كندي الزهيري ||
إن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل والتربية والتنشئة وإلى آخره ، من هذه المسميات التي وضعت ثقافة التعري في ذهنية وعقلية الطفل ، حتى ينشأ ويتربى تربية مادية سطحية مشوهة، و في التالي ينتج مجتمع فاشل ضعيف و مهزوز، وغير قادر على التفكير والتطوير والإبداع، وسهل الانقياد لا يتمتع بحس حقيقي، ذلك الحس الذي يجعل من الذات أهمية على المستوى إنشاء الأسرة ، و على مستوى المجتمع.
ربما تحدث الكثير على ضرورة إيجاد سبيل في دعم وتطوير نشأة الطفل، ما يضمن الحصول على مجتمع ذات قيمة يقود بالحق ولا ينقاد بالباطل. إن الغرب بعد ما أطلع على الثقافة الحقيقية التي يريد الإسلام غرزها في الطفل، وتربيته على مبادئ سامية، حتى يكون له دور في حركة المنظومة الإلهية، وهذا ما ركز عليه كثيراً رسول الله محمد (ص) وأهل البيت (ع) ، من ضمن خارطة التربية والتنشئة، تعزز بها مكانة الفرد في المجتمع، رأى الغرب بإنه من الضروري عكس ما جاء به الإسلام ، من منظومة أسرية مقتدرة ، إلى منظومة عاجزة عن إنتاج أفراد فاعلين مؤثرين، إن كان في وسطهم الإجتماعي أو في حركة الأمة ، أول ما قامت فيه المؤسسات الغربية ، هي ضرب المرأة ، عبر مفاهيم حرية المرأة ، و تمكين المرأة وإلى آخره... من هذه العناوين البراقة شكلاً ... الفاسدة مضموناً ، فحين نجح في ذلك أسقط التربية والتنمية الطفل، والأسرة لم يعد لها دور حقيقي في تعزيز وتمكين المجتمع ، بل أصبحت المادة و الشهوة هي المعيار الحقيقي لإنشاء أسرة ، فتحولت الأسرة من كونها رسالة عظيمة و مهمة، الى أسرة مادية مشتتة ، ليس فيها طعم ولا لون.
يوجد مثل كثير ما سمعناه وهو (الأم ليست من «أنجبت»... بل من ربت).
وهذا يعني أن الدور الأم الحقيقية ليست الإنجاب بل أصلاً لا تسمى أم ، إنما الأم الحقيقية التي تربي وتعلم وتغرس المبادئ الإلهية في روح الطفل وتنشئ منه إنسانا مفيد وعظيم في مجتمعه، ونزيه ولا يخضع أو يخون أو يتنازل أو تعصف به الرياح أو يميل حيثما تميل الفتن، بل إنسان حر عاقل يوزن الأمور في ميزانها الحقيقي، وهذا ما لا يريده الغرب، على الرغم من أن الغرب يعطى أهمية كبرى لإنشاء الأسرة وتربية الطفل بما يتناسب مع أهدافه ومبادئه ، وأن كانت تلك الأهداف والمبادئ تعتمد في الأساس على مبدأ مادي ، و الزيف الثقافي وكيفية السيطرة على الشعوب وغرس روح الانتقام ، ومحاربة كل حر في أرجاء المعمورة. لكن مع الأسف الشديد اليوم في منظومتنا الإسلامية ومؤسساتنا ، ورغم ما تحمل هذه الأمة من إرث ثقافياً، ورصيد علمي سماوي وأرضي ، ومعلم عظيم ، له دور كبير و حقيقي تستند عليه هذه الأمة وهو رسول الله محمد (ص) , وأبواب مدينته بعد الإمام علي (ع) الاثنى عشر معصوم (ع) . السؤال الذي يسأله الجميع ، لما مؤسساتنا خصوصاً التعليمية والثقافية، لا تستطيع أن تتبنى تلك الافكار والرؤى ووضع الخارطة الحقيقية لبناء الأسرة والمجتمع! ، وبناء الإنسان في المقام الأول. ما الذي يمنع هذه المؤسسات من تغذية المرأة قبل الطفل تغذية حقيقية ، وإعطائها دور في حركة المجتمع!, لماذا تعطي هذه المؤسسات أهمية كبرى للفكر الغربي المنحل، ولماذا تفسر هذه المنظمات أن حرية المرأة يتم بتحرر الجسدي أو تحرر من قيمها و تخلع مبادئها وتصبح سلعة رخيصة تباع و تشترى!، في الواقع أو عبر السوشيال ميديا ؟، بينما هذه المؤسسات لا تدعم المرأة الحرة ذات المحتوى الحقيقي الهادف المربي، ولا تعطيها المساحة حقيقية التي يجب أن تكون عليها ، نعم أن الطفل خزينة الدولة ، واذا أردنا أن نعلم، ونرى مستقبل دولة ما ، أو أمة ؛ علينا أن ننظر إلى أطفالها. وقبل النظر إلى أطفالها علينا النظر إلى المرأة التي ربت، كيف عقلها ، وما هي مبادئها التي نشأت عليها ؟، فان كانت صالحة صلح الطفل وصلح المستقبل، وكانت هذه الأمة بخير، وأن كانت طالحة و فاسدة تلك المبادئ التي نشأت عليها، و نغرزت في عقلها وروحها فسد الطفل واظلم المستقبل وهلك المجتمع وضاعت الأمة . الأمر ليس بالسهل خصوصاً ونحن نواجه الماكنة الثقافة الغربية، وضع ثقافة المجتمع في مؤسسة الدولة وجسدها خصوصاً بأن من يدير هذه المؤسسات أكثرهم متأثرين بالثقافة الغربية ، بشكل أو بآخر تحديداً بتمكين المرأة ، وإنشاء الأسرة وتربية الطفل تربية ضعيفة مادية يميل حيثما تميل الثقافة الغربية، وهذا يؤدي بألتالي إلى أمة مصابة بٕالانفصام، تراها تنادي بالمبادئ الحقيقية الإلهية بينما تعمل بالمبادئ الفاسدة الغربية، وهي مبادئ شيطانية هدفها جعل الإنسان في تعاسة دائمة، وخزي وتسلط القوي على الضعيف وكسر أرادة الإنسان.
دعى الكثير ويدعو الآخرين من أصحاب البصائر والدراية والعقل، بأنه من الضروري أن يعاد النظر بالمؤسسات المعنية بالأمور التربوية والثقافية ، ويعاد صياغة المفاهيم التي تعنى بحقوق الطفل وتمكين المرأة، بما يتناسب مع المبادئ الثابتة والشجرة الطيبة التي نادى بها خالق الكون ورسله وانبيائه (ع)
إن كنا نريد مستقبل عظيماً !، علينا أن نعطي أهمية كبرى و حقيقية لدور الثقافة والتربية، وتنشئت العائلة وتمكين المرأة بشكل حقيقي، والاهتمام بالطفل إهتمام الذي يجعل منه إنسانا ذا تاثير إيجابي و متطور وعاقل و متمكن في المجتمع ، له دور حقيقي في حركة النهضوية للدولة . أما إذا بقيت هذه المؤسسات ترعى بإخلاص منظور الثقافة والتربية الأسرية الغربية ، فإننا سنبقى أمة متأخرة متخلفة ، و مستقبلها مجهول ، أمة تعيش في الماضي ولا ترى الحقيقة، فلا يمكن أن تنير شمس أرض أمة ، ما لم يكن لها مجتمع واع ، ولا يمكن أن يكون هناك مجتمع واع ما لم تكن هناك أسرة حقيقية ولا يمكن أن تكون أسرة حقيقية ،الا بوجود إمرأة واعية متمكنة مسلحة بثقافة إلهية حتى تتمكن من تنشئت الطفل نشأة مباركة... لكون مجتمع إلهي الحقيقي ليس فقط على مستوى الثقافي والتربوي، إنما مجتمع متطور في كافة المجالات يحكمه الإنسانية والأخلاق والدين ، الذي أراده الله -عز وجل- حتى نصل إلى الهدف المنشود من خلقنا. فلا إفراط ولا تفريط، إنما أمة وسط.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha