بقلم: محسن الجابري
انتشر مؤخرا وفي وقت متزامن في قم المقدسة وفي بيروت كتاب : راية اليماني الموعود أهدى الرايات بحث في منهج اليماني ودوره ومعركته لسماحة الشيخ جلال الدين الصغير، والكتاب الذي صدر عن دار التعارف للمطبوعات يعد واحدا من الكتب الفريدة في طريقة تناوله لموضوع حساس وبطريقة علمية متخصصة أظهرت باعاً فكريا متميزا للمؤلف الذي ربما طغى وضعه السياسي على مقدرته العلمية.
المؤلف الذي تناول الروايات المتعلقة بشخصية اليماني الموعود بكثير من التدقيق والالتفات إلى دقائق ما فيها بشكل استطاع ان يبلور فهما متكاملاً لمنهج اليماني جمع فيه بين الأصالة في التدقيق والحداثة في التحليل، ولا أشك أن الكتاب سيثير نهم كل من يتناوله لكي ينتهي منه لطبيعة الجدة فيه واسهامه في كشف الكثير من الخطاء التي وقع فيها متناولوا مثل هذه الشخصيات والروايات المهدوية، وهو فوق ذلك ربما هدف لى تأسيس منهج جديد او متميز في تناول أحاديث الظهور بطريقة تبعد الباحث عن البساطة والتسامح التي ابتليت بها كتابات من هذا القبيل.
الكتاب يقع في 247 صفحة من القطع الكبير ويبدو واضحا لمطالعه إن المؤلف كتب بحثه بتركيز كبير من دون حشو او غطالة خارج المنهاج، ولكنه كان سلس العبارة وبسيطها رغم الطريقة العلمية التي تناول فيها أبحاث الكتاب، ويمكن القول بأن الكاتب جمع بين الدقة الحوزوية وبين مهمة تبسيط الجمل بحيث تكون في متناول اكبر قدر ممكن من القراء، ولعل أهم بحثين في الكتاب يتعلقان بطبيعة هوية اليماني إذ يتوصل المؤلف إلى قناعة كبيرة في ما يشبه استحالة ان يكون اليماني من اليمن في وقت الخروج من خلال محاكمة النصوص الواردة وفق الموازين العلمية الخاصة في هذا المجال والتي يرى فيها إن ناقصة الدلالة على ذلك إذ يعزو صدور الروايات هذه إلى غير المعصوم أو إلى ما رواه العامة، في وقت يحاول صناعة سيناريو تحرك اليماني الموعود بطريقة موضوعية ليجعل القول بيمنية الهوية والخروج ضرب من المحال. أما البحث المتميز الآخر فهو متعلق بمنهج اليماني وهو بحث فريد ومهم للغاية خاصة لمن يريد تتبع آثار هذا الرجل لأغراض انتظار الإمام المنتظر (عليه السلام) وفيه الكثير من المنهج التربوي المتجرد عن العموميات إلى وضع النقاط على حروف كثيرة في مهمات الانتظار، وهو أمر لا نجد الكثير منه في الكتابات التي صدرت عن الإمام المنتظر (عليه السلام).
أما الفصل الرابع والخامس والسادس من الكتاب فأحسب أن له أهمية خاصة جدا للمتتبعين بشؤون التعرف على شخصية اليماني وفضح الزائفين في هذا المجال والمنتحلين لصفة اليماني زيفا وخداعا، خاصة حينما تناول رسم خارطة زمانية بصورة دقيقة لحركة علامات الظهور المتزامنة مع ظهور اليماني.
وقد انتقد الشيخ المؤلف ظاهرة الاسقاطات الشخصية لرجالات الظهور واعتبرها تمثل ترفا وفضولا لا يغني ولا يسمن، لآن وكما يرى المؤلف إن مهمة المنتظرين لا تعلق بظهور هذه الشخصيات والتعرف عليهم بقدر ما تتعلق بمتابعة منهجهم لأن الغاية هي الاستقامة أثناء ظهور الإمام (عليه السلام).
صراحة وجدت في الكتاب الكثير من الأفكار الجديدة التي لا يمكن أن يستغني عنها طالبوا الأبحاث العلمية الدقيقة، وقد فاجئتني وبلا مبالغة قدرة سماحة الشيخ الفكرية والتحقيقية، فبالرغم من إنه قدم عطاءا سياسيا متميزا خلال الفترة المنصرمة، ولكن يبدو لي إن باعه الفكري لا يقل تميزا عن وقفاته وصولاته المشهودة لصالح الإنسان في العراق.
https://telegram.me/buratha