وفي ميادين السياسة وكواليسها وفي مضمار الادب وجنباته وفي براثا الخير واشراقاته تبث فيهم الرحمة وطيب الموقف والسعي في قضاء الحاجة والبر بفقرائهم والحاني على سغبائهم والساعي في طلباتهم والمتلهف لوصلهم والمدافع عن حقهم لم تحن هامتك امام طغيان الشيوعيين ولا فت في عضدك اجرام البعثيين ولا استوقفتك طائفية وحماقة العارفيين بل كنت كالطود الشامخ الذي تنحني امامه المصاعب وتتكسر على شاطئه سفن البلاء
ما بين الرابطة الادبية في النجف الاشرف ومجلس الشعرباف وكلية اصول الدين وكلية الاداب ومنبر براثا كانت حياتك تتجول لتملا الاجواء بعبير الادب الملتزم والفكر الهادف والوعي المتوقد وهاانا انظر الى قادة اليوم وقلما اجد ان احدهم لم يمسه شعاع منك في وقت كانت طلائع الظلام تزحف على افياء هذا الشعب المظلوم
وما بين مهام التبليغ في العمارة وذي قار والبصرة منتدبا من قبل المرجعية الدينية تارة ومن قبل وظيفتك الشرعية والاجتماعية وما بين تلبيتك لدعوة المرجع الديني الاعلى الامام الراحل السيد محسن الحكيم قدس سره في ان تترك الديار لتهاجر الى بغداد وكيلا ويدا وعونا وطودا وما بين ساحة معتركات جماعة علماء بغداد والكاظمية اجد اثارك تضرب باطنابها في كل جنبات الواجب واجد بصماتك في كل محافل المعترك الذي تخوضه تقف تارة بوجه المد الشيوعي واخرى امام الحماقات الطائفية واحقادها وثالثة امام الاجرام البعثي وقد كنت الاول يا ابتاه في صبيحة يوم ١٧ تموز ١٩٦٨ المشؤوم في تشخيصك للشؤم الذي هجم على العراق اذ ما ان سمعت في الساعة السادسة من صباح هذا اليوم المنحوس نشيد احنه طليعة امه عريقة حتى حوقلت واسترجعت فسألتك يومها عن ذلك فقلت لقد حل بؤس العراق!!
لم يأسرك المشهد الوطني فحسب بل كانت مواقفك في دعوة الرئيس التركي اتاتورك لحماية وتجليل اية الله العظمى الامام الخميني قدس سره الذي كان قد تم تهجيره الى تركيا عام ١٩٦٣ من قبل الشاه المقبور وهو اول وصف يناله الامام الخميني رض حتى اذا ما وصل الى العراق شمرت عن ساعد الاكرام والتجليل لضيف العراق الكبير ومواقفك من القضية الفلسطينية الناشئة لم تك الا تعبيرا عن وعي كبير ومبكر لخطورة السرطان الاسرائيلي ومثل القضية الفلسطينية كان موقفك من القضية الجزائرية وحروب تلك المرحلة مع مصر كنت في حروبها ضد الصهاينة وضد عبد الناصر في قتله لعبد القادر عودة وسيد قطب ومع فتح والعاصفة يوم ان كان مشروع المقاومة الفلسطينية يحبو وليدا ومع الامام موسى الصدر وال صادق ومغنية وشمس الدين والقبيسي ومكي ومعتوق والفقيه في كل اهات لبنان وضحكاته وكنت مع الشيخ العمري رض مساندا ومعينا وحاميا لشيعة المدينة المنورة ايام كانت سلطة البغي الوهابية تظن عليهم بلقمة الخبز لتنقلها انت في كل عام اليهم من بغداد تتفقد في دفاتر نقابة الاشراف في كل سنة اوضاع سادة بني هاشم واحدا واحدا وانت تقلب السجل الضخم الذي كان يؤرخ لكل فرد من افراد السادة زاد الله شرفهم ولم تكتف بذلك وانما اوصيتني عام ١٩٧٣ وانت تفرغ الاف الدنانير انذاك في يد المعنيين بهذه النقابة وتقول لي ان انا مت فاكمل طريقي ولا تدع وصل السادة ابدا.
كنت سفير مشروع المرجعية اينما حللت وكان بيتك مأوى وملتقى لكل الزعامات السياسية والعشائرية والعسكرية ومن كل الاطياف والتلونات تشحذ فيهم همة انصاف العراقيين والحنو على مظلوميتهم ومعاناتهم.
كم مرة ومرة خرجت معك واراك وانت علم بغداد وركنها تخوض في اوحال مدينة الثورة في الشتاء القارس سعيا وراء الاصلاح بين الناس وتفقدا لمصالحهم وحقنا لدمائهم وعونا لهم لا تبتغي بذلك اجرا ولا تطلب مدحا وثناء وكان رفيقيك الشيخ محمد الشيخ فلاح الدراجي والسيد حسين العلاق فضلاً عن الشيخ هادي الساعدي رضوان الله عليهم يتحركون معك وينتظرون توجيهك وارشادك براً بأهلها وسعياً لرفع الحيف الهائل المسيطر عليها
كم مرة سمعتك تنشج لالام الناس وتتحدث عن اوجاعهم ان جالست صفوة رفقاء دربك الشيخ محمد حسن ال ياسين والسيد مهدي الحكيم وشهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم والسيد مرتضى العسكري والشيخ موسى السوداني والسيد اسماعيل الصدر والسادة ال الحيدري علي النقي ومحمد الخلاني وعبد المطلب ومحمد طاهر وحسنا والسيد ابراهيم الخراساني والشيخ محمد صادق الخالصي والسيد مهدي الصدر والشيخ مهدي النمدي وعبد الهادي الحكيم والسيد عبد الهادي التبريزي وعبد الرسول العبادي وجمع غفير منهم كان حديث هموم الناس والوطن هي الحاضرة الاولى
وان جالست احبابك الوافدين من النجف كرفيقك الشيخ عبد المنعم الفرطوسي والشيخ محمد آل راضي والشميساوي والطرفي والخضري او البصرة كالسادة البطاط وال المظفر او السماوة كالشيخ احمد السماوي والشيخ محمد علي اليعقوبي وعشائر حجيم وجياش والظوالم والديوانية كالسادة ال ياسر والكوت كبلاسم الحي والسادة البو رغيف والمكاصيص والعمارة كالشيخين الانصاريين واخوالك من البو دراج والبو محمد وصيهودهم وكاظم السدخان وال مطلك السلمان وفي المشخاب عبد الواحد ال سكر ناهيك عن اولاد عمك من بني خيگان في الحلة وذي قار ومما لا استطيع عدهم وفي جميعها كان الحاضر فقراء الناس واحوالهم
كم كان قلبك يخفق حينما ترى احد الوافدين من المحافظات جاء ليكمل الدراسة وكم كان وجهك يفغر عن بسمتك وانت ترى احدهم وقد نال شهادته
وكم كنت تتنقل بين المحافظات تحث الناس على تاسيس الجوامع والحسينيات لانها عماد الوعي ولا استغرب ان اذهب الى منطقة البتراء في العمارة لاجد انك قد اسست حسينية لا زالت تحمل اسمك في اوائل الخمسينات من القرن الماضي
وانت تعرف يا ابتاه اني لا استطيع ان احصي كل ما في جعبتك وكثيرا منها ما بقي سرا دفينا في قلبك اخذته معك لانك كنت من هواة صدقة السر؟ وكيف احصي وانت يدك اليسرى ما كانت تعرف ما تبذل يدك اليمنى وقد اصبحت حديث كل من عرفوك في كرمك وعطفك وسهرك على مصلحة الدين والوطن وعزائي يا من كنت صديقا مع انك الوالد ان اجد اثارك مستمرة وطريقك لا زال يحوي من حمل جذوة منك ولا زال الجيل الذي كان بعض الجهلة يعيرك بانك كنت ابو الزعاطيط فهاهم زعاطيط الامس هم قادة اليوم ووجهاءه وكبراءه يتذكرون بكل اجلال واكبار تركك الناس والتفاتك اليهم لانك كنت على ثقة ان بذرة الخير ترعى وهي صغيرة لان العطار لا يصلح ما افسده الدهر
رضوان الله عليك في يوم وفاتك ولربما لو قلت يوم شهادتك اولى لان جسمك كان ملقى على الارض وانت في غرفة العناية الفائقة في مدينة الطب!!! والبقع الخضراء في وجهك تحكي قصة الم وسم قد اعتلج به جسمك
امطر الله قبرك في الصحن العلوي الشريف وقبر المراجع العظام ممن جاورت في غرفة مدفنك كالميرزا النائيني ونجله والشيخ الجمالي الكاظمي ومن لحق بك واعني الشيخ حسين العيفاري الحلي بشآبيب رحمته ورضوانه ورزقكم في هذا اليوم رؤية النور الابلج لنبينا الاعظم ولاهل بيته الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم وضمك وابنيك الشهيد عبد الرزاق والمظلوم محمد حسن واخوتك الابرار وزوجتيك في جنان النعيم وفي منتدى كرم الاكرمين
ولروحك الطاهرة الفاتحة.
https://telegram.me/buratha