المقالات

بين الخيارين العراقي والفلسطيني

920 14:35:00 2009-01-21

( بقلم : عبد الجبار كريم )

لعل الكثير من المتابعين لاحداث غزة وردود الافعال التي صدرت ازاءها شعبيا ورسميا ، قد اهتم بشكل وباخر برد الفعل العراقي الذي نجده رغم انقسامه بين مؤيد للخيار الفلسطيني ورافض له ، مع تضامنه الكامل مع محنة الشعب الفلسطيني ازاء الغطرسة الاسرائيلية ، الا ان هذا الموقف بقي موضع اهتمام الكثير من اصحاب الهم السياسي ، حيث تبرز علامات تساؤل عديدة على هذا الصعيد .

لماذا الاسلاميون العراقيون مع الخيار السياسي ، فيما الاسلاميون الفلسطينيون ضده ، وهما في قمة السلطة ؟ هل ان المساْلة تابعة لانماط التفكير عند الاسلاميين ، ام لوجود تباين في ساحة الصراع ، من حيث تعدد الخيارات ، وهامش الحركة التي تمنحها استراتيجية القوة في هذه الساحة اوتلك ؟  هل ان العمل الثوري والمقاوم مبني على استراتيجية واضحة ومدروسة ، ام هو خيار لابد منه مهما كانت نتائجه كارثيةوبعيدة عن تحقيق الاهداف المرجوةعلى الارض ؟

التساؤلات تمتد لتشمل جوانب كثيرة وعديدة ، ولكن يمكن لنا ان نقول ان الساحة السياسية ، وانماط الحلول المطروحة هي التي تحدد نوعية رد الفعل اكثر من ان يكون التباين في انماط التفكير السياسي عند الاسلاميين هو السبب مع الاقرار بوجود تباين واضح لدى الاحزاب والقوى الاسلامية في مختلف البقاع من حيث تبني الحلول السياسية او رفضها للحلول الوسطى ، وتبني مستويات مختلفة من التشدد . فاذا كان العراقيون تبنوا الحل الاميركي للمساْلة العراقية ، فان ذلك يعود لجملة اعتبارات منطقية تبرر لهم هذا الخيار ، بما في ذلك تجنبهم الخوض في قضايا لم تعد ذات اولوية لهم كما كانت في السابق ، رغم ان المالكي ذهب بعيدا عندما دعا الدول العربية والاسلامية الى قطع علاقاتها مع اسرائيل في اعقاب احداث غزة ، وقدمت الحكومة العراقية مساعدات انسانية للشعب الفلسطيني ، كما شاركت جموع مختلفة من العراقيين في تظاهرات مؤيدة للقضية الفلسطينية .

واذا سمحت الستراتيجية الاميركية في العراق لحمل الشعب العراقي على القبول ، واسهام الاسلاميين العراقيين في مشروع بناء الدولة العراقية على اسس ليبرالية وليست دينية ، فان الامر يختلف كثيرا بالنسبة للشعب الفلسطيني ، وخياراته المحدودة ازاء استراتيجية القوة التي تمارسها اسرائيل ، وتباين المشروع الاستيطاني الاسرائيلي عما تتبناه اميركا في العراق ، وبالتالي لعل دعاة الحل السلمي للقضية الفلسطينية ليس لديهم الحجج الكافية لتدعيم مبررات هكذا دعوة ، كما ان هذا لايعني صحة الخيار الذي تتبناه حركة حماس في تشددها وهي في قمة السلطة ، او تحويلها الشعب الفلسطيني الى مشروع استشهادي في معركتها المفتوحة مع الكيان الاسرائيلي ، ذلك لان هكذا خيار يزيد من الام هذا الشعب الذي قدم الغالي والنفيس في معركة الدفاع عن هويته العربية والاسلامية ، وتمسكه بحقه المشروع في ارضه .

مااريد قوله اننا في العراق لدينا مبرراتنا الكافية بالانكفاء على الذات ، وتبني خيار العراق اولا واخيرا ، بعيدا عن الرهانات السابقة التي لم تجلب سوى الويلات للشعب العراقي ، كما ان الشعب الفلسطيني لديه المبررات الكافية هو ايضا للخيار الذي يتبناه سواء بمواصلة نهجه المقاوم الذي ورط اسرائيل بالدم الفلسطيني ، وجعلها تواجه وضعا صعبا على الالتئام ، او في جنوحه للسلم وتبنيه خيارا للسلام ومشاريع التهدئة والحلول السياسية . ان التطرف مرفوض سواء بالحل السلمي الذي يدعو اليه البعض ، او بالعمل الثوري والمقاوم ، خصوصا في ساحة معقدة كالساحة الفلسطينية ، والمثل يقول ان ترى من سم ابرة اوسع من ان ترى من خلال ذاتك ،

عبد الجبار كريم - السويد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك