ضياء المحسن ||
باحث في الشأن المالي والإقتصادي
تتنوع عمليات التهريب لتخريب إقتصادات الدول، بعضها لا يشكل تأثير على هذه الإقتصادات عندما تكون هذه الإقتصادات متنوعة، لكن في حال أن الاقتصاد يعتمد بصورة كبيرة على إيرادات هذه السلعة فإن التهريب هنا يمثل كارثة لا تقل عن أية كارثة طبيعية تضرب البلدان، ومن هذه الدول يقف العراق في الصدارة من خلال المافيات التي تقوم بتهريب كميات كبيرة من النفط العراقي بطرق وأساليب متنوعة.
عمليات تهريب النفط العراقي لم تكن وليدة لنظام ما بعد عام 2003 فقد كان النظام السابق يمارس عمليات تهريب النفط العراقي للهروب من العقوبات التي فرضتها عليه الأمم المتحدة بعد دخوله لدولة الكويت، لتمويل متطلبات إستمرار النظام آنذاك، واستمرت هذه العمليات بعد سقوط نظام صدام لكن بأساليب وطرق متطورة.
مع مجيء الحكومة الجديدة أخذت تتكشف الكثير من الأوراق حول الجهات التي تحمي مافيات تهريب النفط، حتى بات المواطن يسمع عن أسماء كبيرة في أجهزة أمنية تقوم بحماية هؤلاء مقابل نسبة معينة من الأموال التي يحصلون عليها جراء تهريبهم النفط، وناهيك عن كون جريمة تهريب النفط جريمة إقتصادية يعاقب عليها القانون، فهي تمثل جريمة أخلاقية كونها تشرعن عمليات السرقة خاصة عندما تكون محمية من قبل من يطبق القانون.
مما تقدم نجد أن تهريب النفط واحد من المشاكل التي لها تأثير سيئ ليس على الاقتصاد الوطني بل على النسيج الاجتماعي أيضا، فلابد والحالة هذه أن تكون المعالجات قاسية حتى لو طالت شخصيات مؤثرة، والسؤال هنا هل تستطيع حكومة السيد السوداني إتخاذ هكذا معالجات إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار تأثير تلك الشخصيات على الشارع العراقي؟
قد يتصور البعض إن تأثير التهريب محدود لأنه يقتصر على سرقة كميات من النفط، لك واقع الحال يشير الى أكبر من ذلك، لأن عمليات التهريب تتم من خلال تخريب الأنابيب الناقلة للنفط الخام، وعمليات ثقب هذه الأنابيب ينتج عنها توقف عمليات التصدير لغرض صيانة الأنبوب الذي تعرض للتخريب، وهذا التوقف يكلف أموال طائلة لصيانة الأنبوب ناهيك عن فترة التوقف لأيام عدة قد تؤثر على عمليات التصدير وبالتالي إنخفاض الكميات المصدرة عدا عن الإلتزامات مع الجهات التي تشتري النفط العراقي وما ينتج عنها من غرامات مالية.
لدى الحكومة الحالية فرصة للسيطرة على هذا الموضوع حتى مع وجود كتل سياسية قد تتضرر من هذا العمل، لكنها ستكون مجبرة على عدم الوقوف بوجه السيد السوداني في الإجراءات التي سيتخذها للسيطرة على عمليات تهريب النفط، خاصة وأن هناك تقارير تظهر للعلن عن تأثير هذه السرقات على الاقتصاد العراقي والتي يتضرر منها المواطن في نهاية الأمر.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha