ففي الاسابيع الماضية تم تهجير المئات من العوائل المقيمة في مناطق الاعظمية الى محافظة الديوانية وقبلها من مناطق المحمودية واللطيفية والحصوة الى محافظات كربلاء والنجف واخرى من مناطق المدائن الى واسط وهلم جرا ( بقلم : د.ابراهيم بحر العلوم)
على مدى العقود الثلاثة الماضية عانى العراقيون من سياسات الاضطهاد الطائفي والقومي ضمن منهج شوفيني اتبعه النظام المباد لتنفيذ مآربه لغير المشروعة. وكانت من ابرز وجوه تلكم السياسات القمعية التي اضطلع بها النظام . سياسات التهجير القسرية لتغيير الخارطة الديمغرافية وشهدت البلاد منذ السبعينيات تهجير الموجات البشرية خارج حدود الوطن والاستيلاء على ممتلكاتهم ووثائقهم وفي محور اخر عانى العراقيون من سياسات الترحيل والتهجير الداخلي. وتمنى العراقيون اسدال الستار على هذا الواقع المرير والعمل على معالجة اثاره ومع الاسف ما نراه اليوم وبعد ثلاث سنوات من سقوط النظام المباد عودة ازلام النظام لاعادة عقارب الساعة الى الوراء من خلال الاستمرار بالسياسات نفسها والبدء بحملات التهجير القسري من محاور مختلفة ليجد المئات من العوائل العراقية اليوم جراء التهديد بلا مأوى او في احسن الاحوال في مخيمات تترامى في اطراف محافظات الفرات الاوسط.ففي الاسابيع الماضية تم تهجير المئات من العوائل المقيمة في مناطق الاعظمية الى محافظة الديوانية وقبلها من مناطق المحمودية واللطيفية والحصوة الى محافظات كربلاء والنجف واخرى من مناطق المدائن الى واسط وهلم جرا. ماذا يعني ذلك؟ ولماذا يتم ذلك امام اعين المسؤولين ولم يشعر المواطن بخطوات جادة لايقاف هذا المسلسل والانكى من ذلك عدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة لتوفير الحماية وتتحول الحكومة من دور الحامي للمواطن لتمارس دورها كمنظمة انسانية لتوفير الغذاء والدواء للمهجرين. انه حقا ضياع لهيبة الدولة وغياب للأمن ان استمرار موجات التهجير القسري داخل الوطن مؤشر على عدم امكانية الدولة في حماية ابنائها فبدلا من ان تعمد الى توفير المستلزمات الأمنية لضمان وجودهم في مناطق سكناهم تلجأ الحكومة الى تخصيص نصف مليار دينار كمعونات لا شك انها خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنها لا تؤمن لوحدها رعاية الدولة لحقوق المواطنة والغريب ايضا ان تنأى الكتل البرلمانية عن مناقشة مثل هذه القضايا التي تفتت وحدة الشعب بينما تسعى للحديث عن مبادئ لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ان تغييب هذه المأساة عن الاعلام العراقي امر يستحق التأمل وغيابه عن طاولة المباحثات السياسية امر يدفع بالمخلصين الى التذكير ببذل اقصى الجهود لايقاف المسلسل الهادف الى تمزيق العراق وتفتيت وحدته علينا تسليط الاضواء الكاشفة بشكل يمكننا من تلافي الامر قبل ان يستفحل تاركا بصماته الموجعة على ارض الرافدين. ولا خيار لنا الا ان نقاتل من اجل ابقاء العراق بعيدا عن المنحى الطائفي الذي يجرنا اليه اعداؤه، انه تحد يواجه الدولة ورموزها وامتحان تأهيلي لمعرفة قدرة ايماننا بالثوابت الوطنية التي نتغنى دوما بها. وعند الامتحان يكرم المرء او يهان.
الدكتور ابراهيم بحر العلوم
https://telegram.me/buratha