لم ولن يحفظوا له رسالة ولا شخصية ولا منزلة ولا كرامة ولا وصية ولا أهل بيت رغم أنه أنقذهم من الشرك والضلالة والظلمة والوثنية نحو النور والعلم والهداية والتوحيد " الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" - سورة ابراهيم (الآية 1)؛ فينبرون وبكل وقاحة وجسارة ليتهمونه بالهجران عندما طلب منهم قلما ودواة ليكتب لهم وصيته (ص) وهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فينادي الرجل بأعلى صوته قائلا: "دعوه أن الرجل ليهجر.. وعندنا كتاب الله حسبنا" - رواه البخاري بسنده عن عبيد الله بن عبد الله وكذلك ابن سعد عن ابن جبير عن ابن عباس (صحيح البخاري بحاشية السندي1/32 كتاب العلم)، ورواه احمد بن حنبل في مسنده: 3/346، ومسلم في صحيحه: 3/1257- 1259 كتاب الوصية، وكذلك البخاري في صحيحه: 5/127، وفي الصحاح: 2/851 ايضاً، وبالفاظ مختلفة.
كل ذلك ونبي الرحمة محمد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم لا يزال بينهم فكيف يحفظ أبناؤهم وأحفادهم وأنصارهم ومن يسير على خطاهم وصية الرسول الأكرم (ص) ويتمسك بكتاب الله والعترة التي أوصاهم بها وبعد أكثر من 14 قرناً حيث نراهم على شاكلة أسلافهم يغوصون في وحل الجاهلية والظلمة والوثنية لا رائحة ولا نفحة دينية حقيقية فيما يقولونه أو يعملون به، هدفهم وهمهم الوحيد إشاعة الـ"الاسلاموفوبيا" بالقتل والذبح والسبي وتدمير الحضارة وتكفير الآخر يرفعون راية الاسلام كذباً وزوراً والدين الحنيف منهم براء براء .
عادت الجاهلية والظلمة والقبلية والوثنية لتتسلط من جديد على الأمة العربية كما كانت قبل بزوغ شمس الهداية الربانية لترفع من مستواها الفكري والاجتماعي والحضاري بعد أن كان الجهل والأمية والخرافة تسيطر عليها وتعبث في عقولها ومعتقداتها،وهو ما جاء في وصف الله سبحانه وتعالى رسالة نبيه الارم (ص) بقوله:" قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" سورة المائدة الاية 15و16؛ إلا قليلاً منهم الذين كانوا على دين إبراهيم وموسى والمسيح عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام حيث كما صفهم القرآن الكريم " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" - سورة آل عمران الآية 110.
ففي 17 من ربيع الأول من عام الفيل (571) تشرف الكون بميلاد سيد الخلق وخاتم المرسلين محمد الصادق الأمين (ص)، ذلك العام الذي كتب بالتأريخ بلون ذهبي مشرق بإندحار "أبرهه" وجيشه الجرار في غزو مكة بغية هدم الكعبة فكانت تلك أول علامة وخصيصة خصها البارئ المتعال لميلاد سيد رسله وخاتم نبوتهم وسيد الخلق والخُلق من البشرية جمعاء؛ ثم أرتجت إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت "نار فارس" التي لم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة "ساوة"، ورأى "الموبذان" إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فرأى أن لا يدخر ذلك عن مرازبته، فبعث اليهم وجمعهم.. فلما اجتمعوا أخبرهم عما رآه في منامه وهو لا يزال فزعاً- رواه الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب (هواتف الجان - ج 2ص 328) نقلاً عن علي بن حرب، عن أبو أيوب يعلى بن عمران - من آل جرير بن عبد الله البجلي - عن مخزوم بن هاني المخزومي، عن أبيه .
عاد أبناء الطلقاء يفرضون سطوتهم على رقاب المسلمين ومقدراتهم ومعتقداتهم بالتحريف والتزييف والتضليل ولا يزال صدى قول كبيرهم وهبلهم تصدح في سماء المعمورة وهو يصرخ بعد رحيل رسول المحبة والرحمة (ص)، قائلا: "تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الكرة بيد الصبيان فو الذي يحلف به أبو سفيان فلا جنة ولا نار ولا معاد"،وكذا مقولة ولده "معاوية مخاطباً أهل العراق: "ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا وتزكوا وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم" بعد أن قتل آلاف الصحابة وأحرق ما كتبوه من روايات وأحاديث عن الرسول الأعظم (ص)؛ وما ردده ولده "يزيد" شارب الخمر مداعب القردة الفاسق الفاجر: "ماقال ربك ويـل للذي شربـوا * بل قال ربك ويـل للمصلينـا"، وكذا قوله "قتلنا القوم من ساداتكم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل"؛ بعد قتله ريحانة رسول الله وأهل بيته عليهم السلام وأنصاره حتى طفلهم الرضيع، ومن ثم إستباحته لمدينة الرسول (ص) في معركة "الحرة" وقتله (1000) رجل من أهلها معظمهم من الصحابة من الأنصار والمهاجرين وفضت بها عشرة ألآف حرة بكارتهن وسالت الدماء حتى وصلت الى المسجد النبوي المطهر، وفي الثالثة ضرب الكعبة الشريفة بالمنجنيق كل ذلك والعهد على الأمة كان قريب.
أقوال وأفعال تمسك بها أحفادهم وأنصارهم من يسير على نهجهم ووثقوها منهاج عملهم وسلطتهم هنا وهناك يحودون بالدين أينما درّت معايشهم ليعيثوا الفساد في البلاد والعباد من أفغانستان حتى نيجيرية ومن سوريا حتى اليمن مروراً بما يعصف من مآسي ودمار وآلام بالعراق ولبنان والبحرين ومصر وبلاد الوحي أرض الحجاز وسائر بلاد المسلمين، من مصائب وويلات وبلايا نزلت على الأمة بتوريث الطغاة لبعضهم البعض وكأنها ملك يمينهم
يشوهون صورة الاسلام دين المحبة والسلام والمودة ورسوله الصادق الأمين ووصاياه بالتعايش السلمي والتعاون الأخوي والتمسك الديني بالعبودية لله الواحد القهار دون الركوع والخنوع للصنمية والوثنية من كبار القوم الجهلاء غلمان وعملاء أعداء الأمة ورسالتها " أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا"- سورة المائدة الآية 82، ويمكنونهم من رسم صور مشوهة عدوانية عدائية ساخرة من خاتم المرسلين ورحمة للعالمين وما جاء به من رسالة سماوية لبسط العدالة والمساواة والاحترام والمحبة والألفة فيما قول الله سبحانه وتعالى عنه "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" سورة القلم (الآية 4)، كيف لا وقد كان خُلقه (ص) القرآن (رواه الشيخان وعائشة وأبو داود والترمذي كما جاء في صحيح مسلم والطبراني)، وبعثه الله رحمة للعالمين وقدوة للمستقيمين، بشيرا للصالحين ونذيرا للمعاندين، واكتمل أدبه مع رب السموات والأرضين، وأهل بيته الطيبين، حتى في تعامله وتعاملهم مع الكفار المعاندين، فزكّاه الله وأهل بيته في كل شيء وجمع له ولهم خصال الخير والمحبة والمودة بقوله تعالى "إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" سورة الأحزاب (الآية 33) .
فيما أعدائهم عابثين بمقدرات البشرية يسقونها نحو الحيوانية والشهوانية التي سار بها معاوية ويزيد بكل ما لمدرسة الرذيلة من معانِ وما تحتويه من فسق وفجور وقبح ورذيلة على طول تاريخ الأمة منذ سقيفة بني ساعدة حتى لحظتنا هذه، فكان التصدي لهم من مسؤولية ومهمة أئمة الهدى من أهل بيت النبوة عليهم السلام ومنهم الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام الذي يصادف يوم 17 ربيع الأول ذكرى مولده المبارك أيضاً، ليحمل الاسلام بنقائه وصفاته ما نزل على جده المصطفى الأمين محمد (ص) وبلغه .
شكل الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام مع آبائه الطاهرين حلقات متواصلة مترابطة متفاعلة متصلة برسول الله (ص)، ليشلون مدرسة وتجربة حية تجسد الاسلام المحمدي الأصيل وتطبق فيها احامه وتحفظ مبادؤه؛ فقصده العلماء من ل مان يبغون علمه ويرجون فضله حتى جاوز عدد تلامذته الالاف الذين نقلوا العلم الى مختلف الديار فان الصادق بحق محي السنة المحمدية ومجدد علوم الشريعة الالهية .
فالائمة من أهل البيت عليهم السلام ورثوا العلم أبنا عن أب حتى ينتهوا الى علي بن ابي طالب أمير المؤمنين عليه السلام الذي قال رسول الله (ص) فيه: "انا مدينة العلم وعلي بابها"، وتحملوا العناء الكبير لهداية الأمة في كل مرحلة من مراحل تاريخها وقدموا الغالي والنفيس قرباناً لله سبحانه وتعالى وليس لرضاء المخلوق السحيق كما يقوم به من يطلق على نفسه عالم وداعية ومفتي اليوم في بلاد المسلمين اولئك الذين "يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّ" سورة النساء (الاية 46)، فيصدرون الفتاوى المزيفة والمنحرفة يدفعون الأمة بها نحو التقاتل وتكفير بعضهم البعض طمعاً ببريق الدرهم والدينار لبلاط السلاطين في جزيرة العرب كما عهد ذلك أجدادهم في عصر الخلافة وما تلاها وأوقعوا الوقيعة بين صفوف المسلمين الموحدة لتسيل حتى يومنا هذا أنهار من دماء الأبرياء دون ذنب، اولئك الذين جاء وصفهم في قوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران (الآية 187): " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ" .
https://telegram.me/buratha