بينما تتدفق مياه الفيضان جنوبا في حوض نهر السند، تلتهم المزيد من القرى التي تقع في طريقها التي اصحبت احد اطقم القوة الجوية الباكستانية اثناء عمله في ايصال مواد الاغاثة للمتضررين.فقد امرت السلطات الباكستانية اكثر من نصف مليون من السكان باخلاء مساكنهم في اقليم السند جنوبي البلاد.كما تهدد مياه الفيضان ثلاث مدن اخرى في الاقليم، بينما تسود المخاوف على مصير مدينة حيدر آباد سادس المدن الباكستانية.
وفي حقيقة الامر، لهذه المخاوف ما يبررها كما يبدو واضحا من الجو، فلا يقف بين المدينة وكارثة محققة الى حاجز يدعى سدة كوتري، بينما تضخم نهر السند في المنطقة الى عشرة اضعاف حجمه الطبيعي.واذا ما قدر لمياه الفيضان ان تجتاز هذا المانع سيصبح مليوني شخص في خطر محقق. الا ان السدة ما زالت متماسكة الى الآن.
وبينما تواصل مياه الفيضان جريانها السريع من خلال اقليم السند جنوبا نحو بحر العرب، تقوم طائرات القوة الجوية الباكستانية بتبع مسيرها. وقد صحبنا احد اسراب القوة الجوية في اول مهمة اغاثة يقوم بها في هذه المنطقة من الجنوب.
وتقول منظمة (اوكسفام) الاغاثية إن المساحات التي غمرتها المياه من السعة بحيث تكاد تشكل اكبر بحيرة عذبة في العالم.ففي منطقة ثاتا، تقترب مياه الفيضان التي لا يعرف لجشعها حد من المزيد من القرى. وتحاول السلطات المحلية اخلاء سكان هذه القرى، الا ان ليس من الواضح كم منهم يرغب في الرحيل.وقد حاول افراد طاقم الطائرة اقناع القرويين المتجمعين على هذه الاراضي اليابسة الصعود بغية نقلهم الى مناطق اكثر امانا الا انهم رفضوا ذلك. فالعديد من سكان هذه المناطق مرتبطون ارتباطا وثيقا بارضهم وحيواناتهم وهم مستعدون للموت دونها.
وتقوم طائرات القوة الجوية الباكستانية بالقاء اكياس تزن 20 كيلوغراما تحتوي على حليب وماء وتمر وبسكويت.الا ان عملية ايصال مواد الاغاثة الى مستحقيها ليست باليسيرة على الاطلاق. يقول آمر السرب صبيح: "علي ايصال هذه المواد - التي لن تكفي الاسرة الواحدة الا ليومين او ثلاثة ايام - دون ان اسبب دمار اسطح منازلهم بعصف الريح الذي ينتج عن محرك طائرتي. عندما اشاهد رجلا يقف مع زوجته واولاده وابويه وسط المياه، دون ان يكون لديهم قرشا واحدا، افكر بولدي الاثنين. احيانا يرفعون القرآن نحو السماء ويستجدون العون. انا مجرد عامل توصيل، اقوم بالقاء كل مواد الاغاثة التي تحملها طائرتي، ولكني لا اعلم عدد الناس الذين لم اتمكن من ايصال المواد اليهم."ويتوقع ان يواصل تنفيذ المهمات الاغاثية لاشهر عديدة قادمة، ويقول: "عندما ننتهي من ايصال الغذاء، سنبدأ في ايصال الادوية."
"نحتاج لمساعدة"
لدى هبوطنا في بلدة ثاتا شاهدنا ضحايا جدد للفيضان: سكان قرية مناركي الذين نزحوا عنها في الاسبوع الماضي بعد ان اجتاح الفيضان قريتهم ودمر مساكنها وسوقها والمدرسة التي كانت تفخر بها.واضطر سكان القرية الى النزوح الى اراض اكثر ارتفاعا لم تصلها المياه، فاصبحوا بمنأى عن الفيضان، ولكن تحت رحمة الشمس المحرقة والجوع.يعيش هؤلاء الآن على قارعة الطريق تحيط بهم مخلفات حياتهم السابقة من ماشية ورزم ملابس وكميات متناقصة من الغذاء.
في هذا المكان وضعت القروية روبينا وليدها سارانغ منذ خمسة ايام. شاهدت روبينا وهي جالسة على اريكة خشبية وتحمل وليدها في حجرها. قالت لي: "عندما وضعت سارانغ، لم يكن هناك طبيب. هو يعاني الآن من الحمى، ولكني لا استطيع عرضه على اي طبيب. ابنتي مريضة ايضا وانا قلقة لاجلهما."
قال القرويون إنهم يتوقعون ان يبقوا مقطوعين عن العالم الخارجي لشهر آخر على الاقل قبل ان تنحسر مياه الفيضان.وقالوا إنهم يريدون من الحكومة ان تساعدهم، ولكن ايا منهم لم يعبر عن الثقة بأنها ستفعل ذلك.
https://telegram.me/buratha