كندي الزهيري ||
فقد كانت القبائل العربية مختلفة فيما بينها، أيام الجاهلية الأولى، لا تجتمع على رأي وأحد، تسودها الشحناء والبغضاء. ها نحن اليوم نعيش المشهد الثاني في عصر الجاهلية الثانية، حيث أصبح المسلمون مختلفين فيما بينهم، لا يجتمعون على رأي وأحد ولا سيما الحكام العرب، وقد عبر أحد الساسة العرب عن هذا الحال بقوله: أتفق العرب على أن لا يتفقون. وليس لهم غاية إلا إرضاء أنفسهم الإمارة بالسوء، والسير بما يلائم اهوائهم ورغباتهم، مع أن الدين الإسلامي الحنيف دعانا إلى الوحدة و التوحيد، ونبذ الخلاف والسير في طريق وأحد، ضمن مبادئ واحدة لا إختلاف فيها، وهي المبادئ الإسلامية التي جاء بها الرسول الأكرم(ص) ، وسار عليها الأئمة المعصومين عليهم السلام.
والدليل على وجود الخلاف قبيل عصر الظهور الشريف للامام المهدي(ع ) ،هو وجود جملة من الروايات التي صرحت بهذا المعنى، فقد جاء عن رسول الله(ص) حيث قال( ابشركم بالمهدي يبعث في أمتي على إختلاف الناس و زلازل) بحار الأنوار، ج٥١ ، ص ٧٤.
وفي رواية: ابشركم بالمهدي ثلاث يخرج على حين إختلاف من الناس، أما رواية الثانية فهي عن الأمام الباقر(ع) قال فيها: لا يقوم القائم إلا على خوف شديد...وسيف قاطع بين العرب و إختلاف بين الناس و تشتت في دينهم وتغير في أحوالهم. بحار الأنوار، ج٥٢، ص ٣٤٨؛ غيبة النعماني، ص ٢٣٤.
والرواية الثالثة عن قدامة عن عبد الكريم قال: ذكر عند أبي عبد الله(ع) القائم(ع) فقال: إني يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال مات أو هلك في أي واد سلك. فقلت:وما استدارة الفلك؟ فقال إختلاف الشيعة بينهم. غيبة النعماني، ص ١٥٩.
وهذا الخلاف والاختلاف لا يشمل المسلمين وحدهم بل يشمل العالم بأسره شرقة وغربية كما يحصل اليوم تماما، ، فقد ورد عن أبي بصيرة عن أبي جعفر الباقر(ع) أنه قال: واختلف أهل الشرق وأهل الغرب ونعم وأهل القبلة. بحار الأنوار ، ج٥٢ ، ص ٢٣٥.
وهذه الصورة من الفرقة والتشتت الذي تعيشه الإنسانية جمعاء، يعيد إلى الأذهان حالة التشتت والفرقة في عصر الجاهلية الأولى، مما يقف دليلا على أننا نعيش الآن في عصر الجاهلية الثانية، حيث الفرقة ليسا ضمن مركز الدعوة المهدوية، المتمثلة البلدان المجاورة والمحيطة بالعراق، بل أصبحت تشمل العالم بأسره، الذي أصبح مشتتا منقسما على نفسه.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha