المقالات

غالب الشابندر و وجه مقتدى الصدر

2630 03:11:00 2008-08-27

( بقلم : د.سناء الحربي )

أتابع قراءة ما ينشره الكاتب غالب الشابندر في سلسلته التي اسماها وجها لوجه مع السيد مقتدى الصدر . و خلال قراءتي لما كتبه الشابندر رأيت أن الرجل يبدأ في كل حلقة سطوره بشي واضح من المجاملة و يحاول مرارا و تكرارا نفي أن يكون ما يكتبه لصالح الحكومة العراقية أو انحيازا لرئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي . ثم ما يلبث بعد ذلك أن يلامس جانبا من حقائق الصدر و أتباعه . ليس عيبا كبيرا أن يدافع احد عن الحكومة كما أن معارضتها وفقا للأساليب المشروعة ليست جريمة بل هي مظهر من مظاهر الديمقراطية و العمل السياسي في أجواء الحرية و العدالة ، كذلك ليس المجاملة عيبا و نقيصة حين تكون بحدود ما هو معقول و مقبول و ألا تحمل المجاملة معنى يناقض الحال و الواقع ، إن مجاملات الأخ الشابندر هي من النوع الذي يصطدم بتشخيصات الكاتب نفسه بعد أن يطلق لقلمه العنان في تحليل و نقد مواقف و سلوكيات و أفكار مقتدى الصدر . سآخذ هنا حلقتيه الأخيرتين ( السادسة و السابعة ) لنرى أن مجاملات الكاتب أوقعته في تناقضات تجعل القارئ يقف عاجزا عن فهم الكثير مما يريده و ينظر لموقفه كونه ضبابيا إلى حد ما .

يقول غالب الشابندر في حلقته السادسة من وجه لوجه مع مقتدى الصدر ( ... سياسة التيار الصدري ، الذي وصفته وما أزال أصفه بـ ( المبارك ) ، ففيه أخيار ، وقد كان له الفضل أي فضل في انتخاب السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ) . لا أدري ما يقصد إليه الكاتب من رواء صفة المبارك ! فهل أن هذه الجماعة المسماة بالتيار الصدري تستحق المباركة و بما تضمره هذه الصفة من صحة التوجه و نزاهة الغاية و مصداقية القول و العمل ! و كل هذا يُبرَّر بوجود بعض الأخيار فيه و نحن نعلم أن الأخيار بشكل أو آخر موجودون في كل جماعة بشرية فحتى الفجار و الكفار قد تجد بينهم خيّرا أو اثنين أو أكثر .. و لكن المدار لإطلاق وصف كهذا هو طابع العمل و النتائج التي تتمخض عن الفعل و السلوك و نحن أمام تجربة أمدها خمسة أعوام كفيلة أن تعطي المرء انطباعا بل تتحفه بحقائق واضحة و قاطعة .. في زمن المقبور صدام كان هناك بين البعثيين العديد من الأخيار و لا أحسب أحدا سينكر ذلك خاصة أولئك الذين انتموا إلى حزب البعث مجبرين و خوفا من تبعات الاستقلال عنه ، و لكن هل يبرر هذا الأمر وصف نظام صدام بكونه نظاما خيّرا و مباركا !! أكرر تساؤلي حول ما يعنيه الكاتب من صفة مبارك التي وصف بها جماعة مقتدى الصدر ؟ و ذلك لأن الكاتب نفسه يقول في مكان آخر من مقاله (لقد ألح السيد مقتدى على فتوى المرجعية هذه ، كان يريد منها كلمة فاصلة ، ولكن أليست هذه الدماء الغزيرة التي تجري مثل الأنهار كلمة فاصلة ) ثم يكرر الكاتب كلمته (مرّة أخرى أقول للسيد مقتدى : أليست هذه الدماء الغزيرة كافية بأن تكون جوابا ؟ ) بل يؤكد فيما بعد قائلا (وهل السيد مقتدى حقا لا يفهم هذه اللغة ، خاصة وهو يتحمل فقها وشرعا مسؤولية هذه الدماء ) .. و يتضح مما اقتبستاه من مقالة الأستاذ الشابندر أنه يحمل مقتدى الصدر مسؤولية تلك الدماء و هذا منطوق عباراته بشكل واضح لا لبس فيه . فكيف ينسجم هذا مع ذاك يا سيد غالب الشابندر ؟ أم أنك تبارك القتل و العياذ بالله !!

أما قضية الفضل الصدري في ترشيح رئيس الوزراء نوري المالكي فهو كثيرا ما نسمعه من الصدريين و نقف مستغربين إزاء هذا النحو من التفكير و الفهم للأمور السياسية .. يا سيدي الكريم و أنت كاتب ذو تجربة ليست السياسة لعبة من ألعاب الأطفال و المراهقين في الحارات لا يوجد في العرف السياسي ما يسوغ له أن " يعيّر " من كان في ظرف ما حليفا له كونه وقف إلى جانبه سياسيا وفقا لمبدأ التخادم السياسي السائد أو على ألأقل كان يمثل أفضل الخيارات المتاحة . لقد كان الصدريون في قلب الحدث حين تم إعطاؤهم مقاعد تزيد عن حجم التمثيل الحقيقي لهم في الانتخابات و كان لا بد أن يكون لهم موقف معين إزاء مواقف الآخرين و طريقة ما للتعامل مع الوضع الذي كان آنذاك ، و وقوفهم إلى جانب ترشيح السيد المالكي لم يكن سوى خيار أفضل وفقا لحساباتهم ومواقفهم فهل غاب عن ذهنك أنهم أصروا على شخصية الجعفري لتهاونه معهم طيلة شغله لمنصبه في رئاسة الوزراء و ألحوا على ذلك إلحاحا كبيرا إلى أن تبين عسر تحقيق هذه الغاية ، فيما تحفظوا على أسماء أخرى انطلاقا من مواقف شديدة غير مبررة إلا بمبلغ الكره لبعض الأحزاب الأخرى ..

و يمضي غالب الشابندر إلى القول : (ولا ينكر إلاّ مكابر دور التيار في توازن معادلة كاد احد أطرافها أن يذهب أدراج الرياح ) ... إن الكاتب هنا يتجاهل كامل الحقيقة ليركز على مقطع هو النتيجة و ليس السبب ، فالمليشيا التابعة للصدر قد تقاسمت مع القاعدة و الطائفيين السنة الدور التخريبي في قتل الأبرياء و تهجيرهم ، إن جميع أهالي مدينة بغداد يعلمون علم اليقين أن جيش المهدي و القاعدة كانا المسؤولين معا عن تدهور الأوضاع و وصولها إلى المنحى الخطير الذي وصلت إليه و هل ينكر أحد أن أغلب الذين ذهبوا ضحايا للعنف الطائفي و الصراع المدمر بين المليشيات الشيعية المتمثلة بجيش المهدي و السنية التي مثلتها القاعدة و بعض المليشيات المسلحة بشتى أسمائها و عناوينها المعروفة و المجهولة حتى اليوم إنما هم مواطنون عزّل غير ذي انتماء ؟ إن عدد مليشيا مقتدى في مدينة الصدر لا يتجاوز بضعة مئات من الأفراد بينما أسهمت العمليات الإرهابية للقاعدة و غيرها في قتل أضعاف عدد عناصر جيش المهدي كاملة و من تلك المدينة الفقيرة فقط ..

لنلاحظ ما يقوله الأستاذ غالب في مقالته تلك إذ يؤكد (إن المرجعية الدينية المتمثلة في السيد السيستاني أكدت مرارا وتكرارا ، إن السلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط ، هي الوحيدة التي لها الحق أن تحتكر العنف، فهل بعد هذا من شك أن الواجب على ا لتيار أن يسلم سلاحه للحكومة ؟ وهل السيد مقتدى حقا لا يفهم هذه اللغة ، خاصة وهو يتحمل فقها وشرعا مسؤولية هذه الدماء )

أتساءل هنا أين دور جيش المهدي في حفظ التوازن الذي أشرت إليه ؟ بمعنى كيف نفهم شرعية حفظ التوازن مع حرمة حمل و حيازة السلاح الذي يجب أن يكون بيد الدولة .؟! وهل يعني هذا أن المرجعية كانت تريد بمطالبتها الواضحة التي لا يفهمها مقتدى من ضرورة إلقاء السلاح و حصره بيد الدولة أقول تريد أن يختل ميزان القوة على وجه يميل لصالح إرهاب القاعدة ؟؟ بالتأكيد كلا و هذا يعني أن المرجعية كانت تعلم علم اليقين أن الصراع الذي كان إنما اتخذ كل تلك الأبعاد بسبب حمل مليشيا جيش المهدي للسلاح و تمرده على قانون الدولة .. و لنا عودة ثانية مع الحلقة السابعة لغالب الشابندر

الدكتورة سناء الحربي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حنان الانصاري
2010-07-23
الى استاذي العزيز غالب ان ماتعلمته على يديك في معهد صحافة الحرب والسلام غير ماقراته لك الان على هذا الموقع مما جعلني اتاكد من كلامي بان الكلام الذي وجهته لك اثناء المحجاضرة كان صحيحا بانك رجل شيعي وعلماني ولكنك تميل الى الحكومه اكثر فلماذا وانت عايشت الغرب وهل هذه فكرتك عن الحكومة مع تحياتي
احمد البصرى
2008-08-27
يعلم الجميع انة الشجاعة ليس فقط ان يحمل الانسان سيف وينزل للميدان وانما الشجاعة ان يكون صادقا فى قول الحق ولو على النفس وانا اسال الاستاذ الشاهبندر اى مباركه لهذا التيار بدايه من شق المذهب حوزه ناطقه وحوزه ساكته او من كشف غطاء الشيعه فى العراق امام الامريكان واظهار مكامن قوتهم وضعفهم ام من ادخال العراق فى اتون حرب اهليه لولا لطف الله واخمادها بعباءت المرجعيه او بقتلهم الابرياء بدون سبب من نساء وحلاقين وبائعين ثج وافراد الشرطه والجيش ام بتخريبهم العراق وتخريب الكهرباء والنفط والجسور وووو
عراقي
2008-08-27
الاخت الكاتبة المحترمة عذرا اذ انوه الى شي لابد من التنويه اليه الا وهو ان السيد الشابندر ومن خلال كتاباته التي تنشر هنا وهناك ومنذ زمن ليس بالقليل ويشهد الله اني لا اعرفه الا من خلال ماينشر له بانه مع الدولة العراقية الجديدة بكل مشاعره وفكره واستطيع ان اقول بروحه الا انه يرى في الحكومة وبالذات بقياداتها ما لانراه نحن ربما من خلفية سابقة وهذا رأيه واما بخصوص قمة بلاء الشيعة(الاية مقتدى) فلا اظن ان فكر ونهج الشابندر يرى عكس مايرى العقلاء فيه
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك