المقالات

ثقافة الكذب و الترويج لها .. كتابات نموذجا

1487 17:37:00 2008-08-18

( بقلم : د.سناء الحربي )

يقال إن الصورة تتكلم و هي كذلك فعلا .. و لهذا فهي قد تكون كاذبة حينا وقد تكون صادقة حينا كأي كلام آخر .. وهو رهن بطبيعة ونية صاحبها أو عارضها .. على سبيل المثال العابر جدا نرى إلى صور يعرضها موقع تفاهات لإيميل صاحب الموقع ، يسهل جدا فبركة مثيلات لها بفترة لا تتعدى خمس دقائق و دون الحاجة إلى أي برامج لمعالجة الرسوم سوى ما هو متوفر في أنظمة التشغيل ليمكن إنتاج صورة كالتي في الرابط :

http://up3.m5zn.com/get-8-2008-5uijgix6yco.bmp

 بعض الأفراد ينهجون في حياتهم منهج الكذب و التلفيق و يتطبعون على هذا السلوك المشين في التعامل مع الآخرين . هؤلاء كثر في البيئات الاجتماعية الشرقية ، لما يكتظ به شرقنا العتيد من أزمات و مشاكل عبر التاريخ عندها يكون الكذب واحدا من أبرز وسائل النجاة و الظفر بالعافية ، تماما بذات القدر الذي يكون فيه الكذب سلّما و مصعدا سحريا للوصول إلى السلطة و الجاه و الكسب المادي بمختلف أشكاله و بمقدار ما يتفنن به الحكام من خلق للأكاذيب يكون عمر الكرسي تحتهم أطول و أشد استقرارا . مع ذلك تطرح المفارقة نفسها بشيء من الإثارة حين تكون الكلمة الأكثر شيوعا لجعل الكذب منهجا يضمن تحقيق الهدف صادرة من الغرب و تحديدا من ألمانيا - حيث يقيم موقع كتابات و صاحبه و ليس لدينا قناعة بعدوى المكان فالكذب ليس جنيا في الخارج بل جنيا في داخلنا خاصة أن المكان تم تعقيمه أمريكيا منذ أمد و تم نقل الجني إلى البيت الأبيض – و في عهد هتلر .. اكذب ، وماذا بعد ؟ اكذب أيضا ، ثم ما تكون النتيجة ؟ أن يصدقك الناس و يا لتعاسة هؤلاء المصدقين هذا مع أن أول من سنّ هذه السنة في الكذب الذي ينتج عنه تصديق الناس هو معاوية و بجدارة من رأى انه ملك زمانه منذ نعومة طغيانه .. . الكذب في حياتنا يتطور بقدر ما تتطور وسائل التكنولوجيا و التقنيات المختلفة و يأخذ أشكالا متنوعة لكنه في النهاية مجرد كذب بمثل ما ينطلي على بعض يصعب أن يخدع بعضا آخر . ما يلفت النظر أن الكذابين ليسوا جميعهم يعرفون عن أنفسهم أنهم كذّابون أو حتى أنه لا يخطر في بال أحدهم انه يمارس الكذب على الآخرين .. السر في ذلك إن هؤلاء بدأوا بالكذب على أنفسهم قبل غيرهم و بهذا فقد الكذب معناه فاستوى هو و الصدق على عرش واحد في أذهانهم . كيف بدأ حزب البعث في العراق ؟

سؤال طالما تمت الإجابة عليه بأطروحات و نقاشات مختلفة لكنها كما نستشف ذلك قد التقت عند حقيقة أن المدّ البعثي في منتصف القرن العشرين كان مصاحبا لمدّ جارف من الأكاذيب ، شعار البعث ذاته كان ثلاث أكاذيب خدعت ذوي الاستعداد للتصديق بالأكاذيب المجتمعة .. فالوحدة لا تنسجم و الانشقاقات البعثية المبكرة ، كيف تهضم حالة تناقض كهذه ..؟ الشخص الوحدوي يميل إلى تقريب وجهات النظر و نزع مسائل الخلاف ، من المؤكد أن هذا عكس طبيعة أي بعثي و لا حاجة بعد كل هذا التاريخ الذي قصمت خلاله ما تسمى بالوحدة العربية قصما على يد المقبور صدام للحديث عن دور حزب البعث العربي في تشتيت العرب و خلق روح العداء المستحكم بين شوارعهم العشرين و شارعين غير سالكين .. الحرية البعثية تنتمي إلى شعار نفّذ ثم ناقش ! أما الاشتراكية فهي ترضية ساذجة للقوى العالمية الشيوعية و للتيار الشيوعي الذي كانت له شعبية أكثر من شعبية البعث .. و بمرور الوقت ثبت بشكل قاطع البون الشاسع الذي يقاس بالسنوات الضوئية بين شعارات عفلق و تطبيقاته في الحكم . صدام حسين منح الكذب طفرة نوعية حين جعل منه ثقافة سياسية و اجتماعية و به تقاس درجة الولاء للعراق و الأمة العربية و ليس لعائلة العوجة و أولاد صبحة .. هذه الثقافة تقبلها جزء من العراقيين و قاومها جزء آخر .. استوعبتها مناطق بعينها و أبتها مناطق أخرى ..

 و كان للمتقبل أن يستمر في غيبوبته تحت تأثيرات تلك الثقافة المدججة بالافتراء و الدجل و الاختلاق و بعد أن صدق كل الأكاذيب دون صعوبة كبيرة ، و الآن نحصد ثمرة الأكاذيب التي أخذت تمظهرات مختلفة و طرحت نتائج غاية في السوء بدءا من المقاومة بقطع أعناق الشيعة المتهمين بالعجمة و الصفوية في واحدة من أخزى أكاذيب البعث و بقايا حاملي فكره ، و مرورا بسلسة قد تكون واحدة من مفرداتها استثمار تدهور الخدمات لتشكيل فكر معارضة زائف و ملفق لا ينتمي إلى فضاء النظام الديمقراطي الذي يقضي بضرورة أن تكون للمعارضة فسلفتها الفكرية التي تعضّد سلطة الحكومة لا أن تحاول إلغائها ، المعارضة في الدول الديمقراطية لا تهدف إلى إزاحة الحزب أو الأحزاب الحاكمة و شغل الكراسي بدلا منها .. بل إلى تقويم أخطاء الساسة الحاكمين و تقوية بناء الدولة و مؤسساتها ، هي لا تنطلق من مبدأ الخصومة الشاملة مع الحكومة قدر ما ترتكن إلى فلسفة الاختلاف البنّاء و بالنتيجة هي حالة وعي في العمل و التعامل السياسي و كيفية إدارة شؤون الدولة وهنا تكون المعارضة و الحكومة ذات وظيفة واحدة و إن اختلفت العناوين التفصيلية لكل منهما ..أغلب معارضينا اليوم أو من ينسبون أنفسهم قولا أو عملا إلى المعارضة هم مجموعة وافرة ممن جعلوا أي حاكم غير من ينتمون إلى فكره و ثقافته عدوا لهم و سيلتهم في محاربته هي ذات وسيلة الحاكم الطاغي .. الكذب و التلفيق .. فبركة الأحداث و الوقائع و اختلاق ما يمكن منها للتشنيع و التسقيط .. مقومات حكم البعث الصدامي بحذافيره .

أصحاب هذه المعارضة التي اشرنا إليها يعون تماما أن قوام شعاراتهم يستند إلى قضايا مرحلية ستنتهي مع الوقت شاءوا أم أبوا و رغم الغباء اللامحدود الذي يتمتع به كثيرون منهم إلا أنه يصعب أن نتصور أنهم في غفلة مطلقة عن هذه الحقيقة .. لهذا فالواقع أنهم بصدد ترسيخ نمط من الثقافة لكل من يعارض الحكومة أيا كانت ... هل نبتعد عن الحقيقة حين نزعم بقوة أن انهيار المعارضة و تبدي أخلاقياتها بشكل شائن لهو من أعظم الضربات التي تسدد إلى النظام الديمقراطي ؟ المراد إذاً هو إيجاد امتداد فعال في نسق فكري تنصهر كل مفرداته في ثقافة البعث و أساليبه و أدواته المعروفة . المشكلة هنا هو إن الوقوف بوجه هؤلاء لتعريتهم يحسب على أنه وقوف دفاعي عن الأحزاب السياسية و الحكومة في واحدة من الأكاذيب المستمرأة لدى هؤلاء و كثير للأسف من الأفراد الجهلة ، مع أن من حقي الطبيعي فيما لو كنت منتمية لحزب من أحزاب السلطة أن أدافع عنها و هي إن كانت اليوم في سدة الحكم فقد تكون غدا معارضة سياسية لأحزاب أخرى تظفر بأصوات الناخبين لتحكم بدورها فتصيب حينا و تخطيء حينا آخر كما هو حال الموجودين حاليا دون فرق كبير إلا في الأفكار و المتبنيات .. مع هذا و رغم القول إن الحق و الباطل نسبيان و ما هو حق لدي قد يكون باطلا لديك و العكس بالعكس إلا أن افتضاح أساليب بالية أدمن الأخذ بها نظام الطاغية صدام حسين لا يترك مجالا كبيرا لأن نساوي بين الوطني و غير الوطني .. بين من يسعى لمصالح العراق و من يسعى لمصالحه الخاصة .. و باختصار بين الصادق و الكاذب .. و بعبارة أشد وضوحا و آكد للتدليل على واقع الأمور بين غير البعثي و البعثي .. و الأخير هو الشخص الذي خسر سطوة فكره أو امتيازاته أو كلاهما معا .

حين يتم استمراء الكذب في مجتمع ما و تسييده على الحالة الثقافية و الوعي العام و جعله جزءا من " شخصية " المعارض يكون البعثي قد أبلى بلاء حسنا و استطاع أن يتقدم خطوة إلى الأمام في سبيل زعزعة الحالة الراهنة و إعادة الأمور القهقرى إلى زمن سابق . .. هذا النجاح المفترض مرهون بشعبية الأكاذيب التي تتدفق من قنوات إعلامية و مواقع انترنت بالية تافهة .. و الحمد لله فلحد هذه اللحظة أن من يصدق أكاذيب هذه القنوات هم القائمون عليها وحسب ..  شيء بسيط يشير إلى مستوى من الكذب قام به موقع إيراني حين اخذ مقالة منشورة في مواقع عراقية صادقة كشبابيك و وكالة براثا و موقع أخبار .. حول زمرة خلق الإرهابية .. يشترك هذا الموقع مع كتابات بنفس أسلوب الكذب و التفاهة .

سناء الحربي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسين
2008-08-18
الى الاخت الدكتورة سناء الحربي اني رغم لى مواقف اتجاة مجلس الاعلى لكن قراة مقال من كتابات واسم الشخص ملا شلغم والشلغم يباع بالسوق والظاهر ان هذا النكرة سوقي من ايتام صدام تعلم الشتم والسب والطعن بشرف الناس للآن تربية حزب البعث هذة كما الوهابية اذا لم يتمكن الرد بالاسلوب الثقافي ام الدين يلجئ الى السب وشتم شرف الاخرين لانة فاقد الشرف لنقصة يشتم الناس عسى يغطي على عورتة .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك