إن الإمام جعفر الصادق ع الذي هو ذلك البحر الزاخر بالعلم والعرفان والتقى وقد نهل علمه وتقاه من الشجرة المحمدية الوارفة الظلال والذي لا يستطيع أن يحجب هذا النور الساطع أي منحرف أو مزور لحقائق التأريخ. ولا يستطيع الباحث المنصف المتنورأن يلم بكل جوانب شخصيته الموسوعية في مقالة ولا في عشرات المقالات. وقد شهد لسيرة هذا الإمام العظيمة كبار أهل العلم والمعرفة من علماء عصره.
حيث يقول الشيخ المفيد رض : (وكان الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ع من بين أخوته خلفة أبيه محمد بن علي ع ووصيه القائم بالإمامة من بعده . وبرز على جماعتهم بالفضل . وكان أنبههم ذكرا , وأعظمهم قدرا وأجلهم في العامة والخاصة .ونقل عنه الناس من العلوم ماسارت به الركبان . وانتشر ذكره في البلدان . ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء مانُقل عنه، ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار وناقلي الأخبار . ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد الله الصادق ع . فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل . )
وتحدث أبو الفتح الشهرستاني في كتابه ( الملل والنحل )عن الإمام جعفر الصادق ع فقال :
( وهو ذو علم غزير في الدين . وأدب كامل في الحكمة . وزهد بالغ في الدنيا . وورع تام عن الشهوات . )
ونقل العلامة السيد محسن الأمين: ( أن الحافظ بن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أربعة آلاف رجل من الثقاة الذين رووا عن جعفر بن محمد الصادق ع فضلا عن غيرهم, وذكر مصنفاتهم . )
وروى النجاشي في رجاله بسنده عن الحسن بن علي الوشا في حديث قال فيه : (أدركت في هذا المسجد ( يعني مسجد الكوفة) تسعمائة شيخ كلهم يقول : ( جعفر بن محمد.) وكان ع يقول : حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب ع وحديث علي ع حديث رسول الله ص وحديث رسول الله ص قول الله عز وجل . )
ونقل الأمين العاملي عن الحسن بن زياد قال :
( سمعت أبا حنيفه . وقد سئل عن أفقه من رأيت قال : جعفر بن محمد الصادق . )
وعن أبي ليلى قوله : ( ماكنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد ألا رجلا واحدا هو جعفر بن محمد الصادق ع . )
وروي في كتاب الكافي عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع أنه قال في العرفان :
( لو يعلم الناس مافي فضل معرفة الله عز وجل مامدوا أعينهم إلى مامتع الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها . وكانت دنياهم أقل عندهم مما يطأونه بأرجلهم ولنعموا بمعرفة الله عز وجل وتلذذوا بها من تلذذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء الله . أن معرفة الله عز وجل أنس من كل وحشة , وصاحب من كل وحدة , ونور من كل ظلمة , وقوة من كل ضعف , وشفاء من كل سقم . ثم قال ع وقد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير . وتضيق عليهم الأرض برحبها . فما يردهم عماهم عليه شيئ مما هم فيه من غير ترة وتروا ( والترة : النقص أي من غير نقص نقصوا مما هم فيه . ) من فعل ذلك بهم , ولا أذى , بل مانقموا منهم ألا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد . فاسألوا ربكم درجاتهم , واصبروا على نوائب دهركم , تدركوا سعيهم .)
https://telegram.me/buratha