محمود الربيعي
الانتماء الى حزب البعث بين الطمع والتهديد والقناعات المتوهمةكان النظام الدكتاتوري المستبد ينتهج طريقة هي خلاصة عنف البشرية منذ مطلع التاريخ وحتى تاريخ حكم النظام بحيث مارس جميع انواع البطش والقتل والتعذيب المتنوع الذي طال النساء والاطفال والشيوخ ناهيك عن الرجال والشباب .وكان الحزب يجبر الناس على الانتماء بوسائل الترغيب - والترهيب - والتشكيك. ويمارس التصفيات ويزرع الخوف ولقد عاشت قيادة هذا الحزب على الارهاب الذي طال الاسر والعشائر والعوائل .تحريم حزب البعث للحريات السياسيةحرم حزب البعث الحرية السياسية بانتهاج سياسة الحزب الواحد وسجن اهل الراي بالمؤبد دون قيامهم باية انشطة مسلحة غير حملهم لثقافة اخرى، فكان من جملة من حرمهم من حريتهم السياسية الحزب الشيوعي والاحزاب الاسلامية، وتعرض نتيجة لذلك جملة منهم الى الاعدامات بعد ثبوت انتماءاتهم ونشاطهم، ولقد عاش العراقيون مرحلة كساد ديمقراطي يقابله جو ديكتاتوري اسود متسم بالعنف والالغاء والاقصاء، فامتلات السجون والمعتقلات بالالاف من سجناء الرائ بلا رحمة ولاشفقة ودون مراعاة لاوضاع اسرهم وعوائلهم وعشائرهم فقد استبيحت حياة الافراد بشكل يفوق التصور، واصبح كل شي غير معقول كان ذلك هو طابع سياسة الحزب وقيادته التي يصفق لها الحزب، وبربك هل يعقل ان يسجن طفل او امراة حامل او شيخ كبير اعمى؟! فعلا فلقد حدث كل ماهو غريب ابان حكم هذا الحزب.هل كانت قيادة حزب البعث صادقة في رفع شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية وشعار العداء للصهيونية والاستعمار والرجعية؟لقد رفع هذا الحزب شعارات جميلة كانت تعيش في مخيلة كل مواطن عراقي وهي شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية في الوقت الذي كانت تعيش فيه الامة العربية حالة من التمزق المضاعف.. كما رفع شعار الحرية في الوقت الذي كان فيه الناس مشتاقون الى الحرية سواء كانت تلك الحرية سياسية او شخصية او اقتصادية، كما دعى الحزب الى الاشتراكية في الوقت الذي ضاق فيه الناس من السياسات الاقطاعية والحرمان.. وبهذه الشعارات زرع حزب البعث في نفوس الناس الوهم والرغبة في الانتماء فماذا كانت النتيجة؟!ومن الجدير بالذكر ان شعارات الحرية والاشتراكية كان يدعو اليها الحزب الشيوعي فتسلق حزب البعث بانتزاع هذه الشعارات من الحزب الشيوعي واضاف عليها الصبغة القومية ليتفرد بها، كما استغل وقتها الوقف الديني للشعب مستغفلا له دون ان يدري هذا الشعب ماسيجري عليه في الغد القريب.من كان اقرب الى الحرية عبد الكريم قاسم ام صدام حسين؟ وهل استطاع حزب البعث ان يكون متسامحا كما كان عليه عبد الكريم قاسم؟واول محاولة لهذا الحزب جاءت في قتل الزعيم عبد الكريم قاسم الذي نعتوه بالدكتاتور رغم انه سمح لكافة الاحزاب ان تعمل في الساحة العراقية سواء كانت الاحزاب الدينية منها والعلمانية ورغم انه عندما اصيب في محاولة اغتياله كان متسامحا مع الذين ضربوه بالرصاص.. لم يستحي هذا الحزب ان يقتل الزعيم رغم انه كان محبا لشعبه ولقد بذل هذا الرجل قصارى جهده لخدمة شعبه، وكان متميزا بزهده في ماكله وملبسه ومسكنه.انتهاج حزب البعث لسياسة الحزب الواحد وتصفية جميع انواع المعارضة السلميةوعندما استلم حزب البعث السلطة زج باعداد كبيرة من السياسيين في السجون والمعتقلات، وقتل واعدم العديد منهم.. وتمكنت هذه القيادة من زرع الخوف في نفوس الناس واعدمت عدد منهم على اعواد المشانق في ساحة التحرير وسط بغداد.الحرس القومي اول تشكيل بعثي يمارس قتل المواطنينوتشكل الحرس القومي على مستوى المناطق والمدارس والجامعات واختار هذا الحزب طريقا للتصفيات الجسدية لمناوئيه حتى من داخل الحزبن وكان يمارس قتلهم في الطرق الخارجية ويقيم مجالس الفاتحة على ارواحهم وكان الناس على يقين بان هذا الحزب كان هو الذي يقتل معارضيه بنفسه وبيده وبيد اعضاءه، ولم ينجو من بطشه كل من كان ينتمي الى أي حزب اخر.اعتاشت قيادة حزب البعث على زرع الفتنة بين المواطنين من المستوى الادنى الى المستوى الاعلى كما زرع هذا الحزب الفتنة داخل العائلة الواحدة وداخل العشيرة الواحدة وبين منتسبي الاجهزة الامنية والاستخباراتية واجهزة الدولة المدنية كالوزارات والمديريات العامة فلم يبق جندي ولاضابط ولامدرس ولا موظف الا واوقعه تحت شراك هذا الحزب وضغوطه.السلوك الحزبي البعثي وممارسته الرقابية على الجماهيرلقد كانت اخلاقيات هذا الحزب هي تربية الافراد على كتابة التقارير داخل المناطق السكنية وفي الدوائر بل وحتى داخل السجون بطريقة زرع فيها وكلاءه العاملين لمصلحته وخصوصا الذين زجهم في السجن من غير اهل المعتقد ومن غير السياسيين.المؤسسات العسكرية واجهزة الشرطة ملغومة بوكلاء الحزبولم تسلم المؤسسات العسكرية واجهزة الشرطة من هذه التربية النمطية في ارهاب الناس وزجهم في السجون والمعتقلات وتعليقهم على اعواد المشانق بعد ان أمات هذا الحزب العمق الديني الذي كان يتمتع به هذا الشعب وتحول البعثي الحزبي الى آلة طائعة لكتابة التقارير وممارسة العنف والمشاركة في قتل الناس.ان هناك مجموعة اخرى من الشعارات التي رفعها حزب البعث عند استلامه للسلطة وهي الحرب على الصهيونية والاستعمار والرجعية هذه الشعارات التي كانت تعيش في وجدان الانسان العربي عموما وفي وجدان الشعب العراقي على وجه الخصوص لذلك وقع العراقيون ضحية لتغرير هذا الحزب ورفعه لشعارات الوحدوة والحرية والاشتراكية والحرب على الصهيونية والاستعمار والرجعية، لذلك نحن نقول ان البعثي بشكل عام يعيش هذه الشعارات ويؤمن بها ولكنه عندما يدخل الحزب ويطلع على افكاره الداخلية وممارساته العملية يجد ان هناك شيئا اخر غير الذي يؤمن به من المبادئ والقيم، وكثيرا ماجرت محاولات لتغيير القيادة بدافع من الشعور الوطني وللتخلص من الدكتاتورية التي تمثلت بصدام ورموزه الذين امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية لمن لم ينتمي اليه.ولم تكن للخطوط المهتدلة نصيب في ادارة الحكم والسلطة بسبب الخوف الذي كان مسيطرا عليهم، ولقد رأينا من خلال الوثائق والافلام كيف كان يصفي صدام ورموزه كل من يقف في طريقهم حتى ولو نطق بكلمة واحدة.كيف تعاملت قيادة حزب البعث مع الشيعة والاكراد وهل حاربت فعلا الصهيونية ام مجرد شعارات؟!ان شعارات العداء مع الصهيونية مسرحية هزيلة، فبدلا من الحرب عليها كان يوجه حرابه على الاكراد وعلى الشيعة مخالفا تلك الشعارات والمبادئ التي يرفعها هذا الحزب كالوحدة.. فقد خان هذا الحزب الكثير من الوعود واجتهد في تمزيق وحدة الشعب العراقي، ةفعل الشئ نفسه مع الدول العربية واعلن العداء على كل من سوريا ومصر وحتى منظمة التحرير الفلسطينية.هل حاربت قيادة الحزب الاستعمار كما هو شائع في الدول العربية ام انها حاربت اعداء الاستعمار؟وبدلا من اعلان الحرب الحقيقية على الاستعمار راح يهدد امن الدول العربية والاسلامية كما فعل مع الكويت وايران والسعودية ولم يسلم من هذه القيادة لاقريب ولابعيد وتجاوز كل الخطوط حتى شمل العائلته وابناء العمومة والاخوال والاصدقاء ورفاق الحزب ونتيجة لهذه السلوكيات الحزبية المنحرفة عن تلك الشعارات والمبادئ والاهداف الظاهرية التي رفعتها سعت هذه القيادة لان تقتل المواطنين وتتهمهم بالخيانة والعمالة وتشكلت فرق ولجان كثيرة طاردت جميع شرائح المجتمع في داخل الحزب وفي مؤسسات الجيش والشرطة ودوائر الموظفين.هل ان جميع البعثيين هم نسخة من صدام ام ان منهم كان كارها لصدام وقيادة الحزب الحاكمة؟نحن لانريد ان نظلم كثيرين ممن انتموا الى هذا الحزب خصوصا الذين انتموا على مضض ودون رضا او قناعة بل وان البعض منهم وبسبب الاوهام التي زرعها الحزب في نفوسهم بطريق الشعارات الوطنية البراقة وخادعة والتي كانت تستتر ورائها نزعات عشائرية وطائفية، اضافة الى سياسات الترغيب بالوظائف والايفادات والامتيازات التي كانت تمنح للبعثي والرفيق الحزبي على حساب المواطن العراقي.هل اكتشف البعثيون خدعة قيادتهم؟ان كثير من البعثيين ان صح القول اكتشف هذه الخدعة ولكن بعد ان سبق السيف العذل ووقع تحت طائلة المسائلة الحزبية والضغوط المستمرة والتي شارك فيها اغلب المنتمين الى الحزب عن طريق رفع التقارير والطاعة العمياء دون تردد.. وكانت تجري بعض المحاولات الحزبية للمعتدلين لتغيير مسار السلطة واعادة الوضع الى حالة الاعتدال وبعد مافشلت تلك المحاولات اعدم الكثير من هؤلاء المعتدلين، وخاف البقية من بشط الطغمة الفاسدة التي وسعت من اجهزتها الامنية والعسكرية وسخرت كل شئ لمصالحها واستعبدت الشعب بشكل غير مسبوق.ورغم ذلك بقيت اعدادا كبيرة من البعثيين تتوق الى تغيير في قيادة الحزب والتخلص من صدام وزمرته، ولكن كل هذه المحاولات بائت بالفشل بعد ان هيمنت السياسة الدكتاتورية على كل مفاصل السلطة والقوة.عمل صدام على تصفية معارضيه من داخل الحزبهل يمكن للبعثيين الخلاص من تهديد بقايا قيادات حزبهم؟جرت محاولات عديدة قام بها البعثيون داخل الحزب لتصحيح المسار الحزبي والعمل على احداث التوازن بين صفوف قيادات الحزب ليكون اكثر اعتدالا وبعيدا عن التسلط الديكتاتوري الفاشي للقيادة لكن هذه المحاولات باءت بالفشل. وبسبب ضغوط قيادته المستبدة التي كانت تقمع اصوات الداعين الى التصحيح سواء من العناصر ذات الرتب العالية او الرتب الادنى والتي كانت تطالب بالتغيير.لقد اجتهد صدام حسين على ان يبذل قصارى جهده لتصفية العناصر المعتدلة في الحزب وخير مثال على ذلك ماجرى لكل من حردان التكريتي والرئيس الاسبق احمد حسن البكر وعدنان حسين ومحمد عايش وعدنان خير الله، والكثير الكثيرمن هؤلاء واقرانهم كانوا يحاولون تخليص الحزب من السياسة الفردية المستبدة والتي كانت تتمتع بغطاء امني واستخباراتي وعسكري عالي التقنية والتدريب، ويتمتع برقابة شديدة تتسم بالعنف السري الحاد، والذي تخضع له جميع المراتب حتى القيادة القومية والقطرية واعضاء الحزب وجميع المراتب العسكرية بحيث يمارس الحزبي والعسكري والامني والاستخباراتي مراقبة متبادلة فهو مراقب لغيره ومراقب من قبل الاخرين من رفاقه.
https://telegram.me/buratha