ففي رحاب رمضان الكريم يلتقي المسلم الشرقي بالمسلم الغربي والجاهل مع العالم والفقير مع الغني وهو شهر ترق فيه القلوب وتخشع فيه النفوس وهو المحطة الكبرى الذي يراجع فيه المسلم نفسه ويسألها ماذا قدمت أيتها النفس لمجتمعك من أفعال الخير التي تؤلف بين القلوب، وتنشر شآبيب الرحمة والتكافل.؟ وشتان بين طغاة الأرض الذين ينشرون الموت والدمار ويقتلون الحياة في أرض إسلامية، وبين من يذهب إلى مخيمات اللاجئين ليتفقدهم ويمدهم بالمساعدات الغذائية لكي يخفف من مآسيهم . وكل يعمل على شاكلته ، والله في عليائه يرى كل ذلك ولا تستوي الظلمات والنور وحاشى لهذا الدين السماوي العظيم أن يكون مهادنا للطغاة لكنه يمنحهم وقتا وسينالون جزاءهم بما إقترفت آياديهم الآثمة من جرائم منكرة بحق الأبرياء رغم ابواقهم الكثيرة البارعة في قلب الحقائق وتشويه كل المعاني الإنسانية التي يتميز بها ديننا الإسلامي الحنيف. وقد قال الله في محكم كتابه العزيز :
بسم الله الرحمن الرحيم:
( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ.) هود -113.
والدين النصيحة والعمل الصالح والكلمة الطيبة وقد قال الله في محكم كتابه العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم :
( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.) فصلت 33- 34.
إن الانتماء للإسلام تكريم من الله جلت قدرته ينبغي أن يكون المسلم مؤتمنا عليه ، سالكا طريقه المستقيم الذي لاعوج فيه متمسكا بحبله المتين القرآن العظيم وسنة نبيه الكريم ص سيد البشرية ومنقذها من الضلالات الجاهلية التي تنخر في جسد الأمة ولا تزيدها إلا ضعفا وتخاذلا أمام أعدائها .
إن قيم رمضان تؤكد هذه الحقيقة الإسلامية التي تخاطب المسلم وتقول له إبتعد عن الفحش والسباب والبهتان، واحفظ لسانك من الزلل وقد قال رسول الله ص نقلا عن إبن مسعود في كتاب البخاري (الأدب المفرد) :
(سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ) و(ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيئ . ) فهل يرعوي من في قلبه ونفسه شيء من هذه الترسبات الجاهلية العمياء أن ينأى بنفسه عنها لكي يعود إلى الخلق العالي الذي أمر به الإسلام واهتدى بهديه أهل بيت النبوة عليهم السلام.؟
لقد روى الشيخ الصدوق رض عن النبي ص إنه قال: ( قال الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به ، وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عز وجل ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم ( أي رائحة فمه ) عند الله أطيب من ريح المسك. وإنه ص قال : الصوم جُنًةٌ من النار والصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه مالم يغتب مسلما. وعنه ص : إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ، وإن سبه أحد أو قاتله فليقل إني صائم. وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ).
ولا يسعني إلا أن أخاطب السياسيين في عراقنا الجريح الذي يمر عليه شهر رمضان الذي أنزل الله فيه القرآن وجعل فيه ليلة القدر التي فيها العبادة خير من ألف شهر، ويستقبل عيد الفطر المبارك و شريحة واسعة من شعبهم محرومون من أبسط الخدمات وهم المهجرون الذين يعانون أقسى الظروف . وقد قال رسولنا الكريم محمد ص:
(من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم .)
فهل سيكون شهر الله الأسمى شهرا للحكمة والموعظة الحسنة وتحسس آلام الفقراء ومعاناتهم .؟ وهل سيكون لهم شهرا لغسل القلوب من الأحقاد والأدران التي أفرزتها الصراعات السياسية بعيدا عن أجندات هذا الصنم أو ذاك من حكام الأبد الذين لايريدون لشعبنا الخير والاستقرار أبدا. وهل سيسلكون الطريق الأصوب لإنقاذ الشعب من معاناته الطويلة ؟ ليفوزوا بالسعادة في الدنيا والآخرة وأقول لكل سياسي حصل على منصب في الدولة العراقية: لقد ذهب حكام كثيرون لكن العديد منهم حصلواعلى لعنة التأريخ والأجيال، وهناك العكس منهم بقيت صورهم مشرقة في أذهان الناس والأمور تقاس بخواتيمها دائما. وأخاطب كل سياسي مسؤول ببيت قاله شاعر:
لعمرك ماالسعادة جمع مال - ولكن التقي هو السعيد .
https://telegram.me/buratha