المقالات

مقترح حل جذري لمعالجة شحة مياة الشرب في المحافظات الجنوبية

1190 12:24:00 2009-06-21

خيون العكيلي

من الواضح أن أدارة الموارد المائية في العراق تفتقد الى الستراتيجية طويلة الأمد وعاجزة عن القيام بأجراءات فعاله للتخفيف من أثر شحة المياة وخصوصاً في الجنوب وفي مواسم الجفاف. وقبل فترة وجيزة دعا أحد السادة أعضاء البرلمان العراقي الى تبني ستيراتيجيه جديدة لأدارة المياة تتناسب مع التحديات الجديدة المتمثلة بتجاوز دول الجوار وبالذات تركيا على حقوقنا المائية في نهري دجلة والفرات. وأيضآ وفي هذا السياق فقد دعيت في مقالة سابقة الى تبني خطط غير تقليدية في أدارة الموارد المائية تعتمد على المناقلة بين موارد المياة الجوفية والسطحية. وأن يتم أستغلال المياة الجوفية في المناطق التي يتوفر فيها خزين مائي جوفي ذو نوعية جيدة وأن يتم تحويل المياة السطحية قدر الأمكان الى المحافظات التي تفتقر الى المياة ذات النوعية الجيدة سواء كانت سطحية أو جوفية. وضربنا في حينه مثلاً بأن يتم حفر أبار لأستغلال المياة الجوفية في المناطق الشمالية والغربية من البلاد وتحويل المياة السطحية المتوفرة في هذه المناطق لسد حاجة المحافظات الجنوبية التي تعاني من شحة كارثية من المياة لأغراض الشرب والزراعة. وبدلاً من أن تتبنى الحكومة ستيراتيجية جديدة لأدارة الموارد المائية تهدف الى تخفيف المعاناة عن اهالي الجنوب فاجأتنا وزارة المواد المائية بتصريح للسيد اللوزير أثناء زيارتةُ الأخيرة لمحافظة كركوك بأن شحة المياة عامة في كل العراق وهذا نص التصريح " ...أن شحة المياة الحالية شملت عموم محافظات العراق بسبب قلة سقوط الأمطار والثلوج وكانت معدلاتها متدنية جدا قياسا للسنوات السابقة مما أدى الى تدني الأيرادات المائية لنهري دجلة الفرات وروافدهما..."

أن هذا التصريح يعني من بين ما يعنية أن الحكومة متمثلة بوزارة الموارد المائية غير مطلعة على معاناة أهل الجنوب أو لا تريد ان تقتنع بان شحة المياة في المحافظات الجنوبية (السماوة, الناصريه, العمارة والبصرة) قد وصلت الى درجة مأساوية وأن الحكومة مصرة على عدم أتخاذ اجراءات فعالة للحد من معاناة أهل الجنوب خصوصاً الأطفال وكبار السن.

صحيح أن البلد ككل يعاني من شحة المياة خصوصاً هذة السنة, ولكن الحقيقة أن شحة المياة في المحافظات الجنوبية أكثر حدة من باقي العراق. وان المشكلة في الجنوب ليست وليدة هذا العام. شحة المياة في المحافظات الجنوبية وتدهور نوعيتها مضى عليها على الاقل عقدين من الزمن وهذة الشحة ناتجة في معظمها من غياب برنامج فعال وديناميكي لادارة الموارد المائية في العراق, برنامج يكون الأنسان اساسهُ وهدفهُ.

والحقيقة أن تأثير الشحة "العامة" لهذا الصيف على أهل زاخو مثلاً ليس كتأثيرها على اهل الفاو. ففي الوقت الذي لم يظهر للشحة اثر واضح على أهل زاخو فأن أهل الفاو وأطفال الفاو محرومين من المياة الصالحة للشرب. وهذا ينطبق على مناطق أخرى. فبالتأكيد أن تأثير شحة المياة على أهل الموصل أقل بكثير مما هو علية بالنسبة لأهل البصرة وكذلك أهل أربيل مقارنة بأهل العمارة وأهل كركوك مقارنة بأهل الناصرية وأهل الرمادي مقارنة بأهل السماوة. وليس بجديد القول بأن الحكومة العراقية متمثلة بوزارة الموارد المائية ,وخلال ما نراة من أجراءات وقتية وغير فعالة وغياب الستيراتجية الواضحة لأدارة المياة, غير مكترثة لمعاناة أهل الجنوب. ولهذا السبب أضطررت الى ذكر أسماءالمحافظات والمدن.

أن شحة المياة الحالية غير وقتية وأنها بالحقيقة غير مرتبطة بشحة الأمطار لهذا العام. شحة المياة هذة مرتبطة بستراتيجيات أدارة الموارد المائية في دول الجوار ( تركيا بصورة رئيسية وأيران بالدرجة الثانية ( أرجو ملاحظة أن %9 فقط من واردات دجلة والفرات تأتي من أيران)). أن ستيراتيجية أدارة الموارد المائية التي تتبعها تركيا لا تكترث بحاجة العراق للمياة. وهي ستراتيجية لم تترك أي مجال للأستجابة الى أحتياجاتنا المائية بل أكثر من ذلك أنها لاتعترف بحقوق العراق المائية في دجلة والفرات. ويجب أن لاتخدعنا بعض الأجراءات الوقتية التي تقوم بها تركيا والهدف منها ذر الرماد في العيون. أن كبار الساسة الأتراك أعلنوها وبصورة واضحة " لدينا ( تركيا) المياة ولديكم ( العراق) النفط" لذلك فأذا لم يتم توقيع أتفاقية واضحة مع تركيا وسوريا تضمن حقوقنا المشروعة في مياة دجلة والفرات فأن المستقبل المائي في العراق قاتم على اقل تقدير.

ولهذا ولكون مشكلة شحة المياة الصالحة للشرب مشكلة قديمة وليست وليدة هذا العام فأنها تتطلب حلاً جذرياً ودائمياً. وبهذا الصدد فأني أقترح أنشاء خط أنابيب ناقل للمياة ولنسمية ( خط أنابيب الرحمة) ويعني رحمة بأطفال جنوب العراق. يقوم هذا الخط الناقل بنقل المياة من مقدم سدة سامراء الى المحافظات الجنوبية مباشرة ويكون مسارة من سامراء وحتى ذراع الثرثار- دجلة بمحاذاة الطريق العام بغداد-موصل. بعد ذراع الثرثار- دجلة ينحرف الانبوب الى الغرب او الى الجنوب الغربي الى أن يرتبط مع بدايات المصب العام ثم يسير بمحاذاة المصب العام جنوباً الى نقطة ألتقاء المصب العام بطريق الفجر- ال بدير وفي هذا الموقع يتفرع الخط الناقل الى فرعين: فرع يذهب الى العمارة ويسير بمحاذاة طريق فجر-عمارة وفرع يذهب الى السماوة ليغذيها بالمياة العذبة ومنها يتجة جنوباً بأتجاة الناصرية بمحاذاة نهر الفرات أو محاذاة طريق سماوة-ناصرية حيث يتم تغذية مدينة الناصرية بمياة عذبة ويتفرع الأنبوب في الناصرية الى فرعين: فرع يذهب الى البصرة ماراً بسوق الشيوخ ليغذي سوق الشيوخ والبصرة وبعد البصرة يتفرع الى فرعين أحدهما يمتد ليغذي أبو الخصيب والفاو والأخر يذهب الى أم قصر والزبير. أما الفرع الأخر الذي يتفرع من الناصرية فيسير بمحاذاة نهر الفرات جنوبآ ليغذي الفهود والجبايش والمد ّينة و القرنة. التصميم التصريفي التقريبي لهذا الخط من بدايتة وحتى طريق فجر- ال بدير يبلغ حوالي 35 متر مكعب بالثانية. وبعد هذة النقطة تكون التصاريف في الخطوط الناقلة حسب حاجة كل محافظة.

وللمعلومات فأن هذا التصريف أقل من نصف تصاريف الخط الناقل الذي أنشأ تةُ ليبيا والمسمى بالنهر الصناعي العظيم والذي يبلغ طولةُ 1600 كيلو متر وبتصريف يصل الى أكثر من 70 متر مكعب بالثانية ومعدل قطر الأنبوب يزيد على 4 متر.

أنا أعتقد أن هذا الخط الناقل ضروري لتوفير الماء الصالح للشرب للمحافظات الجنوبية وعلى المدى الطويل خصوصاً وأن واقع الحال يشير الى أن هذة المحافظات عا نت من تردي نوعية المياة وعدم توفر المياة الصالحة للشرب على أمتداد العقدين الماضيين على الاقل ولا توجد بوادر في الافق تبشر بحل للأزمة. بل أن الأزمه مرشحه للتفاقم والأستمرار. وبالأمكان أن يتم تمويل المشروع كخطوة أولى بتحويل ال 100 مليون دولار المخصصة للاستفتاء على المعاهدة الأمنية الموقعة مع الولايات المتحدة الأمريكية. حيث أن هذا الاستفتاء لاجدوى منه وأن أستخدام المبلغ لهذا المشروع الأنساني افضل بكثير من استخدامةُ في استفتاء ليس لةُ معنى. أن وزارات الدوله العراقيه قادره على تنفيذ هذا الخط الناقل تنفيذآ مباشرآ. حيث ان الخبره التنفيذيه المتراكمه في وزارت الموارد المائيه ,النفط ,البلديات ,الأعمار, والصناعه قادره على أنجاز العمل وفق المواصفات الفنيه المعتمده دوليآ. أن هذا المقترح هو مقترح أولي قابل للنقاش والتطوير من قبل ذوي العلاقة والأختصاص. فمثلاً قد يقترح البعض تغيير المأخذ ليكون من سدة الكوت أو سدة الهندية بدلاً من سدة سامراء. ورأيي بهذا الخصوص بأن أختيار سدة سامراء مبنيعلى أساس أن مستقبل الموارد المائية في العراق غير مضمون من حيث النوعية في سدتي الكوت والهندية خصوصاً وأن تركيا ماضية في مشروع الكَاب الذي يحرم العراق من أكثر من ثلثي أحتياجاتة وحقوقه المائية الحقيقية. وبهذا فأن سدة سامراء هي الموقع الاقرب للجنوب والتي من المتوقع أن تكون نوعية المياة فيها جيدة على المدى الطويل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك