بسم الله الرحمن الرحيم:
(في بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ.)-النور 36
روى الحاكم الحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل) بأسناده عن أبي برزه قال: قرأ رسول الله ص : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ) وقال : (هي بيوت النبي ) قيل يارسول الله : أبيت علي وفاطمة منها ؟ قال : (من أفضلها )الحاكم الحسكاني :شواهد التنزيل ج1 ص 410 ط بيروت.
وعلي وفاطمة والأئمة الأحد عشر من بعدهم ع هم أمناء هذه الأمة ومصابيحها المشعة بالأنوار الأزلية والقيم الرفيعة التي ورثت كل قيمها وجلالها وتقواها وزهدها واستقامتها من مدرسة جدها الرسول الأعظم محمد بن عبد الله الذي قال ص فيهم : ( لاتتقدموهم فتهلكوا , ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا , ولا تعلموهم فأنهم أعلم منكم . ) وقال ص : (وأني ساإلكم غدا عن الثقلين , فانظروا كيف تخلفوني فيهما أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي. .)
والإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ع هو أول الأسباط الأحد عشر من نسل محمد المصطفى ص سيد الأنبياء ونسل علي سيد الأوصياء ع وخامس أهل الكساء الذين طهرهم الله من كل رجس وهو الذي تربى في مدرسة الأخلاق الكبرى مدرسة رسول الله ص وهو ع أول الأئمة الأمناء من صلب سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع هو ذلك النجم البهي الذي أظهر الحق وأزهق الباطل وحقن بصلحه الدماء وهو ع سيد شباب أهل الجنة وسيرته من أعظم سير العظماء والمصلحين . تلك النفس الزكية الكريمة الأبية التقية الطاهرة التي نهلت من معين النبوة الصافي الذي ليس كمثله معين يشفي النفوس ويعطر القلوب والأرواح بأريج الخلق الإنساني العالي ويرتقي بالنفس البشرية ألى أعلى مدارج الطهر والفضيلة والسمو .
كان الأمام الحسن ع أشبه الناس بجده رسول الله ص وهو أحد أركان البيت النبوي العظيم الذي أمر الله مودة أهله على الناس من خلال الآية العظيمة الواضحة: (قل لاأسلكم عليه أجرا ألا المودة في القربى ) ومن خلال حديث رسول الله ص ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) والحديث النبوي الآخر : (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )
والمتتبع لسيرة هذا الأمام العظيم ع يجد أنه من الأئمة الأثني عشر المكرمين والمبجلين عند الله جلت قدرته وعند نبيه الكريم ص والأمام الحسن ع قد توفرت له من التربية الروحية والفكرية مالم يتسن لسواه بعد جده ص وأبيه علي بن أبي طالب ع وأمه الزهراء البتول ع فكان مثلا حيا وسموا شاهقا ونبعا ثرامتدفقا بقيم الأسلام العظيم متنورا بنوره البهي ماتخشع له القلوب ويصفو له الوجدان وكان ع أعبد الناس وأزهدهم وأكرمهم وأفضلهم وقد ورد في روضة الواعظين :(أن الأمام الحسن ع كان إذا توضأ ارتعدت فرائصه واصفر لونه , فقيل له في ذلك فقال : حق على كل من وقف بين يدي رب العرش . أن يصفر لونه وترتعد مفاصله. )
وعن الأمام الصادق ع : (أن الأمام الحسن بن علي ع حج خمسا وعشرين مرة ماشيا , وقاسم الله تعالى ماله مرتين وقيل ثلاث مرات. )
وكان ع أذا قرأ القرآن ومر بآية فيها (ياأيها الذين آمنوا ) قال : لبيك لبيك اللهم لبيك.
ومن خلقه العالي الذي تعلمه في مدرسة جده سيد البشرية محمد ص أنه كان متواضعا سخيا وروت كتب السيرة عنه ع أنه مر يوما بجماعة من الفقراء وقد وضعوا على الأرض كسرات من الخبز كانوا يأكلون منها فدعوه لمشاركتهم في أكلها فأجاب دعوتهم قائلا : (أن الله لايحب المتكبرين ) ولما فرغ من مشاركتهم دعاهم لضيافته , فأغدق عليهم المال وأطعمهم وكساهم .
وروي أن شخصا من أهل الشام ممن خدعتهم دعاية معاوية بن أبي سفيان في التأليب على آل البيت ع راى الأمام الحسن ع راكبا فجعل يلعنه والإمام الحسن ع لايرد عليه فلما فرغ الرجل أقبل الأمام ع عليه وقال له : (أيها الشيخ أظنك غريبا , ولعلك شبهت ؟ فلو استعتبتنا أعتبناك , ولو سألتنا أعطيناك , ولو استرشدتنا أرشدناك , ولو استحملتنا حملناك , وأن كنت جائعا أشبعناك , وأن كنت عريانا كسوناك , وأن كنت محتاجا أغنيناك وأن كنت طريدا آويناك , وأن كانت لك حاجة قضيناها لك فلو حركت رحلك ألينا وكنت ضيفنا ألى وقت ارتحالك كان أعود عليك , لأن لنا موضعا رحبا وجاها عريضا , ومالا كبيرا . ) فلما سمع الرجل الشامي ذلك الكلام الذي يحمل بين طياته أعلى مراتب الخلق الرفيع بكى ثم قال : (أشهد أنك خليفة الله في أرضه , الله أعلم حيث يجعل رسالته و لقد كنت أنت وأبوك أبغض خلق الله ألي , والآن أنت وأبوك أحب خلق الله ألي .ثم استضافه الأمام الحسن ع حتى وقت رحيله , وقد تغيرت فكرته وعقيدته في أهل البيت ع . )
بتلك القيم الأخلاقية الأنسانية الرفيعة الفذةوبذلك التسامح النبوي العالي تميزت مدرسة أهل البيت ع وشقت طريقها عبر بحار من المعاناة والألم .
https://telegram.me/buratha