كندي الزهيري ||
مثلما أن التاريخ الغربي القى بظلاله على جميع الثقافات والحضارات، بشكل متدرج وشامل ، بعد ما مر بتقلبات، وجعل الحداثة بكل اصولها وفروعها تسود البشرية جمعاء، فإن التشكيك بمبادئ الغرب وبروز الخلل في أركانه وأسس، زعزع وهز بنفس القدر صرح الحداثة.
وعندما لا يؤمن صنيعة يد الثقافة الغربية، ونخبها بتلك المبادئ، فإن هذا الصرح لن يدوم.
وربما يتخيل بأن التشكيك في المبادئ، يعني الانهيار لجميع الأوجه، إذ يجب التريث والتأمل في هذا المجال.
أن الأزمة في المبادئ، تشكل الخطوة الأولى من توقف وتهاوي هذا الدوره، فيما تسربت الأزمة بطبيعة الحال إلى باقي الطبقات، ويسمع منها صوت تفكك وتداعي الطبقات والدعائم.
إن العودة إلى الدين في الغرب تعني التذكير بالسنة، شريطة إلا يفسر ذلك بالبحث عن مهدئ وتفرغ للسير في ذلك العالم الغربي.
إن هذا التذكير والتوجه يجب أن يتحولا إلى عهد عام لتاريخ المستقبل، لكن الأزمة في مبادئ هي على أي حال مؤشر واضح على تدهور والانهيار، بحيث أن الأزمة الأيديولوجية تنطوي بحد ذاتها على أرضية إنهيار الدنيوية وسنة فصل الدين عن السياسة.
إن الضجة التي أثيرت بأن نشأة الأصول في الغرب وفي البلاد الإسلامية، تحمل بحد ذاتها مؤشرا على إنهيار صرح الدنيوية(سكولاريزم) ، وفي الوقت ذاته فإن العودة إلى الدين مؤشر على توافر الفرص، والجهوزية لدى الإنسان للإقلاع عن الاستبداد ومغادرة الإنسان المحور.
ولابد من التساؤل: إلا يعني مداهمة الثورة المضادة جدية هذا الانهيار. والقصد هو ؛ثورة الكبرى بداخل الروح الآدمية التي تتجلى في صورها الخارجية، بالراية الخفاقة التي يحملها الشبان الذين يرحبون بالشهادة وهم يتجهون لاستقبال تاريخ الغد.
وفي هذه النهاية ثمه بداية. ولادة لابد منها والتاريخ جديد يتألق كالشمس بإسم الإله الحقيقي((ولو كره المشركون)).
وطبعا ليس من السهولة بمكان للغرب أو على الأقل المستكبرين الذين افقد كأس السلطة صوابهم، وكذلك ابناء اليهود، القبول بذلك. لذلك فإنهم استعانوا بالمنظرين من حماة السلطة، لحرف هذه النهاية وتفسيرها كما يحلو لهم وتميله عليهم مصالحهم.
وعشية الثورة الكبرى، فإن الثورة المضادة، عبات وحشدت جيش سياسي ومنظري عصر النهاية، ومعهم الجنود والمعدات الحربية لابطاء حركة هذه الثورة و إيقافها .
وقد يكون هذا الحشد العسكري ردة فعل على كلام( برنارد لويس ) المفكر اليهودي الأصل والمستشرق الأمريكي المعاصر، ومؤلف كتاب ( الشرق الأوسط والفان عام على تاريخ ظهور المسيحية وحتى الآن ) إذ قال: إن أوروبا ستتحول إلى الإسلام بنهاية القرن الميلادي الجاري ، أن برنارد لويس غير منتبه إلى هذه الثورة، وربما إنتبه إلى الصحوة الإسلامية في الشرق، وتناميها في الشرق الإسلامي قبل أن يذكر بنهاية التاريخ الغربي، بحيث أن توماس فردمن المحلل السياسي الأمريكي، كان هو الآخر شأنه شأن برنارد لويس قال: الإسلام هو ألد أعداء الغرب، وأن محاربة هذا العدو غير ممكنة عن طريق القوات العسكرية، بل يجب مواجهته في المدارس والكنائس والمساجد والمعابد.
وين فئتان اتنبهتا الى هذه الثورة وهما: الأولى؛ الفئة التي تحدثت من منطلق سلامة النفس ، عن حلول موسم الثورة ونهاية التاريخ ،ولذلك فهي تتحدث عن قرب موسم ظهور المنقذ الموعود في آخر الزمان( عج ) ،
والثانية؛ الفئة التي تشعر باهتزاز كراسي السلطة من تحت أقدامها.
وبناء على ذلك فإن الفئة الأولى بصدد التماشي والمسايرة الفئة الثانية، بصدد المعارضة والتمرد، وبما أنها أعدت جميع الأدوات الإعلامية والاقتصادية والعسكرية، فإنها أعدت وهيات نفسها بكل ما أوتيت من قوة لمواجهة قبيلة الثوريين _على أمل دحر هذا التاريخ...
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha