بسم الله الرحمن الرحيم:
[قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ(7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(9) أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11)]. {المؤمنون}.
سيدي ياأبا الحسن
أيها العابد المتفرد في عبادتك وخشوعك وطهارتك وسموك.
أيها الأمين المؤتمن على دين الإسلام الذي بشر به سيد البشرية وخاتم النبيين محمد بن عبد الله ص .
ياميزان الحق ، ونبض العدالة ، أيها الصدِيق الأوفى لحبيبك وصفيك رسول الإنسانية، يانفس رسول الله ص ووارث خلقه ومبادئه وسجاياه رغم أنف الحاقدين والمشككين والناكثين والمفترين الذين زوروا أحاديث رسول الله ص وهم أجلاف بني أمية الفاسدين المفسدين في الأرض الذين كالوا لك من الحقد والضغينة مالم تتحمله الجبال الرواسي ، وتجبروا وبغوا وابتغوا غير دين الله النقي الخالص،فسقطوا في مزبلة التأريخ وقعر الجحيم جزاء وفاقا لجناياتهم الكبرى بحق الإسلام. وأظهر الله الحق الجلي ، وشهدت آياته البينات بعظيم طهرك، وغزيرعلمك وصدق وثبات إيمانك . حيث قال الله في محكم كتابه العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم :
(فَمَنْ حاجًكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ماجاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعالَوا نَدْعُ أْبْناءَنا وَأبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَاَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمً نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لًعْنَةَ اللًهِ عَلى اًلْكاذِبِيْنَ .) آل عمران-
وأية نفس عظيمة متألقة سامقة مابقي الدهر. تلك النفس الربانية التي نهلت الخلق والعلم والتقوى من أشرف خلق الله ووصلت إلى أعلى مدارج الخلق الإسلامي بعد رسول الله ص؟ وأية نفس عظيمة سرى في شعابها، وانساب في دمائها جلال النقاء، وعلو الهمة والفداء ، وصدق العقيدة الغراء ، فأضحت كوكبا دريا يتحدى الأفول والفناء ، وكانت شريكة في تحمل الأذى والظلم والجحود مع نفس رسول الإنسانية الأعظم محمد ص. تدور معها أينما دارت ، وتشاركها الجهاد في كل معارك الإسلام الفاصلة. وتقاسمها همومها وأوجاعها نتيجة غدر الغادرين ومكر الماكرين أعداء الله والدين .
كلما تمر السنين ياسيدي فإن حبك يتجذر في نفوس المؤمنين وفي أرواحهم وقلوبهم، وعشقك يتمشى في دمائهم ، وتتنور عقولهم بما تركت من إرث عظيم ، وخلق كريم ، لأنك سلكت الصراط المستقيم ، ورفعت راية الهدى في عليين ، واضعا روحك على راحة كفك من أجل نصرة دين الله القويم ، لاتلومك في الحق لومة لائم، تقتحم الصعاب غير هياب ،فترتعد أمام قوة شكيمتك وإبائك وشجاعتك فرائص رموز الكفر والطغيان. وكنت أقضى من عرفه الإسلام ،وعشت زاهدا تتلذذ بكسرة من خبز الشعير وشربة من اللبن وتشكر الله على نعمته الكبرى ، ولا يشغل بالك هم في الدنيا، سوى الخروج منها وأنت قد أديت الأمانة بأبهى صورها لرفعة شأن الإسلام، فوهبك الله ماأردت، ومنحك الله تلك الشهادة العظيمة التي لاينالها إلا ذو حظ عظيم وكنت من خير المفلحين عند رب العالمين بعد أن قضيت عمرك في الدفاع عن الفقراء والأيتام والأرامل وما يعانون من شظف العيش وقسوة الحياة ،وأثبتت سيرتك الطاهرة بأنك خير من صان أموال المسلمين من حيتان الفساد والإنحطاط والبغي، ولم تملك من حطام الدنيا سوى سيفك ودرعك ورداءك المتواضع ، وعمامتك الشريفة وأنت خليفة المسلمين ، وما أجل قولك حين قلت :
( فو الله ماكنزت في دنياكم تبرا، ولاآدخرت في غنائمها وفرا ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ، ولو شئت لآهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القز ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ! ولعل بالحجاز أو اليمامة من لاطمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ،أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى ! أأقنع بأن يقال أمير المؤمنين ! ولا أشاركهم مكاره الدهر .؟ ) نهج البلاغة ، الكتاب 45-14.
https://telegram.me/buratha