إلا أن خبراء شككوا في هذه النسبة، واتهموا القائمين على الدراسة بالسعي "لمداعبة جهات التمويل الأجنبية"، والتي تهتم بمثل هذه الدراسات ذات النتائج الصادمة.
وقالت دراسة، قام بها أستاذ علم النفس ظريف شوقي، وأستاذ علم النفس المساعد عادل محمد هريدي، وقدمت إلى جامعة القاهرة للحصول على ترقية علمية، ونشرت في مجلة كلية الآداب المتخصصة في الأبحاث التي يجريها أساتذة الجامعة، إن المتحرش تبدو عليه سمات "الجنتلمان"، ويبدأ تحرشه بالكلام مع الزميلة، وإبداء الإعجاب، وتنتهي بطلب اللقاء، مرورا بتعمد النظر إلى أماكن حساسة، ولمس بعضها، وإلقاء النكات الخارجة.
وتكونت عينة الدراسة من 100 موظفة في الأجهزة الحكومية والقطاع العام من المقيمات بمدينة القاهرة الكبرى، يدين 87% منهن بالإسلام؛ مقابل 10% بالمسيحية، فيما رفض 3% ذكر الديانة أو الحالة الاجتماعية.
وتشكل نسبة المتزوجات منهن 64% ؛ مقابل 33% آنسات. وبلغ متوسط عدد سنوات خبرتهن في العمل من 7.9 إلى 10.1 أعوام. وكان الرئيس المباشر في حالة 67% رجال ، مقابل 32% نساء. وقال 27% منهن إنهن يشغلن موقعاً قياديًّا، مقابل 73% ذكرن أنهن مرؤوسات. وبالنسبة للتعليم، فقد أشار 41% منهن إلى أن مستوى تعليمهن متوسط، مقابل 47% للجامعي، في أكدت 10% منهن أن تعليمهن فوق الجامعي.
وتمثلت أكثر السلوكيات التي اتفقت النساء على اعتبارها تحرشاً في لمس اليد بطريقة متعمدة (78%)، ولمس أجزاء من الجسم (76%)، والنظر إلى أماكن حساسة من الجسم (76%)، ومحاولة التقبيل (73%)، وامتداح القوام (72%)، والتهديد والإغراء لتتجاوب معه جنسيًّا (72% قررن ذلك)، أما المواعدة وإلقاء نكات جنسية فكان ترتيبها أقل.
أما اللافت، كما ذكرت الدراسة، فإن 24% من النساء رأين أن لمس جزء من الجسم لا يعد تحرشاً، فيما قرر 22% أن لمس اليد ليس سلوكا تحرشيا كذلك، بل إن 27% من المشاركات اعتبرن أن محاولة التقبيل لا تعد تحرشاً. وهو ما يعنى حسب الدراسة، ارتفاع سقف ما يعتبر تحرشاً في أذهانهن، ليقتصر فقط على الممارسة الجنسية الكاملة، وهو ما قد يجعلهن أكثر تسامحاً وتحملاً لما عدا ذلك من سلوكيات قد تعتبر تحرشية من وجهة نظر أخريات.
وأكدت الدراسة أن عمر المتحرش يقع بين عامي 29 سنة و59 سنة، ومتعلم تعليماً عالياً (50% ذكرن ذلك)، متزوج (64.3%)، ومدة زمالته بالضحية متوسطة (42.9%)، وخبرته في العمل كبيرة (64.3%)، وعلاقته قوية برؤسائه (78.6%)، مدخن (47.6%)، وله سوابق تحرش بزميلات (61.9%). كما أن مظهره غير جذاب (50%)، رغم كونه متحدث لبق (71.4%)، ودمه خفيف (59.5%)، وعينه "زايغة"، أي يحاول دائما اختلاس النظر إلى الموظفات (83.9%)، ويمزح مع زميلاته (85.7%)، وشخصيته قوية (64.3%)، وغير متدين (73.8%)، واجتماعي (90.5%).
وأكدت 46% من العينة أنهن تعرضن لتحرش لفظي فقط، بينما أشارت 68% إلى أنهن تعرضن للتحرش بشكل عام، منهن 46% لتحرش لفظي، و22% للتحرش اللفظي والبدني معاً.
لكن أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج عبد الرؤوف الضبع لـ"العربية.نت" اعتبر أن استخدام الإحصاء بهذا الشكل "هو نوع من الاستخدام المضلل للعلم، فنحن نعيش في مصر ونتعامل مع موظفين، ولم نجد مثل ما تتحدث عنه الدراسة التي بها قدر كبير من المبالغة".
واستشهد الضبع على المبالغة في الأبحاث العلمية بالقول "أحضرت لي إحدى الباحثات الشابات نتائج دراسة عن التحرش في قرى سوهاج انتهت فيه إلى تعرض 36% من النساء للتحرش في دائرة المحارم، بينهن 6% تعرضن للاغتصاب من قبل الأب.
وتساءل هل يعقل أن تتعرض 6% من نساء قرويات بالصعيد للاغتصاب عن طريق الأب، فضلا عن أن يروين ما حدث لهن للباحثة؟
وأضاف رفضت اعتماد البحث؛ لأنه مغلوط ولا يمكن أن يحدث، خاصة أنني عرفت أن إحدى جهات التمويل الخارجية التي تهتم بنشر دراسات مغلوطة عن وضع المرأة في مصر هي التي تقف وراءه.
واستطرد بأن قصة التحرش ليست جديدة في مصر، بل إنها أقل من مثيلاتها في السبعينيات والثمانينيات، حيث كان قطار المترو المتجه من القاهرة إلى حلوان والعكس كتلة من اللحم بسبب الزحام الشديد، وكانت أتوبيسات النقل العام محشورة بالرجال والنساء في أوضاع متلاصقة، أما الآن، فهناك عربات في المواصلات مخصصة للسيدات فقط، وهو ما قلل من التحرش مقارنة بالماضي.
وأكد الضبع أن عملية تحرش موظف بموظفة لا يمكن أن تمر هكذا؛ لأنهما زملاء في عمل، ولن يحدث التحرش إلا إذا سمحت له هي، أما إذا رفضت فسينتهي الأمر، لأنها ليست في شارع.
من جهته أكد أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس قدري حفني، أن التحرش يرجع إلى رواسب ثقافة العبودية الموجودة منذ القدم، حيث كان التحرش محرماً فقط في حالة ارتكابه ضد الحرائر، أما الإماء فكان التحرش بهم طبيعيا، وهي نفس الطريقة التي يفكر بها المتحرشون، حيث يعتبرون المرأة التي تعمل لديهم أو تحت رئاستهم ملكا لهم، ويعاملونها على أنها سلعة، مطالبًا بتشديد العقوبة ضد المتحرشين وتخليص العلاقات الاجتماعية من ثقافة الملكية التي تسيطر عليها.
https://telegram.me/buratha