في كل يوم يتسع الظلم ويشتد طغيان الطغاة والمستكبرين ويتمادون في تجبرهم وغطرستهم بقتلهم لمئات الألوف من الأرواح البريئة في البلاد الإسلامية. وعالمنا يشهد هذا الانهيار المريع للقيم الأخلاقية. وكيف تقف قوى الإستكبار العالمي مع قتلة الشعوب من حكام الأبد. وتعلن على رؤوس الأشهاد إزدواجيتها الصارخة في ماتسميه الدفاع عن حقوق الإنسان. كما يشهد عالمنا كيف تتمزق أشلاء الأبرياء بالمفخخات والأحزمة الناسفة من قبل وحوش بشرية ضارية باسم الإسلام ظلما وعدوانا وكيف تشن الهجمات الإعلامية الظالمة في دول الغرب ضد الأنبياء الذين أرسلهم الله جلت قدرته لإصلاح البشرية بحجة حرية التعبير. وتظهر يوميا أساليب جديدة في تجريد الإنسان من قيمه الآدمية التي أرادها الله له حيث تعرض شركات الإعلان جسد المرأة للحصول على الأرباح الطائلة.
بسم الله الرحمن الرحيم :
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. ) -41-الروم.
وفي خضم هذا الصراع بين الباطل وأعوانه والحق وأنصاره لابد أن يهيئ الله جلت قدرته إمامه الموعود لكي يخلص البشرية من هذا الدمار الأخلاقي المريع ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. ولابد أن يهيئ الله جلت قدرته مجموعة من الممهدين الموالين والمبايعين له من الذين اكتووا بنار الظلم والطغيان. ولكنهم لم يركنوا ولم يستسلموا له انطلاقا من قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم :
(ولا تركنوا ألى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لاتنصرون . )113- هود.
وقد حدد أئمة أهل البيت ع تكليف أتباعهم التقاة الذين لم تلوثهم موبقات الدنيا ولم ينزلقوا في دهاليزها المظلمة ولم يركنوا إلى المفسدين أعداء الله والأنبياء والأولياء والإنسانية جمعاء. وما يجب أن يعملوه أبان غيبة الأمام المهدي ع وما هي حدود مسؤولية كل واحد منهم نحو نفسه والآخرين قبل الظهور.
روى المجلسي بسند صحيح عن جابر قال :
(دخلنا على جعفر بن محمد بن علي ع ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له :أوصنا ياآبن رسول الله ص فقال : (ليعين قويكم ضعيفكم . وليعطف غنيكم على فقيركم. ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه .واكتموا أسرارنا . ولا تحملوا الناس على أعناقنا .وانظروا أمرنا وما جاء عنا. فإن وجدتموه في القرآن موافقا فخذوا به. وإن لم تجدوه في القرآن فردوه . وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده. وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ماشُرح لنا فإذا كنتم كما أوصيناكم ولم تعدوا إلى غيره فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا .ومن أدرك
قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين . )
وهؤلاء الذين وصفهم الأمام محمد بن علي الباقر ع هم الممهدون حقا لظهور الإمام المهدي ع فمتى ماتواجد المؤمنون الرساليون على أهبة الإستعداد للوقوف معه يكون موعد ظهور الإمام ع قريبا. ومن خلال تواتر حديثي رسول الله ص وهما ( حديث الثقلين ) و (حديث السفينة ) اللذان يؤكدان وجود حجة وإمام من أهل البيت ع لايفترق عن كتاب الله يظهر في آخر الزمان لكي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
يقول الأمام الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله ثراه :
(أن فكرة المهدي بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلى الأفضل قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم محمد ص وفي روايات أئمة أهل البيت ع خصوصا وأكدت في نصوص كثيرة لايمكن أن يرقى إليها الشك وقد أحصي عن أربعمائة حديث عن النبي ص عن طرق أهل السنة كما أحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهدي ع من طرق الشيعة والسنة فكان أكثر من ستة آلاف رواية . وهذا رقم إحصائي كبير لايتوفر نظيره في كثير من قضايا الإسلام البديهية التي لايشك فيها مسلم عادة.) المصدر:(بحث حول المهدي) تحقيق وتعليق الدكتورعبد الجبار شراره..
والإمام المهدي ع هو الإمام محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي المولود سنة 255 ه وقد غيبه الله لحكمة يعرفها وهو الذي أدخره الله تعالى لنجاة البشرية وبشر به الأنبياء والكتب الإلهية من قبل. أما الذين أنكروا ظهور الأمام ع فهم أتباع الفكر الوهابي الذين يقدسون شيخهم إبن تيمية . وهم الوحيدون الذين خالفوا هذه الحقيقة الإلهية الثابتة. وتعاموا عن رؤية نور الشمس الساطعة لغايات في نفوسهم المريضة المعادية لمذهب أهل البيت ع . فراحوا يبتدعون الروايات التي تسيء إلى هذاالإمام المنقذ بشتى الأساليب الواهية والبعيدة عن النهج العلمي الصحيح. وهذا الإنكار تأصل في نفوسهم المريضة وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض لعباده المتقين المؤمنين وقد تبعهم شخص ضال يدعي أنه شيعي موال لأهل بيت رسول الله ص هو المدعو (أحمد الكاتب) الذي جعلت منه الفضائيات المعادية لمذهب أهل البيت ع (مفكرا ) ولا يمكن أن يكون كذلك أبدا وقد أفترى من قبله أبن خلدون والسمعاني وغيرهم مع الفارق بين أحمد الكاتب وسابقيه الذين كانوا من المعادين أصلا لمذهب أهل البيت ع وقد أخفقوا في شيء وبرعوا في شيء آخر. أما أحمد الكاتب فلم يقدم سوى دمية سخرها الوهابيون للطعن في مذهب أهل البيت ع. ولاشك إنه من المندسين الذين يسعون لنسف المذهب من الداخل باسم التشيع لقاء بعض المال الذي تلقاه من المؤسسة الوهابية في السعودية.
إن حديث رسول الله ص الصحيح والمتواتر (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .)أو (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .) يؤكد حقيقة وجود الإمام المهدي ع وأن الأرض لاتخلو من حجة وأنه ع هو الأمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت ع والتاسع من ذرية الإمام الحسين وأبن الحسن العسكري ع المولود بسامراء سنة 255ه وهذه حقيقة تؤكدها أمهات المصادر الإسلامية الشيعية والسنية على السواء.
وقد رويت هذه الروايات في كتب القدماء مثل الكافي للكليني المتوفي سنة 329ه وغيبة النعماني لتلميذ الكليني وكتاب الإرشاد للمفيد المتوفي سنة 413 ه وكتاب الغيبة للطوسي المتوفي سنة 460ه وغيرهم الكثير من الباحثين والمحققين الكبار الذين ردوا على كل الشبهات والمغالطات التي تخالف هذه الحقائق الناصعة .
ومن أجل أن يكون المؤمن بالمستوى اللائق في محضر الأمام ع لابد من مراعاة بعض الأمور الأساسية التي تتناسب مع جلال وعظمة أمامنا الغائب ع وهي من العوامل التي تساعد على ظهوره ع ومنها الثبات على ولايته ع وترديد دعاء العهد (اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه. ) والدعاء في كل صلاة (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا. ) والقيام عند ذكر أسمه والتصدق عنه والبكاء على فراقه وقراءة زيارة آل ياسين حيث نقول :
(السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد.
السلام عليك حين تقرأ وتبين . السلام عليك حين تصلي وتقنت. السلام عليك حين تركع وتسجد. )
وعن الإمام العسكري ع:
( اللهم صل على وليك وابن أوليائك ولي الأمر المنتظر الحجة بن الحسن . اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم)
وأختم هذه المقالة البسيطة بحديث رسول الله ص :( لو لم يبق في الدنيا ألا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.) رواه أبو داود والترمذي.
إن كتابة مقالة متواضعة كهذه هي قطرة صغيرة من بحور الفكر لعلمائنا الذين تناولوا هذا الموضوع الإسلامي المهم الذي يخص جميع المسلمين الباحثين عن الحقيقة. لكنني كتبت هذه المقالة البسيطة المتواضعة في ذكرى مولد الأمام المهدي ع لتقديم الطاعة والولاء له راجيا من المولى جلت قدرته أن يجعلني من المنتظرين لظهوره وأن يجعلني من أنصاره عج وذلك هو الفوز الذي لافوز بعده
https://telegram.me/buratha