في بعض الاحيان يصدر قرار من حاكم موافق لرؤية المرجع ففي هذه الحالة قد يكون التزاما براي المرجع او صدفة ، وقد يصدر حكم من المرجع يتفق ورؤية الحاكم فهذا لان المرجع يرى الاصلح ولا علاقة له برؤية الحاكم اطلاقا ، لربما يرجو حاكم معين من مرجع ما موقف معين لاجل مصلحة اكبر قد يحدث هذا عن طريق مثلا سكوت المرجع .
تعتبر حقبة الاحتلال الانكليزي من اكثر الحقب جدلا وهنالك من يروج لاشاعات معينة تخص مرجع ما مدحا او قدحا ، ودائما التهمة الرائجة فلان مرجع عميل للانكليز ، وحصل مثل هذا عند سقوط صنم بغداد مع مرجعية السيد السيستاني .
اقول لم ولن يحصل ان مرجعا ما تواطأ مع الانكليز ابتداء من السيد كاظم اليزدي ( ت1337هـ) والى يومنا هذا ، قد يكون هنالك توافقات او اختلافات بين مراجع النجف وقم وهذا عبارة عن وجهة نظر ولا علاقة لاي حاكم بذلك .
السيد اليزدي له مواقف ضد الاحتلال الانكليزي مشهود له وحتى ان ابنه محمد اشترك ضمن حملة السيد الحبوبي ضد الانكليز ، وازمة النجف سنة (1918) عندما طلب الانكليز من السيد اليزدي ترك النجف بسبب الحصار والقصف فرفض ذلك لان اهل النجف اهله .
ما يخص ترحيل الشيخ محمد مهدي الخالصي ( ت1925م) هنالك من يروج الى ان حكومة عبد المحسن السعدون رحلت معه مجموعة من المجتهدين وهذا بخلاف الواقع وقد ذكر الدكتور محمد حسين الصغير في كتابه اساتيذ الحوزة ان العلماء الذي غادروا العراق مع الشيخ الخالصي غادروا بارادتهم دعما للشيخ الخالصي ، وبعد الفراغ الذي حصل في النجف تعرض السعدون لضغوطات ومعه الملك فيصل باعادة العلماء وكان شرطهم يخص الخالصي فقط بان لا يتدخل بالشان السياسي طبعا غايتهم الانتخابات وتوقيع معاهدة الانكليز ، الشيخ الخالصي رفض هذا الشرط وبعد الحاح السيد الاصفهاني ( ت 1945) بضرورة العودة للنجف استخار الله فكانت الخيرة البقاء في ايران ولم يعد .
هنالك من يعتقد بان الشرط يخص السيد الاصفهاني والنائيني وهذا غير صحيح بدليل ان السيد الاصفهاني هو محور الراي السياسي لكثير من الامور في العراق .
كتب عبد العزيز القصاب في مذكراته عندما تم تعينه متصرفا لكربلاء سنة 1922 ، وبعد شهور صادف عيد الغدير وتازمت الامور في النجف فطلبت مني الحكومة التواجد في النجف وذهبت الى هناك قبيل عيد الغدير جاءني رسول من السيد ابي الحسن الاصفهاني يطلب حضوري في بيته ولوحدي ، وبالفعل ذهبت الى بيته وكان اجتماعه في السطح وكان معه شيوخ عشائر الجنوب والفرات الاوسط جلست الى جنب السيد الاصفهاني وقال لي ان الشيوخ لهم مطالب ارجو ان تسمع منهم ، فتكلم السيد محسن ابو طبيخ ملخص طلبهم ان يتم سحب المستشارين الانكليز من محافظاتهم كما وعدهم المندوب الانكليزي ، وتعهد لهم بان يتابع الامر وهنا طلب القصاب من السيد الاصفهاني بان يحرم التجمعات خلال عيد الغدير لان الوضع الامني متوتر جدا ، يقول القصاب فتحدث الى الشيخ عبد الكريم الجزائري ( ت 1962) بالفارسي ثم التفت الشيخ الى الحضور ، لاحظوا الى الحضور وليس الى القصاب ليقول لهم ان السيد يؤيد طلب القصاب ، فطلب القصاب من السيد ان يكتب له فتوى بذلك فكتب الجزائري ( تحرم الاجتماعات والتجمعات خلال ايام الزيارة ) وختمها السيد بختمه ، وكان لها الاثر في استتباب الامن ( مذكرات عبد العزيز القصاب ص196)
هنا كما قلت اعلاه لا احد يفرض على المراجع ،ومسالة لقاء السفير الانكليزي برفقة نوري السعيد بالسيد الاصفهاني تتحدث عنها الكتب عندما تبرع الانكليزي بصك كذا مبلغ فاخذها السيد وكتب على ظهر الصك تصرف الى عوائل الجنود الهنود الذي قتلوا في المعارك مع الانكليز واعاد الصك ، فقال الانكليزي لنوري اردنا ان نشتريه فاشترانا .
وزيارة الملك فيصل للنجف للقاء المراجع والاستماع لطلباتهم فكيف يكون هو من شرط عليهم ان لا يتدخلوا بالشان السياسي؟
وللسيد السيستاني مواقف على غرار ذلك عندما اكد على اجراء الانتخابات لان الامريكان ادعوا بانه حالما تجري الانتخابات ينسحبون من العراق لذا فضل اجراء الانتخابات ولكنه لم يؤيد ولم يمنع العمل المسلح ، وحاول بريمر ـ اخبث قدم وطات العراق بعد الحجاج وطاغية العراق ـ عدم اجراء الانتخابات فاستعان بالقاعدة مع من غرر بهم من السنة وظهور جماعات مسلحة من الشيعة وتفجير ضريح العسكريين عليهما السلام لتاخير موعد الانتخابات بحجة ان العراق غير امن لكن اصر السيد مع التاخير بعض الشيء وحصل على ما اراد ، وكان تعامله المباشر مع الامم المتحدة التي لربما تخضع لضغوطات امريكية وهذه ليست مشكلة السيد .وفي قوة ازمة الحرب العراقية الايرانية والانتفاضة الشعبانية لم يرضخ لهم السيد الخوئي اطلاقا ، هكذا هم المراجع يتحمل مسؤوليته بما يرضي الله عز وجل وليس الحاكم .
https://telegram.me/buratha