د.أمل الأسدي ||
من الواضح أن للشعوب موقفا يختلف عن موقف الحكومات بما يتعلق بقضية فلسطين، فهي قضية ثابتة لديهم، بينما تتأرجح بين النسبية والرخص لدی أغلب الحكومات العربية، وكثيرا ما نری بعض النخب العربية التي تعجز عن انتقاد حكوماتها؛ لأن حكوماتهم تحكم بالحديد والنار، فضلا عن التجويع الذي تعاني منه الشعوب، نجد هذه النخب بدلا من نصرة الحق والجهة الداعمة له، يذهبون الی مدح الطاغية المقبور، وينشرون صوره، ويصورنه البطل الذي كان يدافع عن فلسطين، ويتجاهلون بذلك تأريخه الدموي مع الشعب العراقي، ويغضون النظر عن المقابر الجماعية والإعدامات والسجون وشتی أنواع القهر والقمع!
وبعيدا عن هذا كله، نقول لهم: فلسطين قضية تبع لحاملها، فحين كان العرب يحملونها لوحدهم، كانت قضيةً قومية تشبه تماما رفع المصاحف الذي قام به جيش معاوية وعمرو بن العاص، فبطل البوابة الشرقية المزيف ومن يدعمه ويقف معه، دعم الصهاينة ومكّنهم بتحويل الحرب من قضية ثابتة بين الحق والباطل، من قضية محاربة الكيان اللقيط، حولها الی حرب إسلامية إسلامية، وعربية عربية، فشغلوا الجماهير بالحرب مع الجمهورية الإسلامية لثمانية أعوام، ثم حرب الكويت ومخلفاتها، ناهيك عن لعبة الصواريخ التي بنی الصهاينة القبة الحديدة بأموال التعويض التي أخذوها من العراق(١).
في تلك المرحلة برفقة بطل الحفرة المهزوم وملوك العرب، كانت الثورة ثورة حجارة، والمقاومة مقاومة حجارة وتلويح بالأيدي، كانت مسرحية يخرجها العرب، ويضحك ملوكهم علی جراحات الشعوب!!
أما الآن فحامل القضية وداعمها مختلف، الآن فلسطين قضية إسلامية، قضية ثابتٍ إسلامي، لهذا صارت المقاومة تتحدی وتقصف وتهاجم وتقرر وترسم وتنفذ وانتهت مرحلة دعم ابن العاص!!
الآن لسان حال المقاومين: إن تخوِّفونا بالحصار؛ فنحن أبناء شِعب أبي طالب، الذي حوّل الحصار الی قوةٍ وثباتٍ وبناء للجماعة الصالحة!!
وإن تخوِّفونا بالاجتياح البري؛ فنحن أبناء معركة خيبر، التي نسفت حصونكم وأذلت عتاتكم!!
وإن تخوفونا بالاتفاقات السرية الغادرة؛ فنحن أبناء غزوة بني النضير!!
انتهی وقت الخداع ورفع المصاحف بيد ملوك العرب!
حان الآن موعد الكرامة الإنسانية، وقد فضح الله العالم المدعي للتحضر، العالم الذي يرأف بالحيوانات ويراعي الكلاب والقطط، ويحشر أنفه مع الأسر المسلمة،ويسلبها أطفالها بحجة عدم رعايتهم الطفولة بالشكل الذي يريده الغرب، فضح الله هذا العالم الذي يجلس متفرجا علی أشلاء الأطفال، وأجساد الضحايا من النساء وكبار السن والشباب!!
فالطوفان، جرف وجرّف وعرّی وفضح!
١- ينظر:
https://youtu.be/h7tctiqxaOw?si=vjHc2_Zv_yuQf189
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha