المقالات

قصتي مع قصيدة "الزهراء"؛ شهادةٌ لا بُدّ منها..!

943 2023-08-20

د.أمل الأسدي ||

 

تعيش النفس الإنسانية  الرؤی وتمر بها وكأنها عروجٌ روحي لايُعرف تفسيره، ولاتُفهم وسائله، ففعل النوم مرتبط بقدرة خفية، تأخذ الإنسان بعيدا في عوالم لاندركها ولايمكن لنا تفسيرها، يفقد فيها الإنسان قدرته علی التحكم في واقعه المألوف،قدرته في التحكم بجسده أو التحكم في عقله، أو التحكم في مشاعره، وقد أورد لنا النص القرآني وصفا لهذه الحال في قوله تعالی:((اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (١) وهذه الآية تتحدث عن عوالم تلتقي فيها الأرواح، عوالم بين الواقع والخيال، بين الأرض والسماء، وأن القادر علی إمساكها أو عودتها، والمتحكم فيها هو الله تعالی؛ لذا لايمكنك تفسير بعض الحالات التي تمر بها، كأن تری شخصا ميتا يوصيك بشيء ما أو يحذرك من شيء ما، أو يطلب منك شيئا ما، أو قد تری شخصا مازال حيا يأتي لزيارتك، وحين تستيقظ تجده يتصل بك أو يزورك.

وقد تكون مستيقظا فتری نفسك في لحظات تعيش سيناريو غريبا ومشاهد لم تحدث، تترك أثرها عليك وعلی نفسيتك وعلی جسدك، وأحيانا تری شخصا أو مجموعة من الأشخاص لاتعرفهم، يتحدثون إليك في أمر شهدته واقعا وبقيت متعلقا به، أو يطلبون منك أن تكون مرسالا إلی شخصٍ ما مرتبط بالحدث الذي عشته!!

وعلی أية حال فالأحلام ترتبط بصفاء الإنسان؛ وكلما ابتعد بنفسه  عن فوضی الحياة وعبثها الذي أخذ يزداد يوما بعد يوم، كانت روحه مُحلِّقة في عوالم غريبة وكأنها لحظة كشف أو انخطاف أو تجل، يصعب تأويلها.

وبعيدا عن ذلك؛ يعيش الكثير من الناس حياةً واقعية، يعيشون تفاصيلها وضغوطها ونعمها وجريانها، وصخبها بسبب التكنولوجيا والقوی المتحكمة بالعالم، يعيشونها بعيدا عن تذكر قوله تعالی: ((مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))(٢)  وبعيدا عن قوله تعالی:((إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ۞كِرَامًا كَاتِبِينَ۞يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون))(٣) فأيّ أمر  أو حوار أو خطاب طبيعي، اعتيادي في حياتنا؛ هو مسجل ومثبت  ومنظور إليه، وكله مستنخ في كتابٍ آجلٍ لايغادر صغيرةً ولا كبيرة!!

وبناءً علی ذلك سأروي لكم قصتي مع قصيدةٍ شعرية رائعة، كان ذلك في عام 2016 حين نشر الأخ الشاعر المصري الدكتور البيومي محمد عوض قصيدةً عنوانها " نشيد الزهراء"

قرأت القصيدة وكتبت له رسالة طالبةً استبدال كلمة" لحم" الواردة في البيت الآتي:

رُوحِي لَكُمْ لحمٌ كُلُوهُ عَلَى الهَنَا

 إِنِّي أَفِيضُ عَلَى الحَيَاةِ هَنَاءَ

قلتُ له:  إن دلالة أكل اللحم سلبية في ذهن المتلقي العربي المسلم، فقال لي: نعم، سيكون إن شاء الله

وبالفعل استبدلها بكلمة أخری وأصبح البيت بهذا الشكل:

رُوحِي لَكُمْ قَمْحٌ! كُلُوهُ عَلَى الهَنَا

 إِنِّي أَفِيضُ عَلَى الحَيَاةِ هَنَاءَ

في هذه الليلة  رأيت في منامي رجلا  يتحدث إليّ قائلا:

قولي له: القصيدة ناقصة؛ لماذا لم يذكر أبناء الزهراء وما حل بهم؟

وبالفعل؛ أول شيء فعلته حين استيقظت، كتبت له رسالة وأخبرته بالرؤيا، فرد عليّ: الله أكبر...

اللهم، صل علی محمد وآل محمد

ثم قال: سيكون إن شاء الله

فأضاف عليها هذه الأبيات:

حَسَنَ الهُدَى! يَا بَرُّ، يَا كَبِداً مُقَطَّعَةً *  أُرِيتُ نُجُومَهَا أَشْلَاءَ

عَيْنِي عَلَيْكَ! وَأَنْتَ تَلْفِظُهَا دَماً * جَرَتِ السُّمُومُ بِجَنَّتَيْهِ بِطَاءَ

عَيْنِي عَلَيْكَ! وَأَنْتَ لَا أُمٌّ هُنَالِكَ أَوْ أَبٌ يَتَفَجَّرَانِ دَوَاءَ

عَيْنِي عَلَيْكَ! وَأَنْتَ عَيْنُ المُصْطَفَى المُخْتَارِ سَيِّدِ مَنْ غَدَا أَوْ جَاءَ

عَيْنِي عَلَيْكَ! أَهَؤُلَاءِ مُحَمَّداً حَفِظُوا لَهُ الأَسْبَاطَ وَالأَبْنَاءَ؟

أَوَّاهُ! لَوْ أَنِّي بِلَا عَيْنٍ! بِلَا * قَلْبٍ! بِلَا..! لَكِنْ رَهُفْتُ جَلَاءَ

مَا أَثْقَلَ الأَنْوَارَ يَا أَبَتِي! عَلَى كَتِفِي حَمَلْتُ جِبَالَهَا السَّوْدَاءَ

مَا أَعْجَبَ الأَقْدَارَ يَا أُمِّي! لِمَاذَا فِي الجَمَالِ أُعَالِجُ الأَرْزَاءَ؟

أَوَكُلَّمَا قَمَرٌ تَفَتَّحَ فِي المَدَى، شَنُّوا عَلَيْهِ الغَارَةَ الشَّعْوَاءَ؟!

**

صُمْ يَا حُسَيْنُ! فَلَا لِتَكْظِمَ شَهْوَةً! شَهَوَاتُنَا أَنْ نَسْتَمِيتَ رِعَاءَ

صُمْ يَا حُسَيْنُ! غَداً تُذَادُ عَنِ الوُرُودِ * وَأَنْتَ مَاءُ اللهِ هَبَّ وِجَاءَ

سَيَكُونُ أَنْ تُحْتَزَّ رَأْساً طَاهِراً * وَيَكُونُ أَنْ تُسْبَى الشُّمُوسُ بَهَاءَ

وَيَكُونُ أَنْ تَبْكِي السَّمَاءُ عَلَيْكَ يَا وَلَدِي، وَيَبْكِي المُرْسَلُونَ سَوَاءَ

صُمْ يَا حَبِيبِيَ! عَوِّدِ الرُّوحَ الظَّمَا * مِنْ قَبْلُ مَاتَ الأَنْبِيَاءُ ظِمَاءَ

أَوَّاهُ يَا سِتْرَ الغُيُوبِ المُرَّ! مَنْ * مِثْلِي تَسِيرُ لُيُوثُهَا شُهَدَاءَ؟!

تحدثت إليه يومها وشكرته وباركت له ما أضافه وانهينا المحادثة.

 وفي الليلة ذاتها رأيتُ  ثلاثة أشخاص يحملون بأيديهم سجلا كبيرا، أبيض، وقالوا لي:  أرجعي القصيدة له، مازالت ناقصة!!   لماذا لم يذكر الإمام علي؟

استيقظت مندهشةً، باكيةً، كتبت له مارأيت  وحروفي ترتجف!!

ردّ عليّ: مدد ياسيدنا مدد

وبالفعل أضاف د.البيومي  علی القصيدة ما يذكر الإمام علي(عليه السلام) وعلی لسان السيدة الزهراء:

أَنَا يَا أَبَا الحَسَنِ اشْتَرَيْتُ كَمَا اشْتَرَيْتَ، لَقَدْ رَأَى فِينَا الجَلَالُ كِفَاءَ

نُورِي وَنُورُكَ سِدْرَتَا نَارٍ تَعَانَقَتَا، فَأَتْرَعَتَا الرُّبَا نَعْمَاءَ

نَارِي وَنَارُكَ سِدْرَتَا نُورٍ تَوَحَّدَتَا، فَأَشْبَعَتَا النَّهَارَ عَمَاءَ

الكُلُّ فِينَا حَائِرٌ! مَا رَنَّةٌ عَمْيَا تَدُعُّ لُحُونَنَا الوَطْفَاءَ؟!

مَا أَنْتَ؟ مَا أَنَا؟ مَا السَّمَا تَعْتَادُنَا زَوْراً فَنُطْعِمَ أَهْلَهَا كُرَمَاءَ؟!

أَنَا يَا أَبَا الحَسَنِ انْذَبَحْتُ كَمَا انْذَبَحْتَ! لَقَدْ رَأَى فِينَا الكَمَالُ وِعَاءَ

هذه قصتي مع قصيدة الزهراء التي أحبها جدا، لجزالتها وفرادتها، ولما دار حولها، فكأنها كانت منظورةً، كما كل أعمالنا ينظر إليها الله ورسوله وأهل بيته.

ولاسيما وأن الشاعر البيومي قد كتب علی صفحته

- حينها-  أنه زار الدكتور "فكري الجزار" وقرأ عليه القصيدة، فأمسك قلما وأخذ يضع خطا هنا وخطا هناك حتی شرّك القصيدة ولم يسلم منها غير بيتين!!(٤)

كتبتُ له حينها: اُكتب ولاتستمع لكلام النقاد، استمع الی صوت روحك وحسب، افعل هذا وستكون من الآمنين(٥)

وشاركنا في الحوار حينها مجموعة من الأدباء والنقاد!

ومن يومها أرجو أن يتم تسجيل هذه القصيدة  في إحدی الفضائيات، وأن تتم دعوة الشاعر وتكريمه احتفاءً بمحبته لأهل البيت، واحتفاءً بقصيدة" الزهراء" المنظور إليها وأن يتم تصويرها في حضرتي الإمام علي  والإمام الحسين(عليهما السلام)(٦)

 ختاما؛ رأيتُ أن أدون ماحصل، وأخبر المتلقي به وإن كان ذلك بعد سبعة أعوام!!

فكل ما نفعله وما نكتبه وما نقوله  يقع ضمن قوله تعالی:((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))(٧)        

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١-سورة الزمر،الآية ٤٢

٢- سورة ق، الآية:١٨

٣- سورة الانفطار: الآيات١٠- ١٢

٤-رابط المنشور:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1179012422196354&id=100002628213697&sf

nsn=mo&mibextid=aE13LE

٥- رابط المنشور:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1179017618862501&id=100002628213697&mibextid=Nif5oz .

٦-  لمن يود الاطلاع علی القصيدة كاملةً؛ سيجدها  في ديوان بستان المسك المرفوع علی قناتي في التيلغرام:

    https://t.me/Ab_Wahab

٧-  سورة التوبة، الآية:.١٠٥

 

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك