المقالات

((الاختلاف الفكري نعمة ظاهرها العذاب وباطنها الرحمة ... حديث مع النفس !.))

1172 23:28:00 2008-08-17

( بقلم : حميد الشاكر )

مرّة سألت نفسي : هل النبش في التأريخ وأخراج مامختلف عليه فكريا والجدال حوله هو فعل عقلائي فكري ام انه حراك فتنة ونزاع ؟.ولماذا ندرس الاختلاف في التأريخ ومنشأ المذاهب والطوائف في الاسلام ونترك التفكير بالحاضر والمستقبل ؟.وأليس هو هذا سبب تخلف وتطاحن وارتداد هذه الامة المسلمة عندما اهتمت بالتاريخ لتنسى الحاضر والمستقبل ؟.وأليس هو هذا التخلف بعينه ان نناقش الاحق بالخلافة قبل اربعة عشر قرنا هل هو علي أم معاوية ؟.وكيف لامة لم تزل تعيش على ذكرى رجل من ابناء الرسول قتل بمعركة تأريخية مؤسفة اسمه الحسين بن علي ع وتندب حظها العاثر حتى توقف الزمن عندها تماما ؟.وألم يكن الاكثر احتراما ان نترك التأريخ وشأنه سبب الخلاف والشقاق ونعيش بذاكرة ممسوحة التاريخ والى الابد ؟.أنها اسألة كثيرا ماتراود فكري المشغول بحركة الامة هذه في اي لحظة ، ولكنّ ان اتخذ القرار الحاسم بطلاق التأريخ طلقات بائنة بلا عودة ، تعود ذاكرتي النفسية للنشاط وتسألني بعقلانية مابعدها عقلانية لتقول : ياأخي هل مانحن فيه الان من تفكك وتشرذم وصراع داخل هذه الامة هو بسبب التأريخ وما انتجه في السابق ؟.أمّ ان بذور الصراع الذي نعيشه نحن اليوم بكل دموية هو منتج عن رؤية في الحاضر او المستقبل ؟.فأجبت بكل احترام علمي وواقعي لهذا السؤال ب : ان صراعنا المذهبي الشيعي السلفي التكفيري اليوم ، وكذا الديني الطائفي والاخر القومي .. منشأه تأريخي ومما لاشك فيه ففي التأريخ كانت الاسس التي انتجت هذا الصراع اليوم ؟.فأعادت عليّ هذه النفس الامارة بالسوء سؤالها : اذا كانت كل مشاكلكم الحاضرة ماكنة انتاجها هو التأريخ ، فكيف تريد اصلاح مشاكل الحاضر بلا عودة للجذور ومناقشة المشكلة من اساسها ؟.ثم اذا وصلت مشاكلكم الدينية والمذهبية الى حد الدماء والقتل والحرق والتفجير والحرق على يد فرق تكفيرية واخرى تدافع عن نفسها ، أفلا تستحق هذه الدماء المبعثرة اليوم يمينا وشمالا ان نرجع الى الاساس من المشكلة لنناقشها بمنطقية وعقلية لنقطع دابر الفتنة من الجذور ؟.أم اننا نبقى كراس النعامة الغبي الذي يدرك جهة الخطر ويضع رأسه تحت التراب كي لايعود لأسّ المشكلة ويوقف الدماء ؟.قلت مع نفسي الامارة بالسوء : لكنّ هناك من يعتقد ان مناقشة التأريخ ودراسته والبحث فيه هو الاساس في الفتنة ، فكيف يكون قتل الفتنة بالفتنة نفسها ؟.أعني ان هناك من يقول اننا متخلفون بسبب اننا ناقشنا تأريخنا واقتتلنا حوله ، بدلا من مناقشة الحاضر والاختلاف عليه ؟.فقالت لي نفسي : دعك من هذه السفسطة الغبائية وعي قولي : ما دام اشكالكم تأريخي فلا يحل هذا الاشكال الا دراسة التاريخ بتقنية عقلية ، وبعد ان تتوصلوا لدراسة تأريخية واعية تفهموا الاشكال على حقيقته لتعاد من ثم صياغة الافكار من جديد وتهدم اراء وافكار ومعتقدات تكفيرية بناها التاريخ لمغزى معين لتبدأ مسيرة الجديد بواقعية !.أما من يقول : اتركوا التاريخ وعيشوا بذاكرة فاقدة للتاريخ فهذا أشبه بطالب مستحيل يريد ان يخدر المشكلة الى حين ارادة اظهارها من جديد ليلعب اللعبة على دماء الامة النازفة !.نعم افهم قولي : ان من نعم الله سبحانه وتعالى (( الاختلاف )) في كل شيئ ، في الكون اختلاف .. في الالسن اختلاف ... في الالوان اختلاف في النبات اختلاف في الحجر اختلاف في الانسان اختلاف وفي الحيوان اختلاف ....، هذا ماقال به القرءان الكريم ، كما انه قال :(( لوشاء ربك لجعل الناس امة واحدة ..)) ولكنّ ارادة الله وحكمته وعلمه شاءت ان يكون هناك اختلاف في كل شيئ بما فيها فهم الانسان وتصوراته وافكاره وايماناته ، ولذالك خلقهم !.ان الاختلاف هو الرحمة لانه الحياة والحركة ، بينما التوحد هو الموت والسكون ، وتصور لو توحدنا على الفكرة الخاطئة فكيف لنا ان نغير الفاسد الا برحمة نعمة الاختلاف التي فينا ، كما انك تستطيع تصوّر اننا كلنا موحدون على فكرة صالحة فلا حاجة لايجاد العالم بعد ذالك ، ولهذا فبسنة الاختلاف ومن اجلها وعلى اساسها وجدنا في هذه الحياة !. وهذا كله لالسبب معقد الا لكون الاختلاف سبب حركة الشعوب والامم ، وسبب حركة الكون برمته ، بعكس السكون والتوحد فانه سبب الموت وعدم الحركة !.قلت لنفسي الامارة بالسوء : انه منطق جديد يقلب المعادلة رأسا على عقب ، وقد علمتنا الدولة ان (( الاختلاف )) سبب الفشل وضياع للقوة ، وعلمنا رجال الدين ان (( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) كما علمتني امي ان الاعواد تكسر عندما تكون مفرقة بينما هي قوية عندما تتحد ؟.فكيف اصبح الخلاف قوة والتوحد موت وسبات عميق على منطق النفس هذا ؟.فقالت لي نفسي : ان للدولة مصلحة بأن تجعل الامة قطيعا من الغنم الموحدة الحيوانية بلا عقول تختلف ، فالاختلاف يضر بمصالح دكتاتورية الدولة ، ولذالك يا أخي اذا درست القرءان كلام الخالق العظيم ستجد ان فراعنة التاريخ وحتى اليوم يقمعون اي صوت معارض باسم اثارت الفتنة وتهديد وحدة المجتمع ، فوحدة المجتمع الذي تفهمه الدولة هو ان لايكون لك رأي مختلف عنها ولهذا قالت الدولة :(( ان الاختلاف فتنة وسبب فشل القوة )) ولكنّ ليس قوة المجتمع النابض بالحياة والحركة والمتطلّع لحياة المشاركة في الحكم ، و انما قوة الدولة الغاشمة صاحبة الصوت الواحد وصولجان السلطان !.وكذا رجال الدين وموظفي الساسة وبأئعي الاخرة بدنيا المال والمنفعة ، يخلطون حابلا بنابل كي يرضوا اسيادهم الفراعنة ، فالنزاع ليس هو الاختلاف الذي قال عنه الله سبحانه بانه (( آية للعالمين )) وانما النزاع الذي يذهب بالقوة هو ان تكون في ارض معركة مصيرية ويأتي من ينازع على القرار بهل ندخل الحرب ام نكسب السلام والحرب قائمة علينا بالفعل كالذي يحصل اليوم في فلسطين بالضبط !.مثل هذا النزاع وفي مثل هذه الظروف العصيبة قال القرءان :(( أطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) ولم يقل لاتختلفوا لان القرءان نفسه يعتبر الاختلاف علامة حياة ونشوة حركة وفلسفة كون ومادة انسان !.نعم قالت أمك ياصديقي وهي في السبعين من العمر ان الوحدة قوة والاختلاف ضعف ، لكنّ اين امك العجوز من فلسفة كونية قائمة على اختلاف الحركة ودوام الجدل وسنة التدافع عندما يقول القرءان :(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت ألأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) !.ولاتدافع هنا بلا سنة اختلاف التي هي فضل الله يؤتيه من يشاء ؟.قلت لنفسي : والخلاصة هل نقرأ التاريخ ونختلف حوله ؟.قالت لي نفسي الامارة بالسوء : لانجاة للتغيير في واقعكم الى الاحسن من القول الا ان تناقشوا التاريخ اولا !.ناقشوا التاريخ ادرسوا اختلاف المذاهب والفكر !.ناركم خامدة فاحيوها بجدلية الصراع والرأي المخالف ، ونعم تشتدّ وطأة حقد من لايريد ان تناقشوا اي شيئ في التاريخ من الفكر والمبادئ ، ويعقوكم مرّة باسم عدم النزاع والتفرقة ، ومرّة يطرح عليكم (( واعتصموا )) واخرى يناورونكم باحزمتهم الناسفة وارهابهم المستديم كي لاتناقشوا اس المشكلة في التاريخ !.أتعلم يأخي ( قالت لي نفسي الامارة بالسوء ) لو لم تكن مناقشة التأريخ ودراسته ذات قيمة انسانية وفكرية عالمية ، لما كان الانسان مستعدا ليتحول انتحاريا حقيرا في سبيل هذا التاريخ المزور ؟.ولما كانت رواية دافنشي هي التي حركت عقول الغرب حول علاقة المسيح بالمرأة ؟.ولما ذكر القرءان العظيم تبعات التاريخ على بني اسرائيل اكثر من عشرات المرات ؟.ولما قال :(( واثارهم وكل شيئ احصيناه في امام مبين ))نعم البداية من التاريخ للانطلاق للمستقبل !.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك