كندي الزهيري ||
إن الكثير المصادر تشير إلى أن دعوة الإمام المهدي ع، شبيهة بدعوة جده رسول الله (ص) ، ومن المعلوم أن الدعوة المحمدية ظهرت وقامت في عصر الجاهلية الأولى، حيث كانت المنطقة التي ظهرت فيها، تعيش أوضاعا سياسية لها مميزاتها وخصوصيتها وسماتها، التي تميزت بها عن غيرها، والتي تحكمت فيها عادة الجاهلية و أحكامها.
وعليه كان ولابد من أن تظهر دعوة الإمام المهدي (ع)، في ظل أوضاع سياسية متشابهة، كما كان عليه في صدر الإسلام.
وتتحكم بها عادات وتقاليد الجاهلية، جاهلية لم تختلف عن الجاهلية الأولى، إلا شكلا وتشابهها مضمونا، وهذا ما نستشفه من المقابلة ما بين المظاهر السياسية في الجاهليتين(الأولى و الثانية ) ، والتي عكست واقع الحال ماضيا وحاضرا.
من مظاهر الجاهلية على الصعيد السياسي هو ظاهرة الفرقة، فالقبائل العربية في الجاهلية الأولى، كانت متفرقة متنافرة فيما بينها، ويعادي بعضهم بعضا، مما جرها إلى صراعات كثيرة ، كانت على حساب قوتها وحدتها، مما جعلها متفرقة، كل قبيلة تتنحي جانبا عن الأخرى إلى أن استنقذت من الفرقة بمحمد(ص) كما في قوله تعالى: (( وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَ نࣰا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَ لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ )) ، وهذا ما أشارت آلية الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء(س) في خطبتها بقولها: " و طاعتنا نظاما للملة، وإمامتنها أمانا من الفرقة " بحار الأنوار، ج٩،ص٢٢٣؛ الاحتجاج ج١،ص٩٧.
أي إن إمامة أهل البيت (عليهم السلام ): في الأساس هي أمان للناس من الفرقة، وأنهم لو نصبوا عليا(ع) لما تفرقوا من جديد، وأصبحوا طرائق قددا .
وإذا ما حصلت الفرقة من جديد(وقد حصلت فعلا ) ،فإن الخلاص منها ولمها هو بإمامة أهل البيت عليهم السلام:أيضا وكأنها إشارة خفية من الزهراء(س) إلى ما سيكون علية حال الأمة في آخر الزمان، من فرقة وتشتت يكون لمها ورتقها بقيام قائم آل محمد المهدي المتتظر(ع) .
وقد أشار أمير المؤمنين(ع) إلى هذا الواقع المرير، كحال الامة الاسلامية وتفرها بقوله: واذكروا إذ كنتم قليلا مشاركين، متباغضبن متفرقين، فألف بينكم بالإسلام، فكثرتم واجتمعتم، فلا تتفرقوا بعد إذ جتمعتم ولا تتباغضوا بعد إذ تحاببتم. نهج البلاغة ج٤،ص٢٠٥.
إلا أنهم تفرقوا إذ جتمعوا و تباغضوا إذ تحابوا.
والآن ونحن نعيش عصر الجاهلية الثانية، فإن المسلمين العرب وغير العرب، حكومات و دول متفرقة متنافرة ينأى كل منهم على الآخر، وقد أشارت روايات أهل البيت عليهم السلام : إنها من علامات قرب القيام المقدس للامام المهدي(ع) ، ولا سيما في العراق، وعاصمته ومقره ودولته دولة العدل الألهي . فقد ورد عن أبي بصير عن الأمام الباقر(ع): لا بد لبني فلان أن يحكموا فإذا حكموا ثم اختلفوا تفرق ملكمهم وتشت أمرهم. بحار الأنوار، ج٥٢ ، ص٢٣٠. وفي رواية: ( تفرق ملكهم ) . غيبة النعماني، ص٢٥٣.
وهو دليل تفرق الكلمة وشق وحدة الصف في آخر الزمان حيث الجاهلية الثانية.
https://telegram.me/buratha