قراءة في عينية الشاعر عبد الباقي العمري.- القسم الرابع
لقد جسد الشاعر عبد الباقي العمري ماتجلى في شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع من كمال إنساني رائع، وفضائل تهز وجدان كل نفس إنسانية تواقة إلى الحق، فانثالت لآلئ قصيدته لترسخ هذه المعاني الرائعة .ويخاطب الشاعر عقل كل مسلم باحث عن الحق والحقيقة ليقول له:
(فهل عرفت عقلا كهذا العقل ، وعلما كهذا العلم ،و مثل عليا كهذه المثل ،وبلاغة كهذه البلاغة، وشجاعة كهذه الشجاعة المتكاملة والتي تحتوي من المروءة، والرجولة الحقة بما لايعرف حدودا حتى يبهرك كما يبهرك ذلك القدر من المزايا الإنسانية التي تلتقي جميعا وتتحد في رجل واحد من أبناء آدم وحواء؟ فإذا هو المفكر والإداري ،والحاكم القائد الذي يدافع عن حمى الإسلام ، والحامي لحقوق الفقراء التي صادرها دعاة الباطل من حكام المطامع والأهواء الذين جمعوا رعاعهم وأوغادهم بما أغدقوا عليهم من السحت الحرام ليكونوا منهم جيوشا تأتمر بأوامرهم وقد توهموا إن مؤامراتهم وأحابيلهم وغاياتهم الدنيئة ستطمس شعلة الحق لتستمر سلطتهم الغاشمة لهم ولأولادهم وأحفادهم إلى أبد الآبدين. لكن رغم كل هذا فقد ظل في الجانب الآخر يتألق صاحب الحق الأبلج كلما اشتدت عليه المحن ، وتكالب عليه المتآمرون الأراذل . ويظل جبل الحق ينير الطريق للأجيال بنهجه الذي رسمه له رسول الإنسانية الأعظم محمد ص، فيدخل في قلبك وروحك ليهز فيك مشاعر الإنسان الذي له عواطف وأفكار،وتتألق هذه النجوى الرائعة بما فيها من حرارة العاطفة الكريمة حين يقول ع (فقد الأحبة غربة ) (ولا تشمت بالمصائب) و(ليكن دنوك من الناس لينا ورحمة ) و(اعف عمن ظلمك ، وصل من حرمك ، وصل من قطعك،ولا تبغض من أبغضك . ) نهج البلاغة الخطبة 193.
وهو القائل ع (الحكمة حياة للقلب الميت ، وبصر للعين ألعمياء وسمع للأذن الصماء ، وري للظمآن ، وفيها الغنى كله والسلامة . ) نهج البلاغة ص236
فما أروع ثريا الحق بصفائها وما أخس أراذل الباطل الذين يتباهون بكثرة أتباعهم في كل زمان ومكان وهم بلا شك سيتحولون يوما ما إلى كومة قش تذروها الرياح أمام بهاء الحق وصفائه الخالد.
ولابد أن الشاعر عبد الباقي العمري قد قرأ حياة الأمام بإمعان لمرات ومرات وما عاناه من المنافقين وأئمة الكفر في زمن حبيبه ومعلمه الرسول الكريم محمد ص وما أحدثوا بعده بعيدا عن التعصب الأعمى والجهل المقيت الذي ازداد في هذا الزمن وانتشرت شراره في كل ديار المسلمين.
لقد سكب عبد الباقي العمري فريدته انعكاسا لتلك الفضائل الدرية الخالدة حيث يقول الشاعر في هذه الخريدة الغراء مؤكدا على تلك الشخصية الإنسانية العظيمة بأبيات إفتتحها بالضمير المخاطب ( أنت ) وفي ترادف لغوي باهر
وأنت غوث وغيث في ردى وندى
لخائف ولراج لاذ وانتجعا
وأنت ركن يجير المستجيرُ بهِ
وأنت حصن لمن من دهره فزعا
وأنت عينُ يقينٍ لم يزده به
كشف الغطاء يقينا آية انقشعا
وأنت ذو حسب يعزى ألى نسبٍ
قد نيط في سبب،أوج العلا قرعا
وأنت من حمت الأسلام وفرته1
ودرعت لبدتاه الدين فادَرعا!.
وأنت أنت الذي منه الوجود نضى
عمود صبح ليافوخ الدجى صدعا.
وأنت أنت الذي حطت له قدم
في موضع يده الرحمن قد وضعا.
وأنت أنت الذي للقبلتين مع النبي
أول من صلى ومن ركعا.
وأنت أنت الذي في نفس مضجعه
في ليل هجرته قد بات مضطجعا.
وأنت أنت الذي آثاره ارتفعت
على الأثير وعنها قدره اتضعا. 3
وأنت أنت الذي آثاره مسحت
هام الأثير فأبدى رأسه الصلعا.
وأنت أنت الذي لله مافعلا
وأنت أنت الذي لله ماصنعا.
وأنت أنت الذي لله ماوصلا-
وأنت أنت الذي لله ماقطعا
حكمت بالكفر سيفا لو هويت به
يوما على كند الأفلاك لآنقطعا .4
محدبٌ يتراءى في مقعًرِهِ
موج يكاد على الأفلاك أن يقعا.
وللبحث صلة.
جعفر المهاجر.
https://telegram.me/buratha