التاريخ السياسي للعراق منذ الملك فيصل الاول وحتى سقوط الطاغية مليء بالغموض والتعاطف مع هذا والتنكيل بذاك والحقيقة التي تعرفها اليوم تنصدم بها غدا بانها اكذوبة فلا يوجد سياسي عراقي تستطيع ان تعتبره وطنيا او عميلا ومن يامل ان يصل الى الحقيقة فعليه ان يقرا بين السطور بدقة وان يعتمد الخبر الذي يتحدث عنه من عاشه وشاهده واستشهد على من يؤيد صدقه .
انا ارى كتاب مذكراتي للشاعر محمد مهدي الجواهري هو كتاب تاريخي اكثر مما هو شعري وما سرد فيه من حقائق تستحق الدراسة وتاليف كتاب خاص بها والجواهري كان صادقا فيما كتب لان عباراته منسقة ومتناسقة ولا يمكن ان تجد فيها ثغرة للكذب ، وما تحدث به في كتابه ليس كشف وثائق سرية بل علاقته بالسياسيين ابتداء بملك فيصل الاول وحتى طاغية بغداد لكن حياته كانت حافلة بالاحداث السياسية الخطيرة التي ينفرد بها هو لاسيما فترة الملوكية .
وانا في سوق الحويش رايت كتاب عن ملك العراق فيصل الاول تاليف امين الريحاني وسعره باهض الا ان صاحب المكتبة امتدح الكاتب بانه مؤرخ ووو .
في كتاب مذكراتي للجواهري تعرض لامين الريحاني عندما تهجم عليه قائلا في كتابه (قلب العراق) انه أي الجواهري ولد في ايران فارسيا ينظم الشعر وطبعا بالفارسية ، وصادف عند اقامة الريحاني في فندق تايكرس دالاس تعني قصر دجلة اتصل به الجواهري ليعلمه بانه سيرد عليه، يقول الجواهري كان القلم بيدي وانا اكتب المقال جاءني صديقي المحبب لي حسين جميل ليتوسط للريحاني الذي استنجد به ليثنيني عن كتابة المقال لم ارضخ له كتبت ونشرت وفي اليوم الثاني ظهرا حزم امتعته الريحاني وغادر العراق على وجه السرعة .
يقول الجواهري كتبت عنه جاسوس مخيف ،مجرد هاجس من الريبة وهو العربي الاصيل والامريكي الجنسية كان يتنقل بحجة الكتابة عن ( ملوك العرب ) ـ له كتاب بعنوان ملوك العرب ـ ويندس في هذا البلد العربي او ذاك ويلتقي بهذه الحجة بكل ما فيها من محافل ومجالس حافلة شاءت ام ابت وبما يصل حد التخمة من اسرار ودفائن وكوامن .
لم اعرف اني قارئ فنجان حتى قبل سنتين او ثلاث قبل كتابة هذه المذكرات وانا استمع الى اذاعة الكويت الرسمية وهي تقدم مسلسلات عن اسرار التزاحم بين انكلترا وامريكا على ارض الجزيرة لما في باطنها من ذهب واذا به يذكر امين الريحاني في الصميم من هذه الصلات والمداخلات في هذا الصراع الاستعماري وبالوثائق السعودية ( مذكراتي 1/327ـ329) .
ويعود الجواهري ليذكر عتبه الشديد على صديقه الشيخ محمد رضا الشبيبي وهو يكتب مقدمة لكتاب الريحاني ( قلب العراق ) ليمتدح الكتاب بانه " من امتع ما طلع به عليه الريحاني من كتبه : حاولت ان اجد عذرا للشبيبي عبثا وهو يمتدح بل ويتملق كتابا يشتمني به اولا ويمتدح ويتملق ايضا خصمي المعتدي عليّ ـ يقصد ساطع الحصري ـ الذي كان رضا الشبيبي نفسه من الموقعين بقلمه على سحب جنسيته وطرده من العراق عام 1941 أي بعد فشل حركة رشيد عالي الكيلاني ( ص329)
ومن معلوماته السياسية الخطيرة ان صديقه رزوق غنام ـ ارمني نجا من مجزرة الارمن على يد الاتراك وصاحب جريدة العراق ـ قال له ـ أي للجواهري ـ ان خصمك بكر صدقي وقائد القوة الجوية محمد جواد غدا سيتم اغتيالهما وهم في تركيا ، يقول الجواهري وفي اليوم الثاني اذا الاخبار تتحدث عن اغتيال بكر صدقي وقائد القوة الجوية في الموصل وهو في طريقه الى تركيا ، فعدت لغنام لاسئله كيف علمت ؟ قال ان الاغتيال من تدبير نوري السعيد مع العلم ان غنام يعشق نوري السعيد .
الجواهري يكتب بما يرى بعينه ويسمع باذنه وتاتيه المعلومة باحثة عنه لا هو يبحث عنها مثلا عندما التقى بصديقه في الشامية ابن شمسة قال له ان الانكليز لديهم علاقة مع بعض شيوخ العشائر ويترددون عليهم كثيرا ، فكتب هذا الخبر الجواهري في جريدته وعلى ضوئه تم ايقافه شهر بعدما توسل به حكمت سليمان ليعرف من هو مصدر الخبر فرفض ان يقول له ،
وللحكاية بقية
https://telegram.me/buratha