وصل البابا بنديكتوس السادس عشر اليوم الخميس إلى اسكتلندا في زيارة تاريخية إلى بريطانيا وسط توقع مظاهرات وانتقادات للكنيسة واحتجاج شخصيات عامة على منح الجولة صفة "زيارة الدولة".واقام البابا الذي بدأ اليوم زيارة تستغرق اربعة ايام لبرطانيا قداسا في الهواء الطلق في مدينة جلاسكو باسكوتلندا حضره اكثر من خمسين الفا.وفي القداس دعا البابا بريطانيا إلى عدم نسيان جذورها المسيحية في الوقت الذي تتحول فيه إلى مجتمع متعدد الثقافات.
واستقبلت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية بابا الفاتيكان في مقر إقامتها الرسمي في العاصمة الاسكتلندية إدنبره.وفي خطاب الترحيب ببابا الفاتيكان، شجعت الملكة إليزابيث على قيام تعاون أكبر بين مختلف الديانات.من جانبه، حذر البابا في أول كلمة له بُعيد وصوله إلى بريطانيا من "الأشكال الأشد عدوانية للنزعة الدنيوية".
وأضاف بقوله: "المملكة المتحدة تسعى اليوم لأن تكون مجتمعا عصريا ومتعدد الثقافات، فهل تستطيع في سياق سعيها الى تحقيق هذا الهدف النبيل أن تحافظ دائما على احترامها للقيم التقليدية والتعبير عن الثقافات المختلفة، والتي لا تقدرها الأشكال الأشد عدوانية للنزعة الدنيوية ولا تتساهل معها ايضا".وقال: "يجب ألاَّ ننسى كيف يؤدي استبعاد الله والدين وفضيلة الحياة العامة، في نهاية المطاف، إلى رؤية مبتورة للإنسان والمجتمع".
ووجه البابا أيضا نداء إلى وسائل الإعلام البريطانية، التي عادة ما تنتقد الاتجاه المحافظ لدى البابا، حيث اعتبر أنها "تتحمل مسؤولية أكبر من المسؤولية التي تتحملها وسائل الإعلام الأخرى، ومسؤولية أكبر للتشجيع على السلام بين الأمم، والتنمية الشاملة للبلدان وتعميم حقوق الإنسان الأصلية".
تصريحات الباباوقُبيل وصوله إلى بريطانيا، أدلى البابا بتصريحات أقرَّ فيها بـ "فشل الكنيسة الكاثوليكية بالتصرف بشكل حاسم وسريع بما يكفي للتعامل مع قضية القساوسة الذين يغتصبون ويستغلون الأطفال جنسيا".فقد خاطب بابا الفاتيكان الصحفيين المرافقين له على متن الطائرة التي أقلته إلى بريطانيا قائلا إن مساعدة الضحايا على الشفاء وبلسمة جراحهم واستعادة ثقتهم بالكنيسة هي على رأس أولويات كنيسته.وقال البابا: "أودّ أن أقدِّم للضحايا مساعدة مادية ونفسية وروحية، وأريد حماية أطفال آخرين من قساوسة خطرين في المستقبل."
وتمثِّل تصريحات البابا أوضح اعتراف له حتى الآن بإخفاقات الكنيسة بمعالجة فضيحة الاعتداءات الجنسية، والتي عادت إلى الأضواء مجددا مع إماطة اللثام خلال الأسبوع الجاري عن وجود مئات الضحايا في بلجيكا، انتحر منهم 13 شخصا على الأقل.
عودة إلى القيموكان البابا قد قال إنه يريد لزيارته أن تشجع على العودة إلى القيم المسيحية في مجتمع علماني على نحو متزايد.ويقول مسؤولون في الفاتيكان إن البابا سيركز خلال جولته الراهنة على أهمية ودور المعتقد في بريطانيا المعاصرة، وليس فقط على المعتقد المسيحي بكنيستيه الإنجيلية والكاثوليكية، بل كافة المعتقدات.
انسحاب الكاردينالفي غضون ذلك، انسحب الكاردينال وولتر كاسبر، وهو أحد أبرز مستشاري البابا، من الوفد المرافق لرأس الكنيسة الكاثوليكية في زيارته إلى بريطانيا، وذلك بعد أن كان نُقل عنه قوله "إن الوصول إلى مطار هيثرو أشبه ما يكون بالهبوط في إحدى بلدان العالم الثالث".كما قال الكاردينال كاسبر في تصريحات لمجلة ألمانية "إن كفرا جديدا وعدائيا يجتاح إنجلترا".إلاَّ أن الفاتيكان سارع للتخفيف من وقع نبأ انسحاب الكاردينال كاسبر من مرافقة البابا، قائلا إنه "لم يكن يقصد أي نوع من الاستخفاف أو الازدراء"، فهو ببساطة انسحب بسبب المرض.يُذكر أن هناك معارضة لزيارة البابا إلى بريطانيا، والتي تستمر أربعة أيام، وذلك على خلفية موقف الكنيسة من الإجهاض والمثلية الجنسية ، وفضائح الاعتداء على الأطفال من قبل الكهنة، و كذلك تكلفة الزيارة التي سيتحملها دافعو الضرائب البريطانيون.
رسالة احتجاجوكانت صحيفة الجارديان البريطانية قد نشرت في عددها الصادر يوم أمس الأربعاء نص رسالة عليها تواقيع أكثر من 50 شخصية عامة بريطانية أبدت اعتراضها ليس على زيارة البابا إلى بريطانيا بحد ذاتها، بل على منح الجولة صفة "زيارة دولة".ومن بين الموقعين على الرسالة الكاتبان تيري براتشيت وفيليب بولمان، والممثل ستيفان فراي، بالإضافة إلى شخصيات أخرى معروفة بانتقادها لسجل الفاتيكان بشأن قضايا تحديد النسل والإجهاض وحقوق المثليين، وغيرها من القضايا الأخرى.كما وقَّع الرسالة أيضا البروفيسور ريتشارد دوكينز وكينت فوليت وإيه سي كريلينج وستيورات لي وكلير رينير واللورد فولكس واللورد هيوز والبروفيسور ستيف جونز والسير جوناثان ميلر وديان مونداي واللورد تافيرن وبيتر تاتشيل والبارونة تيرنر.ويقولون الموقعون على الرسالة إنهم "يرفضون تنكّر" الفاتيكان كدولة، وإن اعتبروا أن البابا، كأحد مواطني أوروبا وكزعيم لديانة لها العديد من الأتباع في بريطانيا، هو بالطبع حر بدخول البلاد والتجول فيها.
اتفاقيات ومعاهداتوتمضي الرسالة إلى القول إن الفاتيكان قاوم أيضا التوقيع على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الرئيسية بشأن حقوق الإنسان، في الوقت الذي صاغ هو اتفاقياته الخاصة مع الدول "بشكل يؤثر سلبا على حقوق مواطني تلك الدول".يشار إلى أن استطلاعا للرأي أجري لحساب بي بي سي مؤخرا أشار إلى أن حوالي 70 بالمائة من الكاثوليك البريطانيين يتوقعون أن تؤدي زيارة البابا لبريطانيا إلى دعم الكنيسة الكاثوليكية في بلادهم.وقال 52 بالمائة من الكاثوليك البريطانيين الـ 500 الذين شملهم الاستطلاع، إن فضائح الاعتداءات الجنسية قد هزت ثقتهم بقيادة الكنيسة.
https://telegram.me/buratha