محمد الشذر
لا شك ان عجلة الحياة في تطور مستمر، وان اساليبها تتغير بين تراجع تارة، وتقدم تارة اخرى، واستحداث لمنهج جديد، واقصاء لآخر، ونظرا للتطور الحاصل في عالم الامم والشعوب، فستجد ان الجيل الصاعد يقع في شباك التناشز الاجتماعي، وخصوصا في المجتمع الشرقي المحافظ، والذي اصبحت تصدر اليه الايديولوجيات التي تصبوا للإطاحة به من كل حدب وصوب، فهو يقف بين عاداته وتقاليده التي تدعوه للمحافظة واحترام القيم، والسير بمنهجية ابائه وفق العقل والمنطق والادب.
امام المحافظة والعودة للتراث واحياء الصفات الحميدة والجميلة، يظهر قسم اخر، يدعوه الى التطور والحداثة، وتحت عنوان بأن كل قديم قد بلى، وان التحجر سبب تخلف الشعوب، وبسبب قلة التجربة الحياتية التي يمتلكها هذا الجيل، وقلة معرفته بتبعات ما يتلى عليه من النسق الجديد، ولان طبيعة الانسان تحب التطلع والاكتشاف، وتجربة كل ما هو جديد، تراه قد انساق من حيث لا يشعر نحو من اراد له الضياع، فأنطلق بدون تمحيص ودراسة ومقارنة، للانفتاح على افق جديد.
تحدٍ صعب يحتاج الى كفاح مستمر، ورسم لخطى بناء سليم، ومحاربة كل ما يريد بأسم التطور والحداثة، قتل الدين، والانقضاض على القيم والمبادئ، وجرف الجيل والناشئة الى تيارات تنصله عن العرف، والدين والمبادئ السامية، ومن هنا يأتي دور الوعظ والارشاد، والتوجيه والتدعيم، وشرح الاسس الصحيحة، وتفعيل دور العقل والتمحيص، والمقارنة، ورسم الخطى لتطور علمي، واجتماعي، يرتقي بالإنسان نحو مراتب التطور المنشود، وفق الشريعة السمحاء والتي طالبت بذلك مسبقا.
المنبر الحسيني هو اداة بناء، ورسالة توجيه، وورقة وعظ وارشاد، ونسق تقويم لحياة المجتمع، هو دفة حكم، ودكة عدل، هو عقل بناء لشخص سديد، ومعلم فيض اسري، ونهج تركيب مجتمعي قويم، هو مجهر الكشف عن الحقائق، ومبضع التشريح، وإخضاعها للنقاش والتحليل، وآلة عزل الرديء عن الجيد، ومحل تمحيص لمجريات امور الافراد، والدولة، ومقارن الاحداث، ووضع الحلول، وتعميم النتائج، فمن ذلك المنبر قد اخرج العظماء الناس من الاستعباد الى الحرية.
المنبر الحسيني هو صرخة حق وسط براثن الجور، ليقوم بإحقاق الحق، وهو صوت يصدح عبر السنين لينهج سبيل الصلاح والفلاح، ومسايرة التطور وفق المبادئ السامية والرصينة، والتي تحافظ على هيكلية الدين والعرف والمجتمع والاخلاق، وبالتالي تقضى على كل ما يؤدي الى الانحلال، والانحطاط الفكري، والاخلاقي ارساءا واحياءا لرسالة سيد الكائنات محمد "صلى الله عليه واله وسلم"، فمن ذلك المنبر تم اسقاط الحكومات، وتغيير الشرائع المظلمة، وبكلمات ذلك المنبر تم تنبيه الناس من الغفلة الى واقعهم الاليم ليقوموه.
عدائية المنبر اليوم تتكاثر يوم بعد اخر، ومهامه تتشعب، نظرا للتطور الحاصل، فالشبكات العنكبوتية، ووسائل الاعلام التلفزيوينة، وغيرها قد اخذت مأخذها، وكل يطرق على الوتر الذي يرى القيم والمبادئ تتنافى مع ما يدعوا اليه، فشرع العداء له، حتى راح يستخدم البعض ممن يطلقون على انفسهم دعاته، وهمه ضرب المؤسسة الدينية لا غير،
المنبر سيبقى شعلة تضيء الطريق ليستهدي بنورها الاخرون، ولو كره المبغضون.
https://telegram.me/buratha