المقالات

قافلة الخلود والكرامة؛ ندائها في كل أرض وزمان..


كندي الزهيري ||

 

 إن تحرك الإمام الحسين (ع) ، لم يكن تحرك ثوري فحسب، بل تحرك متمم لرسالة السماء؛ رسالة اللّٰه عز وجل الذي بدأها النبي (ص) ، من ثم الإمام علي و الحسن (عليهم السلام) ، لتصل هذه الرسالة إلى الإمام الحسين (ع) وتنتهي هذه الرسالة إلى صاحب العصر والزمان (عج) ، أن حركة الإمام كانت بمنزلة نداء إلى كافة البشرية ، لكون تلك الحركة تمثل إرادة اللّٰه عز وجل، تلك الإرادة التي أمرتنا ألّا يغفى لنا جَفْن والظالم يستبيح كرامة الأمة والإنسانية . الكثير ما يتكرر هذا السؤال خصوصًا في ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)، هل أن الإمام كان يعلم بأن نهاية هذه القافلة القتل والأسر أم لا؟. الجواب؛ بالمختصر نعم ، كان يعلم ذلك شاء الله أن يراه قتيل ، و شاء الله أن يرى أهل بيته سبايا ، إذًا أين ألانتصار الذي حققُه الإمام الحسين (ع) في هذه الحركة؟ . قبل الإجابة على هذا السؤال نرى بأن البعض يحاول جعل القضية الحسينية،  قشرة ظاهرية فقط، مفرغة من محتواها ورسالتها التي أرادها اللّٰه عز وجل ، يكون ذلك الفعل أي تحويل قافلة الإمام الحسين (ع) ، من رسالة عظيمة إلى حركة ثورية بسيطة جرت في بقعة ما ، وفي زمن ما وانتهى ! ، وتحويل هذه الذكرى إلى مراسيم عادية خالية من أي مظهرًا حقيقيًا من مظاهر الرسالة لتلك الحركة العظيمة ، الغريب في الأمر أن الساعين إلى هذا الفعل ، هم أنفسهم يخشون ذلك النداء ألا من ناصرًا ينصرنا . لكونهم يعلمون أن تلبية ذلك النداء يسبقُ أستعداد الروحي ونفسي، فإذا حدث ذلك لم يبق للظالمين شبرًا في أرضنا ولا فكر في حياتنا ، يطوي الوعي صفحتهم السوداء الدموية . ألانتصار الذي حققه الإمام الحسين (ع) ، وأن كان ليس عسكريًا لكن استطاع أن يعري حركات المنحرفة قبل زمانه وفي زمانه وبعد زمانه، لتبقى تلك الحركة مصدر الإلهام للكثير من الحركات المقاومة ، والأمم التي تبحث عن الكرامة والعزة ، ونحن نشاهد اليوم جميع من آمن بهذا الخط، وأعتقد به اعتقادًا حقيقيًا ، واتخاذه منهجًا ومسارًا في حياته ، استطاع أن ينتصر في كافة الميادين. الغريب في الأمر لا تستطع أي دولة ما ، خصوصًا دول الإستكبار العالمي من أرضاخ أي إنسان أو أي حركة تسير على منهاج الإمام الحسين (ع). ما وصلنا من شعارات الإمام الحسين (ع) الذي نفذها قولًا وفعلًا ، خصوصًا تلك الذي نادى فيها بالإصلاح ،وهذا الإصلاح لا يعني فقط إصلاح الأمة على المستوى السياسي إنما على كافة المستويات "الإقتصادية ،إجتماعية ،ثقافية" . وهو إصلاح حقيقي، الذي مع ترتقي الأمة ويصبح لها مكانة بين الأمم ، بل أعظمها. أن هذه الرسالة و جوهرها سر صمودنا . عدونا الذي يحاول ولا زال يسعى لتحويل هذه القضية إلى قشور مجردة من جوهرها. وإذا رجعنا إلى تلك الرسالة، لم ولن نجد أن هناك ما يدل على أن الإمام الحسين (ع) خرج من أجل الحكم أو طلب السلطة، أو المال. ولا ننسى بأن العروض كانت قائمة من أجل شيء وأحد فقط هو" أن يعطي الإمام (ع) كلمة وصوته إلى الظالمين والفاسدين " , أن هذه الكلمة التي أمتنع الإمام (ع) ، عن اعطائها كانت سببًا في أحياء ما اندثر من الرسالة المحمدية الخالدة ، واليوم ما زال ذاك الخط المعادي لتلك الرسالة، بعد أن عجز من محاربته بشكل مباشر، يحاول النخر من الداخل ، بواسطة زج مجاميع من أتباعه ، أن كان في المنابر أو وغيرها من الأماكن ، الهدف عكس صورة مشوهة تسلط الأضواء الإعلامية عليها ونشرها في كافه منصات ، لكي يصل رسالة بأن القضية الحسينية هي مجرد مراسيم وشعائر فقط. وهذا أمر مضحك بحد ذاته !، إذا كانت مجرد مراسيم وشعائر فقط فلماذا تعملون لتشويهها !، هذا من باب، من باب آخر لماذا أنتجتم التنظيمات الإرهابية لقتل من يمارس تلك الشعائر!، ولماذا دعمتم الطغاة لمنعها ! . نعم حتى هذه الشعائر لها أثر كبير في النفوس، ومن يبحث عن الحقيقة سيجد أن الخطوة الأولى للكمال تبدأ من السير إلى حضرة الإمام (ع) . وما أن تقف على بابه سينتابك شعور غريب وصوت فطري يدعوك إلى ألّا تكون راضخ ولا متعامل مع الفاسدين والظالمين والمستكبرين ، ذلك الصوت الذي ينادينا على أن نكون أحرار كرماء إعزاء مقتدرين وقادرين، الصوت الذي يدعونا إلى أن نكون أمة قوية عظيمة ،و مجتمع حر وكريم ، ويدعون إلى أن نكون متمكنين من قرارنا، وأن لا نرضخ للترهيب والترغيب الذي يمارسه أصحاب سلطة دنيوية، الذين يطلبون أن نكون خاضعين لهم مستسلمين خانعين غير قادرين على الخروج من ذلك السجن، فاقدين المقدرة و القدرة على تغيير الواقع ، مستسلمين لقدرهم ، وأن يكونوا قرابين لمغامرات الظالمين . وهذا ما لا يقبله كل حر أتخذ من الرسالة الإمام الحسين (ع) منهاج لحياته وسار عليه بصدق وإخلاص.

إن الحركات المنحرفة المدعومة من الداخل والخارج، ما هي إلا يد للمؤسسات الشيطان الغربي، التي تحاول بسط نفوذها على الشعوب وسلب خيراتها و قرارها، وها نحن اليوم نسمع ذلك النداء من فتية آمنوا بربهم، اتخذوا طريق المقاومة الحسينية سبيلًا وطريقًا نحو الحرية والخلاص، من براثن الشيطان الغربي الذي يحاول إذلال الإنسان والبشرية كافة، عبر معتقدات وفلسفة فاسدة لا معنى لها ، سوى الذل والخزي والأنحراف . أن قضية الإمام الحسين (ع)، هي قضية أبدية دائمة حتى قيام الساعة ، وهي رسالة عالمية ممتدة إلى أن يشاء اللّٰه ، لكون تلك الرسالة تمثل إرادة اللّٰه وكلمته ورسالته إلى البشرية جمعاء ، تطالبهم إن يكونوا متسابقين في ميادين الكمال ، حتى يتحقق من ذلك المعنى الحقيقي من خلق الإنسان ، ذلك الإنسان المتكامل الإلهي الذي وصل الى مرتبة يكون معها خليفة اللّٰه في الأرض ، و حجة على خلقه ، أن سرنا خلف ذلك النداء قولًا وفعلًا، و بدأنا بأنفسنا هلك الشيطان ، وسارت سفينتنا إلى نعم اللّٰه عز وجل، وأن أبينا أو أصابنا الخوف ورضخنا إلى سطوة الوهمية لإبليس وجنوده، غرقنا وهلكنا ، وما جنينا من ذلك إلا الخزي والعار . نحن نعيش في أجواء الحسينية ، المطلوب من الجميع الحسينين الحقيقيين ، إن يكون لهم دور عظيم في فضح أساليب الغرب ومؤسساتها ، التي تسعى لنشر الرذيلة وانحطاط في أرضنا ، وهذا بمنزلة الخطوة الأولى لمخاطبة العقول، و إزالت الغبار الذي تسبب به الإعلام المنحرف و ضال، الذي ساهم بشكل كبير في جعل العقول مبرمجة لما يريده، لكن القضية الحسينية بمقدورها أن تزيل ذلك الغبار و التظليل والتحريف الحقائق من عقول الناس، وجعلهم يرون الحقيقة ، ولا يفعلون فعل إلا لمرضاة اللّٰه عز وجل، ولا يخضعون لإرادة ظالمين ، إذا أردنا إن نرى الحقيقة ، علينا إن نفهم رسالة الإمام الحسين (ع) ، فإن فهمناها ما التبس علينا أمر ، ولا احترنا بتميز الوجوه ، بل على العكس من ذلك سنرى الشيطان و المنافقين وجوههم الحقيقية ، الوجه الذي لا شك فيها ولا ريب ، وسنرى وجه الحقيقة ساطع كسطوع الشمس، لا يخفيها سحاب، تلك القضية تحتاج إلى أستعداد وإرادة مسبقة ، قبل الخوض في هذا الميدان ، لكون الكثير رأى الإمام الحسين (ع) ، ويعرف منزلته ومكانته، لكن المال والسلطة التي واعدهم بها الشيطان وجنوده ، كانت حاجز بينهم وبين معسكر الحق ، مع ذلك لم ينالوها لكونها وهم ، والوهم لا يرضخ له إلا أصحاب النفوس الضعيفة. لنجعل من هذه الأيام نَظْرَة في أنفسنا ، ونرى هل نحن متمكنين منها، وهل هي تسير في الطريق الحقيقي!، أم أنها لأ زالت تسلك بنا مسالك المهالك وتجعلنا عند اللّٰه أهون هالك، فإن لم نستطع عليها لن ولم نعرف القضية الإمام الحسين (ع) ، لكون نصرة تلك القضية يحتاج إلى إرادة قوية صلبة وحقيقية و إنسان واع ، لا يخضع للترهيب والترغيب، الذي يمارس عليه من قبل أهل الشر، وهذا يحتاج إلى نفس حقيقية عاشقة لإرادة اللّٰه عز وجل.

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك