المقالات

لماذا تغيظهم الزيارة الأربعينية؟ الأربعينية: مدرسة التوحيد العملي

454 2023-09-03

 

د.أمل الأسدي

 

نعيش هذه الأيام موسم الزيارة الأربعينية، الزيارة المليونية العالمية التي تجسد عمليا قول الرسول الأعظم (صلی الله عليه وآله): ((حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبَّ اللهُ من أحبَّ حسينا)) وبما أنها مظهر جماليٌّ فريد، مُعجِز؛ انبری أغلب العراقيين لنشر ما يلتقطونه من لوحات رائعة ومدهشة، تلقائية عفوية، محملة بالدلالات الإيجابية، فكفی بالأربعينية وسيلة لبناء الذات  ومحاربة الاستلاب، ومواجهة التغريب، وكنت من الذين خصص صفحته للمقالات والمنشورات التي توثق تلك المظاهر الروحية، فنشرت قبل يومين منشورا تحت عنوان" الخلاصة في الأربعينية" تحدثت فيه بشكل مقتضب عن لحظات الطفولة، حيث كُنا نسمع من أمهاتنا وجداتنا قصصا عن المواكب والزيارة الأربعينية، فنندهش وكأنه حديث عن الفضاء والنجوم، ودارت الأيام ورأينا تلك القصص متحققة ولكن بشكل يفوق الخيال،  واختتمت المنشور قائلة:

"الخلاصة:

نحن حتی مع الحنونة والبصل، نحلم بالمحبة والاجتماع والإمام الحسين!!

وهم؛ مع لحم الغزال المهيل يحلمون بعراق بلا حسين!

ومع الجكسارة والچارجر والترف والسفرات والحفلات والشقق التركية؛ يحلمون بعراق بلا حسين!!!!

 

شرعتنا الحب، والحب دوما منتصر"

وقُدِّر لهذا المنشور أن ينتشر  وكأنه ممول، ومنذ يومين تشهد صفحتي (د.أمل الأسدي) هجوما من حسابات عربية، من ( الأردن، مصر، سوريا، تونس، جزائر، مغرب،ليبيا) هذا غير الحسابات العراقية، يعلقون بحقد وكراهية رهيبة،  ويشتمون الشيعة ويتعدون عليهم ويكفرونهم، مع أن أغلبهم ـ ربماـ لم يقرأ المنشور أو لم يفهمه؛ ولكن الذي حركهم الصورة التي أرفقتها مع المنشور، صورة الكرم العراقي المتفرد، فهولاء يريدون للعراق أن يعيش الحرب والجوع والفقر والحرمان، يصعب عليهم  رؤية هذا الكرم المهول، وهذا الإنفاق المدهش، وهذه الحرية، فقد انتهی عصر حامي البوابة الشرقية الوهمية، وانتهی زمن تقاتل الشيعة الذي أسعدهم لثمانية أعوام، وانتهی عهد الحصار والحرمان وموت أطفال الوسط والجنوب!!

وانتهی عصر التشرد بين الدول بحثا عن مأوی آمن بعيدا عن حكومة البعث!!

انتهی ذاك الزمن بينما هم يعيشون ما بين الفقر المدقع وهدر الكرامة، والملاحقة  وفقدان الحرية،  وما بين  الحياة القطيعية التي   تقودها الحكومات وتوجهها كما تشاء!!

نحن نعيش عصر الحرية، إذ رفع العراق رأسه عاليا مصرحا بهويته، هويته الغالبة التي كانت ملاحقة علی مر العصور!! 

نعيش حياة الخير والرفاهية، فمن بين الدول العربية يتصدر العراق قوائم المسافرين للعمرة والمسافرين للسياحة، يتصدر قوائم الاستيراد، نعم؛ لدينا مشكلات كثيرة وهذا طبيعي ولكننا أفضل منكم إلی اللامقارنة!!

أقلها؛ نفتح حنفية الماء ولانحسب قطراته ونخزنه لأيام!!

نأكل ما لذ وطاب، ونسافر في كل عام علی الأقل مرة!!

وشوراعنا مليئة بأحدث السيارات، نتحدث كما نشاء ولايلاحقنا أحد، ونستقبل ضيوفنا من كل مكان ولايداهمنا أمنٌ ويهين كرامتنا!!

بغداد عاصمتنا مليئة بأماكن التبضع والتسوق، مليئة بالجامعات والكليات، وتجد  الكثير من الطلبة يدخلونها بسياراتهم الحديثة، وتقود بناتنا السيارات وتقف في محطة التعبئة ولاتنزل، فهي مبجلة محترمة فيملأ لها العامل سيارتها وهي جالسة.

 وحتی الفقراء أغنياء؛ ينفقون في الزيارة الأربعينية ويعود عليهم ما ينفقونه مضاعفا، وهذا يعني  قبول ما قدموه بدلالة قوله تعالی:((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))  وغير ذلك كله؛ فإن العراق لديه مواسم  التوحيد  وتظاهرات التوحيد، ومن أكبرها الزيارة الأربعينية، فالإمام الحسين خرج للدفاع عن دين جده المصطفی، دين التوحيد، دين لا إله إلا الله محمد رسول الله" ونحن إذ نسير في طريقه؛ نحافظ علی ماحققه ونحييه، نحافظ علی كلمة التوحيد محافظةً عمليةً!!

هذا وأغلب الدول  العربية تنظم مواسم الطرب وحفلات الرقص، ومسابقات الميسر وجلسات الخمور، أو تهتم ببناء دور العبادة الجديدة التي تحارب هوية الإسلام!!

لهذا تقطر قلوب بعضهم قبل ألسنتهم حقدا وغيظا  وحسرةً!!

وغيرةً من العراق وحسدا له!!

ولهذا نرد عليكم ردين؛ الأول:((وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا))

والآخر:((هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))

وهناك رد ثالث، أضفته تماشيا مع كرم  الزيارة الأربعينية وهو :((... فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))

إذن؛ فالزيارة الأربعينية أضحت هويةً إسلامية عالمية، تتجلی فيها أبهی الصور القرآنية وأسمی القيم الأخلاقية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك