الصفحة الاقتصادية

مشروع قناة نهرية عراقية – سورية


اسعد عبدالله عبدعلي ||

 

عندما استمع لحديث طريق الحرير والافكار الصينية, ترجع بي الذاكرة الى فكرة الأستاذ السوري والتي عرضها سليم مطر في كتابه الذات الجريحة, فكرة لو تمت لغيرت شكل الاقتصاد العالمي, ولأصبح كل من العراق وسوريا قبلة للعالم, ولتشكل منافس اقتصادي حقيقي لاقتصاديات دول المنطقة بل والعالم, وقد تم التعامل مع الفكرة السورية بتجاهل تام, حيث كانت توجهات الحكم ألصدامي بعيد عن أي تخطيط للنهوض, بل جل أفكاره في الطريق الأمثل لديمومة حكمه, أم الجانب السوري فكان يدرك ممانعة النظام العراقي, مما جعلهم لا يهتمون بها, لان الفكرة لا تتم ألا باتفاق الدولتين.

الفكرة تتمثل بشق قناة نهرية لحركة السفن العملاقة, تمتد من سواحل سوريا على البحر المتوسط إلى شواطئ الخليج العربي في البصرة.

عندها ستكون حركة سفن أوربا أسهل وأسرع للوصول إلى النفط, وتصبح تجارة الصين واسيا بصورة عامة تمر عبر العراق وسوريا باتجاه اوربا, ويتشكل خط ملاحة تجاري جديد يلغي أهمية قناة السويس, بسبب الفرق في المسافة, وضمن فكرة الأستاذ السوري أن يتم استغلال ضفتي القناة من العراق إلى سوريا, ببناء مدن سياحية وفنادق ومدن ملاهي ومراكز تجارية وأراضي زراعية, حيث تتشكل نهضة اقتصادية وزراعية وسياحية واجتماعية للبلدين.

لكن معوقات الفكرة كثيرة, ومن أهمها:

•  الفوضى الداخلية للبلدين

يعيش العراق منذ عقود طويلة حالة من عدم الاستقرار, بسبب الصراعات السياسية, وتواجد العصابات الإرهابية, بالإضافة للفساد الكبير الذي ينخر في جسد كل مؤسسات الدولة, مما عطل أحلام العراقيين بحصول نقلة في حياتهم, ولهذه العوامل العديدة يتحول أي حلم إلى كابوس, خصوصا مع تواجد طبقة حاكمة لا يهمها ألا مصالحها.

أما سوريا فهي تعيش ظرف شديد التعقيد, بعد سنوات الحرب الطويلة, فالبلد محطم, والعصابات إرهابية تسيطر على بعض الأرض, وهنالك عامل إقليمي داخل في الساحة السورية بالفعل, كل هذه الأمور تجعل كل الأحلام مؤجلة إلى فرصة تاريخية أخرى.

قد يتحقق الحلم في زمن أخر مع شخوص آخرين, أما ما موجود ألان من ساسة, فلن يكونوا جزءا من أي الحلم.

•  رفض دول الإقليم

بعض دول الإقليم تمثل عقبة كبيرة أمام أي جهد للنهوض والأعمار, فالسياسة السعودية والقطرية ترفض المشاريع الكبيرة للدول ألأخرى, والتي قد تكون بوادر تغيير ايجابي لدولة ما, لأنها طامحة للانفراد بتفوقها الاقتصادي, وهي ترغب بإبقاء العراق وسوريا بحاجة دوما للأخر, فلا يسعدها هكذا مشروع عملاق, وكان نهجهم المعروف ضد العراق وسوريا, داعم لأي عنف أو فوضى وسعت بكل جهد كي لا يستقر البلدين, وهذا النهج مستمر وسيكون معوق حقيقي ودائم أمام الحلم الكبير.

وقد كان على الساسة في العراق وسوريا التوصل لتفاهمات ايجابية بعد 2003 مع دول الخليج المؤثرة مع تركيا ليبعدهما عن منطقة العداء مع القوى العالمية, فالسلام ممكن أن يتحقق عبر حزمة مصالح, والجلوس في مفاوضات حقيقية, وفهم وأدراك لمطالب الأخر.

•  الموقف الإسرائيلي الخفي

منذ وعد بلفور في بدايات القرن الماضي, والحرب مشتعلة بين العرب واليهود, وكانت مواقف إسرائيل دوما ضد إي سعي لنهضة عربية وخصوصا العراق وسوريا ومصر, لكن الغريب في العشرين سنة الأخيرة كان صوت إسرائيل ضعيفا, فهل يعني أنها اتجهت للسلم؟

الحقيقة أن هنالك من يقوم بما تريده إسرائيل, وهو الشروع بتدمير العراق وسوريا ومصر, فالعصابات التكفيرية المدعومة إقليما من القوى العظمى, قد فعلت أكثر مما فعلته إسرائيل طيلة حروبها مع العرب, ولهذا اتجهت للصمت, مع أن هنالك كلام كثير وتسريبات إعلامية عن دور إسرائيلي سري, ودعم غير مباشر لهذه الجماعات التكفيرية التي تحارب في العراق وسوريا, أي أن حربها ضد العرب لم تتوقف.

إسرائيل تعارض أي نهضة حقيقية للعراق وسوريا, وكل المصائب التي جرت على البلدين, كانت لإسرائيل يد فيها, فإسرائيل احد العوامل الخطيرة أمام شعوب المنطقة, لذا يعتبر الحلم صعب تحققه مع وجود كيان خطير كإسرائيل, يعلن العداء ويستمر في نهجه المسموم.

•  موافقة الدول العظمى

المشروع كبير ويهم الدول الكبرى, لذا الحصول على موافقة هذه الدول أمر يجعل الأمور متيسرة, لكن كان سلوك الساسة في العراق وسوريا, في تصعيد مستمر ضد أمريكا, فالفكرة لن تتحقق مع استمرار النهج المعادي لأمريكا, لأنها ستبذل كل جهودها لمنع تحققها, فقط لان سوريا رفضت المشروع القطري لنقل الغاز عبر أراضيها, ووافقت على المشروع الإيراني لنقل الغاز عبر أراضيها, مما دفع دول كبرى للسكوت أمام دخول الإرهابيين لسوريا, وعمليات التدمير الوحشية التي مارسها الإرهابيين, بل أخذت صبغة عالمية بان ما يجري في سوريا هو ثورة ضد الدكتاتورية.

المشاريع الكبرى تحتاج قادة حكماء, يفهمون طبيعة النظام العالمي, ويعرفون الطريق لكسب ألأحلام, ويخططون لكيفية كسب قضايا الوطن, عبر سياسة الاحترام المتبادل, والشراكة في المشاريع الاقتصادية, والدعم المتبادل, فالعداء يجر الويلات ولا يكسب حق ضائع.

•  الثمرة

الفكرة كبيرة جدا وتصل إلى حد الخيال, وهي ممكنة التحقق لكن بشروط, وهي:

الأول: استقرار البلدين وسيادة القانون.

ثانيا: انتهاج سياسة داخلية حكيمة للبلدين.

ثالثا: تحقيق وحدة سياسية اقتصادية بين البلدين.

رابعا: تغيير السياسة الخارجية بما يخدم مصالح البلدين.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك